التميّز فكرة معنوية تقوم كرغبة في العقل والوجدان، وبالإرادة الحاسمة والتصميم الذي لا يلين يمكن أن تتحقق وتصبح واقعاً ملموساً، وهي من الهواجس الكبرى لدى الشخصيات الكبرى، إذ إنّ مطلب التميز هو الذي يحقّق الغايات ويجسّد الآمال ويدفع بالقوة الإبداعية إلى أقصى تجلياتها، وإنّ الناظر في طبيعة تفكير صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، سيرى أنّ فكرة التميّز هي واحدة من أعمق الأفكار حضوراً في شخصيته وتفكيره، وأنها تكاد تكون هي الموجّه الرئيس لمسيرته الرائدة في إدارة الدولة وتحقيق أروع مظاهر التقدم والإنجاز من خلال القناعة العميقة الراسخة بأنّ التميّز هو السبيل الأوحد والخيار المؤكد لمسيرة الدولة والإنسان.
وكقائدٍ مفكّر لم يكتفِ صاحب السمو بمجرد الإنجاز المحسوس بل نجد أنّ فكرة التميّز تحظى بعنايته الأدبية، حيث كتب كتاباً متفرّداً يحتفي بفكرة التميّز ويقترب بها من حدود النظرية هو كتاب «رؤيتي: التحديات في سباق التميز»، حيث يشتمل الكتاب على التفاصيل الثمينة لهذه الفكرة التي تشكل جوهر الرؤية للقيادة الناجحة التي تضع نصب عينيها تحقيق الامتياز في الشكل والمضمون والتنفيذ بحسب عبارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد فضلاً عن اتّسامها بالشمول والعمق، والوضوح الذي يجعلها سهلة التطبيق مع ضرورة اشتمالها على قدر من التحدّي الذي يجعل لطرحها وقع المفاجأة بشرط أن تنأى عن سهولة التنفيذ بحيث تقترب من حدود المستحيل دون أن تصل إليه.
بإيحاءٍ من هذه الأفكار الراسخة في شخصية صاحب السمو بدأت تتشكل فكرة التميّز داخل القطاع الخاص أوّلاً عام 1994م، ثم داخل القطاع الحكومي عام 1997م حيث كانت هذه المرحلة هي حجر الأساس في مسيرة طويلة تزيد على ربع قرن من التميز الحكومي الذي طُرح كمشروع متفرد على مستوى العالم، وانتقل بخطوات مدروسة نحو حكومة دبي الإلكترونية عام 2000م، وازدادت وتيرة التقدم تسارعاً حتى وصلت إلى الحكومة الذكية عام 2013 م لتحدث بعد ذلك النقلة التوعية عام 2019م بإنشاء مركز التحكّم والسيطرة رغم الظلال القاتمة لجائحة كورونا وظلت المسيرة تتقدم حتى وصلت إلى فكرة التميز المستدام عام 2022م، ولم يكن ذلك ليتحقق لولا الرعاية المباشرة والمتابعة المسؤولة من لدن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي لا يكتفي بمجرد اقتراح الأفكار وتنظير النظريات بل يتابع كلّ فكرة إيجابية حتى يراها واقعاً ماثلاً للعيان، وهذا هو ما حصل في مسيرة حكومة دبي نحو التميّز المستدام.
في هذا السياق من الاهتمام المباشر بالتميّز الحكومي لدبي رعى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفل برنامج دبي للتميّز الحكومي السابع والعشرين للتأكيد على عمق اهتمامه بهذا المنجز الفريد لدبي، حيث لم يغب عن أي احتفال من الاحتفالات التي أقيمت بهذه المناسبة المتميزة في تاريخ دبي، وتعبيراً عن غبطته بهذا الحدث الفريد نشر كلمة مفعمة بالعزيمة والأمل على مواقع التواصل الاجتماعي قال فيها: «شهدتُ اليوم حفل برنامج دبي للتميز الحكومي وتكريم الفائزين والمؤسّسات المتميزة» فهذه الرعاية العليا للبرنامج هي التعبير الأرقى عن مبلغ العناية بهذا البرنامج الذي أصبح هو روح دبي والمعبّر الحقيقي عن شخصيتها ورؤيتها، وتعزيزاً للروح الوطنية الإبداعية قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بتكريم الفائزين من الأشخاص والمؤسسات المتميزة بحيث يشمل التكريم كبار رجال الإدارة شموله للموظفين الصغار في السلّم الوظيفي، فالبرنامج يبحث عن الكفاءة والنوعية المتميزة بين جميع أبناء الوطن ومؤسساته الرائدة.
ويتابع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قائلاً: «27 عاماً ونحن نشجّع التميّز ونكرّم المتميّزين، وننشر ثقافة كانت جديدة في العمل الحكومي، واليوم بحمد الله أصبحت حكومتنا مرادفاً للتميّز» ففي هذه الفقرة الثمينة إشارة إلى المدى التاريخي لهذا البرنامج المتميّز الذي نهضت بأعبائه حكومة دبي بكلّ ما يترتب عليه من استحقاقات، حيث يتمّ تشجيع المتميّزين وإكرامهم من خلال نشر ثقافة غير معهودة داخل الإدارة العربية للدولة، فكانت هذه النتائج التي كان لها أكبر الأثر في الارتقاء بالأداء الحكومي وتحقيق مؤشرات تنافسية عالمية انعكست على موقع دبي بين دول العالم، حيث أصبحت مركزاً عالمياً للمال وريادة الأعمال، وأصبح مفهوم التميّز مرادفاً لحكومة دبي التي شقّت طريقها بعزيمة لا تعرف الملل ولا التوقف والانتظار.
وبنبرة القائد الحكيم يوصي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، جميع أبناء الوطن قائلاً: «رسالتي للجميع: التميّز رحلة وليست وجهة، وتوقعات الناس ترتفع مع تحسن الخدمات، رضا الناس غاية تتحرك باستمرار للأمام، ونحن في سباق للاقتراب منها» لتؤكّد هذه الكلمات الثمينة عمق الرؤية لدى صاحب السمو الذي يجعل التميّز رحلة الحياة وليس مجرد وجهة ومرحلة مؤقتة مع الاهتمام الصادق بموقف الإنسان الإماراتي من الأداء الحكومي، فهو لا يقنع بمجرد التقارير والأرقام بل لا بدّ أن يلمس ذلك عملياً من خلال انعكاس الأداء الحكومي على حياة الناس الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بحيث يشعر الجميع بالرضا والسعادة والأمن وعمق الانتماء.
ثمّ كانت هذه الخاتمة الرائعة التي ختم بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، كلامه قائلاً: «تستمر الرحلة وإن تغيّرت المواقع، وتبدّلت الأسماء، لتبقى وترقى في درجات المجد بلادنا» فهذا هو المهمّ في وجدان صاحب السمو: بقاء الرحلة واستمرار الإبحار في بحار الإبداع والإنجاز مهما كان الموقع الذي يحتله الأفراد والمؤسسات، فالهدف هو جودة الحياة في جميع المسارات وتنمية الكفاءات والتركيز على فكرة الريادة والابتكار، ومحاصرة فكرة الترهّل والروتين في العمل، والتصميم على الارتقاء بالوطن في مسار المجد والتميز والإبداع.
التعليقات