حكاية هذا المقال طريفة جداً، فمع وجود الفكرة الخاصة بمقال آخر، كان أمامي التلفاز والقناة الدائرة خليجية، وإذا بالممثلة هيا الشعيبي "تشيل وتضرب" بـ ناصر القصبي صفعاً وركلاً وهو يصيح متوسلاً "يرحم أمك" وهي في مهمة تأديبه لأنه اعترض على أحد مطالبها..

كلاهما أجاد في إطار مشهد تمثيلي كوميدي لافت، أحسن المخرج عمل الوقع المؤثر لها بالارتطامات بحيث إنها قد لفتت نظري لكي أنسى ما أنا بصدده وأعمل على رفع الصوت ومتابعة الحدث التمثيلي.. بصفة عامة كان مشهداً مضحكاً من خلال سطوة وتعنيف المرأة لزوجها فقط مع حسن استخدام أدوات التربية؟!.. ردة الفعل التي حدثت لي خلقت دوامة من الأفكار، بحيث إنها اتسعت لتعيد بناء الأولويات في داخلي، وليكن اتساعها أكبر من ذلك لتصل إلى التساؤل فيما يخص تعاملنا مع المرأة تسلطاً أو وجلاً، وهذا هو مربط الفرس.. لاسيما أن المشهد كان بين زوجين الانتصار فيه للمرأة التي أرادت أن تعيد تربية زوجها حسب ما عبر عنه الحوار.

أقول: إن بمقدور أي مشهد تلفزيوني أو حوار مسرحي أو سطر في كتاب أن يحفزنا على التفكير ويجعلنا نتساءل عن حجم المتغيرات التي ننعم بها ومع ذلك نتجاهلها ككتاب أو معنيين بالسلوك والتربية.. فضرب الزوجة أو الزوج وحتى الأبناء بات من الماضي؛ لأن نتاج القانون والتشريع أصبح أكثر قوة وسيطرة "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان".. وبات المجتمع الذي يستنكر على المرأة أن تلجأ للمحكمة لنيل حقوقها معتاداً على ذلك يؤيده ولا ينكره.

أستميح القارئ الكريم كي أشركه فيما حفزني إليه المشهد، لأتساءل هل مثل هذا المنظر يحدث في بعض منازلنا ودون حسيب أو رقيب؟ وهو ما دفعني لأخذ رأي مختص قانوني بقضايا الأسرة الذي أشار إلى أن الواقع القديم قد تغير بإعطاء المرأة كل حقوقها التي كانت تتعب كثيراً بالحصول عليها سابقاً، فباتت النظرة المجتمعية وحتى القضائية تنظر لها بنفس القدر للرجل، وسألته أيضاً عن الزوج فقال ضاحكاً: نادراً من يلجأ للمحكمة بسبب تعنيف الزوجة بسبب خشيته أن تصبح إهانة لرجولته؟!.

نحمد الله ونشكره أننا في مجتمع التساوي أمام القضاء لا فرق بين رجل وامرأة في الحقوق.. فحينما كنّا سابقاً نشاهد المناظر المؤذية للمرأة التي تشجع عليها التلفزيونات ووسائل الإعلام، أصبح لدينا ما يخص تعنيف الرجل وكأني بذلك المخرج وعبر مشهده الذي زينه بشدة الكلمات التي تخرج من الممثلة، قد استقر في داخله على أنه قد انتصر ضد هذا الرجل الذي تسلط كثيراً.. وحان إيقافه عند حده.

خلاصة القول: المشهد وحتى إن كان تمثيلياً إلا أنه يلفت نظرنا لمتغيرات العمل الإيجابي الكبير للمجتمع السعودي ومؤسساته فيما يخص العلاقة بين الجنسين كأعضاء في المجتمع سواء أزواجاً أو زملاء عمل أو حتى عابري طريق، ووفق ما يدعو إليه ديننا الحنيف، ونحمد الله على تنامي النظرة الإيجابية للمرأة سواء في المحاكم والأسواق وقبلها المنزل، وحتى من خلال الإعلام الذي عليه أن يدعم السلوكيات الاجتماعية الإيجابية، كموقع فائدة وثقافة يحتاجها الجميع.