لا تأت النجاحات الاستثنائية في إنشاء المشاريع ذات البعد الاستراتيجي –غالبا- من بين زحام المدن المقامة والمكتظة بالإنجازات والمشاريع، وإنما تأتي في مكان قصي عن زخم المصانع وعجلة المدينة العجلة. هذا ما حدث عندما قامت أرامكو التي أصبحت الرقم الأول عالميا، والشركة الأكبر، والتي انتعش بانتعاشها مجتمعات شرق البلاد وغربها وجنوبها وشمالها ووسطها، ووصل تأثيرها إلى أرجاء المعمورة كيانات وإنسان.

نحن اليوم نعيد الحلم، ونترقب مشروعنا الكبير الذي يأتي في مكان قريب إلى حد ما في طبيعته من المكان الذي نشأت فيه وترعرعت أضخم شركة نفط على مستوى العالم المتشكلة من صحراء وبحر ومجاورة بلدان ذات حدود برية، وحدود بحرية.

مشروع نيوم يأتي في الوقت الذي أصبحت فيه الحياة تحتاج إلى معالجة اقتصادية من نوع آخر. نوع يرتبط بالذهب التقني والمدن الذكية، والامتداد الطولي لمدينة بدأت مشاريعها تضرب في أرض المستقبل بمحراث العمل المتواصل لزرع فسائل متنوعة ومتعددة يحدوها الطموح إلى بيئة محفوفة بالحياة الصحية والتقنية المتطورة، وبعد أن كانت الأرض تحفر لاستخراج الذهب الأسود أصبحت تٌجفر أيضا لوضع الأسس المتينة لمدينة عصرية تنقل أجيال اليوم والأجيال القادمة إلى مستقبل واعد آخر يعضد المنجزات القائمة ويكمل السير بها إلى منجزات تساير طبيعة الحياة المتغيرة والمتجددة بإذن الله تعالى.

مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح، هي أهداف شكلت اللبنة الرئيسة لمدينة نيوم الواقعة في منطقة من مناطق المملكة العربية السعودية يؤهلها لتحقيق الاستفادة من موقع المملكة الرابط بين ثلاث قارات: أفريقيا وآسيا وأوروبا.

وسنحاول أن ننقل شيئا مما جاء في موقع رؤية المملكة 2030 عن مشروع نيوم، لنضع التصور في صورة مختصرة تعبر عن مدى عبقرية المشروع وضخامته والأهداف الكبرى من إقامته، وتتمثل في تنمية وتنويع الاقتصاد للمملكة، ووضعها على خريطة الريادة العالمية، أن تكون نيوم وجهة للمعيشة والعمل للعالم، تتبنى ثقافة الاستكشاف والمغامرة، تبني نموذج جديد للاستدامة، إنشاء معايير جديدة لصحة المجتمع وحماية البيئة.

مشروع نيوم الذي يقع على مساحة 26.5 مليون كيلو متر مربع، وبامتداد طولي على ساحل نيوم يبلغ 468 كيلو مترا، ويحوي 41 جزيرة، وأربع مناطق طبيعية تشمل السواحل والصحاري والجبال والوديان؛ تتسارع فيه الأعمال ويتسابق فيه الإنجاز مع الزمن، وتجتمع فيه أحدث معدات البناء والتطوير والخدمات المساندة بما يوفر كل مقومات السرعة في الإنجاز والجودة في العمل.

كانت بداية مشروع نيوم في عام 2017 عندما أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء مشروع نيوم الجريء الذي يقوده صندوق الاستثمارات العامة، ليحول الصحراء إلى مدينة مستقبلية مبتكرة في شمال غرب المملكة، تعمل بنسبة 100% بالطاقة المتجددة، لتكون نموذجا جديدا للحياة المثالية والعملية والصحية المستدامة..