جميعنا نعلم أن أي شخص يتزوج من بعد طلاق، ويأتي بزوجته الجديدة إلى البيت نفسه الذي كانت زوجته السابقة تعيش فيه، فإن أول ما يخطر على بال الزوجة الجديدة هو تغيير كل شيء يكمن خلف جدران المنزل، حتى لا ترى شيئاً على ذوق الزوجة السابقة أويخصها من قريب أو بعيد ما يزال موجوداً في الأرجاء، كأنما تود أن تمحو كل آثار وذكريات من سبقتها، لتتربع على عرش الزوجية وحدها دون منافس مرئي أو خفي.
إن هذا التصرف أمر طبيعي ومبرر في الحياة، لكن الأمر الذي أعده غير اعتيادي بالمرة هو حين يأتي مدير جديد يتبنى السلوك ذاته وسط بيئة العمل، فيكون أول ما يخطر على باله هو تبديل الأثاث وتغيير معالم المكتب وفقاً لميوله الشخصية، كأنها مقايضة أو وصفة نجاح سحرية لا تتم إلا بإدخال تعديلات معينة على مزاجه. ليس هذا وحسب، بل إن بعضهم يريد استبدال حتى الموظفين ليقوم بتعيين من يريدهم على هواه ومزاجه من الأقرباء والمعارف والأصدقاء.
هنا لا يسعني إلا أن أقول: عزيزي المدير الجديد، أنت موظف حالك حال الموظفين الآخرين، ولست عروساً جديدة لكي تسارع إلى تغيير الأثاث وتحديث تصميم المكتب والموظفين كما لو كنت ستمكث فيه بقية عمرك. تذكر أنك جئت بعدما تركت مكتبك السابق وراءك، والمطلوب منك هو أن تولي اهتمامك في المقام الأول إلى المكان الذي وضعت مسؤولاً عليه، وعلى تحقيق أهدافه، والاهتمام بموظفيه.
علاوة على ما سبق ذكره، أتمنى أن يكون هناك بند ضمن أنظمة العمل يبين أن المكاتب وديكوراتها لا يتم تغييرها الا بعد انتهاء عمرها الإفتراضي أو في حالات محددة أو ظروف خاصة، لتجنب الإسراف غير المبرر والمحافظة على الموارد المؤسسية، بحيث لا يتم هدر الأموال على أمور غير ضرورية يمكن توجيهها نحو تحسينات أكثر أهمية على مستوى العمل ككل، وأيضاً حتى لا يأتي كل قادم جديد يظن نفسه عروساً جديدة، ليطلب تغيير الأثاث وتفصيل الأمور على مقاسه.
يا ليتنا ندرك، أن الإدارة مسؤولية وتكليف لا هدية أو مكافأة، وأن تغيير الكراسي لا يعني قلب المكان الجديد على رؤوس من فيه، وأن توليك منصباً جديداً يحتم عليك احترام من سبقوك، وتقدير مسيرتهم وإسهاماتهم، وفهم الواجبات الملقاة على عاتقك، والعمل على تحسين الأداء والإنتاجية من خلال استراتيجيات ملموسة وفعّالة. يجب أن تكون الأولوية لتقديم الدعم إلى الموظفين وتعزيز بيئة العمل بشكل يسمح للجميع بالتفوق والابتكار.
التعليقات