هل يمكن فهم الطبيعة البشرية خارج التاريخ الذي سطره البشر؟ فالعالم الميتافيزيقي للإنسان والنسبية الأنثروبولوجية لممارساته تسعى للكشف عن الإمكانات والقوى الكامنة في البشر من خلال مسارات معرفة مجهولة للسواد الأعظم من البشر ولا يمكن للمعرفة المادية العلمية البحتة أن توفر تفسيراً لها أبداً.

وهل الممارسات الجسدية مثل اليوغا أو التأمل وغيرها من الممارسات الروحية على سبيل المثال لديها القدرة على تسهيل تجارب أكثر شمولية والاتصال بأبعاد لا تقاس ولا تثبت تجريبياً؟ ومن الواضح أن تجارب الاستنارة تلك يصعب فهمها وهي تعتبر استجابة للحياة بوعي كامل ومن دون حدود وهو ما يعكس مدى محدودية المنظور العلمي عندما يتعلق الأمر بفهم القوى الروحية، أو كيفية تأثير قوى الطبيعة المختلفة على الإنسان من الداخل إن اعتبرنا أن هذا العالم هو كائن حي ونحن جزء لا يرى بالعين المجردة من هذا الكون، وإنْ كانت هناك منافذ وشقوق مستترة على الأغلبية العظمى من البشر، والتي قد تسمح لنا بإلقاء نظرة خاطفة على المناطق المخفية خلف الواقع المتصور ومعرفة تتطلب تجاوز حدود العالم الطبيعي خارج حدود العالم العقلاني والعلمي.

ففي أكثر المجتمعات تقدماً من الناحية المعرفية والعلمية قد تشاهد في بعض المناطق النائية والبعيدة عن المدن أشخاصاً يسيرون بأقدامهم العارية فوق الفحم المتوهج دون حرق جلودهم. وفي هذه المجتمعات قد تجد بعض المؤسسات تلجأ للروحانيين لحل ألغاز بعض الجرائم الغامضة للغاية ومساعدتهم على استحضار الأحداث، ويبدو ذلك غريباً من خلال ممارسات أقرب إلى الشعوذة. وفي هذه الحالات يتم إعادة استخدام وبناء أنماط التفكير التقليدية ونهج يختلف جذرياً عن التفكير العلمي، ولكنه يعمل كداعم ومساعد للعلوم الحديثة والتقنيات المتقدمة، وهو توجه يعارضه العلماء بشدة، ولكنه يُستخدم اليوم حتى في الحروب والصفقات التجارية، وربما يتم استخدامه للتأثير على القرارات البشرية بطرق تتحدى العلم التجريبي، ويصبح عاجزاً تماماً أمامها.

وعادة ما تدور التساؤلات حول غموض كبير يدور حول الطبيعة الداخلية للإنسان وهل هي متطابقة مع طبيعة الكون؟ وهل تشكل النباتات والأعشاب ومشتقاتها وصفة علاجية لكل الأمراض؟

وهل من العقلاني الاعتماد الكلي على ما يسمى مخرجات البحث العلمي «الرصين والمحكم» للوصول لنتائج قطعية؟ أم أن العلم جزء من منظومة أكبر في الحياة ترتبط بالسياسة والاقتصاد والموارد في الأرض؟ وبالتالي لا يمكن القول على سبيل المثال إذا ما خلصت عدة أبحاث علمية - من مصادر تصنّف أنها موثّقة - أن المكملات الغذائية المصنعة مخبرياً غير ضارة بصحة الإنسان والاستخدام لجرعات كبيرة من فيتامين معين من تركيبات طبيعية لا يشفي أمراضاً بعينها! وهي خرافة فليس بالضرورة أن ما يعتقد به الشارع العلمي في المجمل غير قابل للنقد وقد يكون نتيجة غير صحيحة ولربما على النقيض من إجماع المجتمع الطبي الرسمي والتصريحات من المؤسسات الصحية العالمية المعنية أم أن تلك المكملات الغذائية بوابة الشفاء للعديد من الأمراض المستعصية!

السؤال المنطقي هنا: هل يمكن فصل صناعات بتريليونات الدولارات عن مخرجات عالم المال والاقتصاد والحروب من الأجيال السابعة والثامنة وندرة الموارد على الأرض؟ وهل يمكن فصلها عما ستفرضه تحديات ومخاطر التغير المناخي وتداعياته على البشرية؟

إن هناك احتمالاً بأن الدواء أوالعلاج أواللقاح الذي يتلقّاه المريض من جنسيات ومكونات العرق البشري المتنوعة يترك أثراً مختلفاً على الفئات البشرية الأخرى، فهل يؤثر لقاح فيروس ما على توزيعات الجنس البشري بنفس الدرجة؟ أم أن استجابة كل فصيل تختلف عن الآخر؟ حيث توفت عوائل بأكملها أثر الإصابة بجائحة كوفيد-19 في بعض قارات العالم، بينما أسر أخرى لم تشعر بأي أعراض ولم تكن تعلم أنها مصابة بكورونا في قارة أخرى، مع أن أفراد العائلتين من القارتين حصلوا على نفس النوع من التطعيم وأحوالهم الصحية العامة متقاربة. وهل الحقائق العلمية مجرد معرفة مؤقتة لها تاريخ بداية وانتهاء وثابت كوني كالحركة قد تكون صورة للواقع وليست واقعاً!