في صباح صافٍ في كوبرتينو، كاليفورنيا، يجتمع فريق صغير من مهندسي ومصممي آبل حول طاولة مستديرة، وعيونهم ثابتة على الشاشة. إنهم يشاهدون أحدث نسخة (سيري) قبل الإطلاق، وهم في دهشة من تفاعلاته السلسة التي تشبه الإنسان تقريباً. يتزامن هذا الإطلاق الأخير مع ما أطلقه الذكاء الاصطناعي المفتوح حيث أضيفت قدرة المحادثة الصوتية لتطبيقها حيث أظهرت قدرات فائقة تجمع فيها عناصر المحادثة الصوتية مع المرئية. إنها مغامرة جديدة وآبل تخوضها بكل ثقة.

ما نراه اليوم هو سباق تتقدم فيه شركات كبرى وتتأخر، محاولة لتسكين الذكاء الاصطناعي في منتجاتها لتبدو طبيعية دون تكلف، لكن الأمر ليس لدى الجميع بهذه البساطة. في أحدث ترقية لسيري من آبل، كشف النقاب عنها في خطوة جريئة في مستقبل المساعدين الشخصيين الذين يحركهم الذكاء الاصطناعي. لا يتعلق الأمر فقط بجعل سيري أكثر استجابة أو دقة؛ بل يتعلق بتحول تجربة المستخدمين لمستويات جديدة.

تخيل أن تسأل سيري عن الطقس، وبدلاً من الاستجابة الآلية، تتلقى تحديثاً مخصصاً يأخذ في الاعتبار موقعك وجدولك الزمني حتى تفضيلاتك الشخصية. «صباح الخير، يبدو أنها تمطر اليوم». قد ترغب في حمل مظلة. بالمناسبة، لديك اجتماع الساعة 10 صباحاً. هل تريد تذكيراً؟».

أحد الجوانب اللافتة في ترقية آبل هو التكامل بين المنتجات المختلفة، سواء كان الهاتف المحمول أو جهاز حاسب المكتب. تخيل أنك تقود سيارتك إلى المنزل، وتطلب من سيري تشغيل الأضواء وضبط منظم الحرارة. بحلول الوقت الذي تدخل فيه الباب، يكون منزلك مضاء تماماً وفي درجة الحرارة المفضلة لديك. هذا هو نوع التجربة السلسة والمترابطة التي تهدف إليها آبل لتغير قواعد اللعبة.

الإضافة الجديدة لا تختص بسيري فقط، إنما تمتد لتطبيقات أخرى كذلك. التكامل الذي تنوي تحقيقه آبل بين التطبيقات هو ما لم تستطع شركات أخرى إنجازه حتى الآن حيث تظل قدرات الذكاء الاصطناعي إضافة غريبة وليست منسوجة عبر الخدمات جميعها.

التحدي الأكبر الذي يواجه آبل والشركات الأخرى ما زال ماثلاً، كما ظهر في تجربة غوغل في المقال السابق. يمكن لسيري، مثل مساعدي الذكاء الاصطناعي الآخرين، إساءة فهم الاستفسارات أو تقديم ردود غير صحيحة. ونظراً لاتساع خريطة مستخدمي آبل في العالم، يمكن للفشل أن يحبط المستخدمين ويفقدهم الثقة في الاعتماد على التقنية.

يتطلب تحسين دقة الذكاء الاصطناعي التطوير المستمر للخوارزميات والتدريب المكثف على مجموعات البيانات المتنوعة. تحتاج آبل لذلك إلى الاستثمار بكثافة في أبحاث وتطوير التعلم الآلي لتقليل الأخطاء وتعزيز موثوقية تطبيقاتها التي توظف الذكاء الاصطناعي بكثافة. الاتساع الذي تعد به آبل في تطبيق الذكاء الاصطناعي يعتبر تحدياً أخذته على نفسها الشركة كما يبدو، ربما تعويضاً عن خروجها من سباق الذكاء الاصطناعي مبكراً ورغبتها الحادة في العودة إليه بقوة.