بدأت الإجازة الصيفية التي يسافر فيها السعوديون إلى خارج المملكة، فالأجواء المحلية ليست جاذبة بصورة كافية، لأن درجات الحرارة مرتفعة، فيما عدا مدينة الطائف ومنطقتي الباحة وعسير، وكلها لا زالت في مرحلة اكتمال بنيتها السياحية التحتية، ولايمكن اعتبارها وجهات عالميــــة لسياحة الصيف، في الوقت الحالي، وأرقــــام المملكة السياحية عام 2023، بحسب منظمة السياحة العالمية، تعطـي مؤشرا لتفوق مقيد بفترة زمنية محددة، فالنجاح موجود بالتأكيد، والدليل عليه، الصدارة السعودية لمجموعة العشرين ومنطقة الشرق الأوسط، فيما يتعلق بالنمو السياحي منذ أزمة كورونا وبنسبة 150%، يرافقه إنفـاق على السياحة الداخلية يتجاوز الـ40 مليون دولار، ويعود ذلك في جزء منه، إلى أرقام السياحة الدينية، ومعهـــا أرقام سياحة الترفية في الرياض وجدة وسياحة الاستكشاف والمغامرة في العلا، وكلها وجهات شتوية وليست صيفية.

الوجهــــات الصيفية للسعوديين في العـام الجاري، واستنادا لتقرير (سكاي سكانر)، ركزت على إيطاليا وإسبانيا واليونان، وجاء في استطلاع لـ(ديزني ديستنيشنز) أن 55% من السعــوديين، يوفرون أكثر من عشــرة آلاف ريال، أو ما يعــــادل ألفين و667 دولارًا، لإجازة نهاية العــــام، و18% ينفقون قـــرابة 50 ألف ريـــــال، أو 13 ألفًا و334 دولارًا، على سفرياتهم الخارجية، والسابق يعطي انطباعاً بأن السفر الدولي الاقتصادي، هو الخيار الأنسب لمعظم السعوديين، ولابد من ملاحظة أن مدينتــي روما والبندقيــة في إيطاليـــــا، وجـزر الكناري الإسبانية، لديها معاناة مع ما يعرف بـ(السياحة المفرطة)، وفي حالة الجزر، فإن سكانها عددهم مليوني شخص، ويزورها سنويا 12 مليون سائح، وهــــذا يؤثر على البيئة وجودة الحياة، ويؤدي إلى مزاحمة الناس على خدماتهم المحلية، وقد طـــالب أهلها بإيقـــاف السياحة مؤقتا، وفي إيطاليا هناك مطالبات بفرض ضرائب على السياح، لأن أعدادهم أصبحت عالية.

بالنظر لميزانية الصيف السعودية، عند الغالبيـــة، توجد دول أوروبية رخيصة، كالتشيك وهنغاريا ورومانيا، والتي لاتتجاوز مصروفاتها اليومية للشخص الواحد 80 دولاراً، ومعهم بولندا، وفيها يقدر متوسط الإنفــــاق الأسبـــــوعي، بحوالي 800 دولار لكـل شخص، وتعتبـر أقل في مصروفاتها بنسبة 75%، عند مقارنتها بدول أوروبا الغربيـــة، وإذا أدار السائح السعودي مصروفاته بذكاء، وكانت ميزانيته في حدود 2500 دولار، يمكنه توفير ما لايقل عن 215 دولارا.

هذا بافتراض أنه سيضع في حساباته، بأن لاتزيد ميزانية تذكرة السفر عن 1800 ريال، أو قرابة 480 دولارا، ولا يتخطى السكن اليومي 400 ريال أو 107 دولارات، وأن يعتمـد في وجباته على أكلات المخابز أو الـ(بيكري)، مع الحجز قبل موعد الرحلة بشهرين كحد أدنى، ومن المــــوقع الرئيس لشركة الطيران أو الفنـــدق، وليس من المواقع الوسيطة، كوكالات السفر والسياحة، والحرص على معرفة أسرار المدن المفيدة ماليا، ومن أمثلتها، أن أول يوم أحد من كل شهر في روما، يسمح فيه بدخول المتاحف مجاناً، ما يعني توفير 60 يورو، وهو رسم دخول المتحف الواحد، وميــــاه الصنابير العامة والخاصة في أوروبا مفلترة، وأهل البلـــد لا يشــــربون غيرها إلا نـادرا، وبالتالي فالمياه متاحة بلا كلفة، وكلها ستوفر 30% من الميزانية الإجمالية للسفر الفردي أو العائلي.

أصحاب المداخيل المحدودة، يسافرون بطرق مبتكرة، من بينها تطبيق (سكاي سكانر)، الذي يمكنه أن يقدم للسائح أرخص يوم سفر والمدينة الأرخص، في الدولة التي سيسافر إليها، ومن المواقع المهمة، موقع الاتحاد الدولي للنقل الجـوي (الأياتا)، وفيه بالإمكان معرفة الدول التي يمكن الدخول إليها بتأشيرة أو بدون، وعدد أيام الإقامة فيها، وأنظمتها وقوانينها السياحية، وتوجد تطبيقات تساعد في استخدام رحلات الترانزيت في السفر إلى دولة شركة الطيران بسعر أقل، إلى جانب موقع (الكاوتش سيرفنغ)، وفيه سكان محليون من مدن كل دولة، يقدمون خدمات الاستضافة في بيوتهم، بالمجان أو بمبالغ رمزية، ولعله يناسب الأفراد لا العوائل، ومثله المبيت فيما يعرف بـ(الهوستيل)، والذي يشبه الفندق، إلا أن مجمل خدماته، بما فيها الغرف، مشتركة بين ساكنيه، وتكلفة الإقامة فيها سقفها اليومي 20 دولارا، وفي العادة تكون مواقع (الهوستيل) استراتيجية، وفي وسط المدن السياحية.

بالإضافــة لـ(السفر التطوعي)، إلى الوجهة السياحية، وفيه يحصل الشخص على السكــن والطعام ومصروف يومي، مقابل اقتطاع جزء من وقته ومهارته في عمل معين، ومعه المواصلات الرخيصة المعروفة بالـ(هتشهايكنغ)، وتكون بالوقوف في الشارع، وانتظار من يقبل بنقل الشخص معه، ويوجد موقع اسمه (هتشويكي)، يتضمن خارطة لنقاط هذا النوع من المواصلات، في كل دولة ومدينة حول العالم تقريباً، ومعها جـــولات السياحة المجانية، (فري ووكنغ توور)، والتي تقوم بتعريف الناس على المدن السياحية بشكل موجز، ويمكن البحث عنها على (غوغل)، وما سبق قد لا يقبل التطبيق أحيانا في الداخل السعودي، رغم أهميته للسيــاحة بأنواعها، ولأسباب ثقافية معقـــــدة، يعرفها تماماً صاحب القرار السياحي، وبإمكانه إيجاد حلول توفيقية تناسبها، واخذ حصة مرضية من كعكة سياحة الصيف العالمية.