تشكل الأصول الافتراضية جزءاً أساسياً من النظام الاقتصادي والمالي العالمي، حيث تستند العديد من المعاملات المالية والتجارية إلى هذه الأصول؛ ومع ذلك فإن مفهوم الأصول الافتراضية يظل غامضاً بالنسبة للعديد من الأشخاص، ما يجعلهم يتساءلون عن طبيعتها وأنواعها المختلفة. وتعد الأصول الافتراضية جزءاً من أصول النظام المالي الذي يعتمد على الشبكة العنكبوتية والتكنولوجيا الحديثة، حيث يتم تداولها بشكل رقمي دون الحاجة للتعامل بالنقود الورقية أو العملات الحقيقية.
وقد اتجه المشرع في الإمارات إلى تعريف الأصول الافتراضية بأنها: «تمثيل رقمي للقيمة التي يمكن تداولها رقمياً أو تحويلها أو استخدامها كأداة للمبادلة أو الدفع أو لأغراض الاستثمار، وتشمل الرموز المميزة الافتراضية، وأي تمثيل رقمي لأي قيمة أخرى تحددها السلطة في هذا الشأن»، وذلك وفق القانون رقم [4] لسنة 2022 بشأن تنظيم الأصول الافتراضية في إمارة دبي.
ولعل من أهم تلك الأصول في عصرنا اليوم وأكثرها شهرة هي البيتكوين، حيث تعتبر من أول الأصول الافتراضية التي ظهرت تزامناً مع أزمة الرهن العقاري في عام 2008، وبدأ التفكير بها من قبل مبرمج أطلق على نفسه اسم ساتوشي، ويقال إنه يعيش في اليابان، حيث قام بطرح الفكرة، وهي إطلاق البيتكوين، ويقوم ذلك الأصل على طريقة التعدين وأخذ منهج الند للند، وقد أخذ ذلك الأصل بالانتشار في عام 2010، وتم على أثره إنشاء منصة لتبادل وتداول ذلك الأصل، وكانت أول سلعة تشترى باستخدام الأصل هي قطعة بيتزا مقابل 10 آلاف بيتكوين، ومن ثم توالت التعاملات لشراء باقي السلع والخدمات ولتحويل وتخزين الأموال وتبادل العملات الأخرى دون أي عمولة، أو بتكلفة إضافية بسيطة جداً.
والمشرع الإماراتي، كما هو معلوم عنه، سباق دائماً في تقنين كل ما يطرأ في العالم سواء على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي أو الرقمي، حيث –على سبيل المثال- تأسست سلطة دبي لتنظيم الأصول الافتراضية في عام 2022، وهي هيئة تنظيمية مستقلة تابعة لحكومة دبي تعمل على تنظيم خدمات الأصول الافتراضية التي يتم تقديمها في كل أنحاء الإمارة، بما في ذلك مناطق التطوير الخاصة والمناطق الحرة، باستثناء مركز دبي المالي العالمي، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال المالي والإداري، والأهلية القانونية اللازمة لمباشرة الأعمال والتصرفات التي تكفل تحقيق أهدافها.
وتهدف السلطة إلى توفير بيئة تنظيمية آمنة ومواتية للاستثمار في الأصول الافتراضية، وتحقيق التوازن بين حماية المستثمرين وتشجيع الابتكار والتطوير في هذا المجال، وتسعى سلطة دبي لتنظيم الأصول الافتراضية إلى تطوير الأسس القانونية والتشريعية التي تنظم الأصول الافتراضية وتحديثها بما يتلاءم مع التطورات التكنولوجية والاقتصادية في هذا المجال، ويشمل ذلك إصدار القوانين والتعليمات واللوائح التي تنظم عمليات الإصدار والتداول والتخزين والتحويل والاستخدام، وغيرها من العمليات المتعلقة بالأصول الافتراضية.
ختاماً يتضح أن المشرع الإماراتي، سواء على الصعيد الاتحادي أو المحلي، يحاول جاهداً وبشكل ملحوظ مواكبة التطورات الحديثة، ويشارك دائماً في ركب التميز والحداثة، الذي ينعكس من خلال التحديث الدائم للتشريعات والتعديلات التي تطرأ عليها، فالإمارات العربية المتحدة دولة راهنت على أن تكون صاحبة المركز الأول في المجالات كافة، وهذا ما حققته اليوم في المؤشرات العالمية بتقدمها وتميزها الدائم.
التعليقات