نجحت القيادية الهندية إندرا نويي، الرئيسة التنفيذية لشركة "بيبسيكو"، في رفع الإيرادات السنوية لبيبسي بنسبة 72 في المئة، وزادت صافي الأرباح أكثر من الضعف عامي 2000 و2007 بفضل استراتيجياتها الذكية وشخصيتها القيادية المميزة.
إندرا تنحدر من أسرة هندية محدودة الدخل، غير أنها شقت طريقها نحو التعليم العالي فتخرجت في جامعة ييل العريقة، وعملت في أفضل الشركات حتى سنحت لها الفرصة في العمل في إحدى أكبر شركات المشروبات الغازية (بيبسيكو) فتبوأت مقعداً في قوائم القادة المئة الأكثر تأثيراً في مجلات "تايمز" و"فورتشن" و"فوربس". بعد تتبع أحد الباحثين مسيرتها وجدها تتبع منهج القيادة التحويلية، وهو من أكثر الأساليب القيادية تأثيراً. تتمثل الفكرة في أن القائد التحويلي transformational هو من يحدث تغييراً جذرياً في مؤسساته والأفراد المحيطين به.
وترى إندرا أن "القيادي لكي يؤثر لا بد من أن يستخدم التغيير على نحو استباقي لإيجاد بيئة خاصة به وبتوجهه بدلاً من التكيف"، على حد تعبيرها. هذه المعضلة لا يدركها البعض ممن يعتقد أن القيادة مجرد ردود أفعال لما يطرأ من مشكلات. غير أن أبرز القادة الذين سطر التاريخ أسماءهم بأحرف من نور، كانوا ممن أحدثوا تغييراً جذرياً في بلدانهم ومؤسساتهم استعداداً لمستقبل أو عبر إجراء تغيير شامل وجريء.
عاصفة التغيير لا يحبها أحد لأنها قد تأتي بعواقب وخيمة على الأفراد ومناصبهم. والمديرون هم أكثر من يتحاشون التغيير أكثر من القياديين، لأنهم هم من سيضطرون إلى إعادة التدريب والتأهيل وتكثيف الرقابة والتنظيم والتوجيه والتوظيف. فمن يعمل معنا في حقب سابقة قد لا يصلح لحقبة التغيير. والتغيير يخلق بيئة جديدة بعضنا يعتبرها صحية لأنها تكافئ المجتهد وتعاقب المقصر، والبعض الآخر يراها سبباً لخسران "حظوته" ونفوذه الذي استمده من علاقاته العليا وليس من كفاءاته ولا جداراته.
رئيسة شركة Pepsi ترى أن رياح التغيير (أو قراراته) لا ينبغي أن تحدث جزافاً بل بقرارات عقلانية وأهداف مالية واضحة، مع تخطيط مستمر. وتعتقد أن الأرقام المالية والمحاسبية مهمة لكن الإنسان أكثر أهمية لتحقيق النجاح (انتهى كلامها). ولذلك أستغرب عندما أجد من يرفع لواء التغيير فيفصل خيرة المسؤولين بحجة تغيير بيئة العمل قبل أن يتأكد من أن هناك صفاً ثانياً صار مؤهلاً ومسلحاً بالمعلومات المهمة. فأخطر ما يمكن أن يضر المؤسسات مغادرة عقولها وهم يحملون معلومات ليست موجودة سوى في أدمغتهم، إذ كانوا طوال تلك الفترة يحمون مناصبهم بعدم إفشاء ما في جعبتهم من معلومات حتى يشعروا بالقوة، وهو سلوك خطير وأبعد ما يكون عن المهنية ودليل دامغ إلى ضعف الفرد.
لذا يقع الكثير من القياديين في أخطاء التغيير المتسرع، مثل نقص التخطيط، والاستسلام لمقاومة الموظفين، وعدم الإعلان عن تفاصيل التغيير فيساور الناس القلق منه. غير أنهم مما يعرفون تفاصيله ويؤخذ برأيهم يصبحون أكثر تقبلاً وميلاً نحو الانخراط في عملياته. البعض يتسرع بالتغيير وهو يفتقر إلى الموارد بشتى أنواعها فلا تأخذه جهوده إلى نتائج ملموسة. والتغيير مهدرة للوقت إذا فقد التركيز على أهداف واضحة. ومن أبجديات أي نقلة نوعية قياس مدى التقدم في رحلة التغيير التي لن تنتهي.
التعليقات