ما ينفك بنو الإنسان من معضلة إلا وأهلكتهم أخرى، واليوم مع تصاعد جماهيريات التواصل الاجتماعي تزامنت معها ممارسة سلوكية أخشى من تبعاتها على الأجيال القادمة ألا وهي «التأييد والمصادقة والإقرار» من كلمة « validation « « self-actualization» أن هذه المفاهيم الإنسانية الدقيقة لا تزال بحاجة للكثير من الدراسات فما الذي يشعر (س) أو (ص) بأنه (مرئي) أو (موجود)؟ هذا التحدي المعرفي المسكوت عنه. عام 1998 أجرى مجموعة من الباحثين الاجتماعيين بحثاً على طريقة دلفي لعينة مكونة من 26 خبيرًا دوليًا (من الناطقين بالفرنسية والإنجليزية؛ ومن الأميركيين والكنديين والفرنسيين والبلجيكيين) وخلصت الدراسة لبناء 36 مؤشرًا لتساعد على فهم ما يعنيه (المفهوم) حقًا بشكل أفضل وتم استخدامها كأساس لبناء أداة قياس وكانت أبرز تلك المؤشرات: السعي لطلب المعرفة وتحسين الذات كل يوم والتطوير والتميز المهني والشخصي، الإنجازات المتعلقة بالعمل كمصدر للسعادة والحماس للقيام بالمهام والفخر بالذات والمكانة وامتلاك هدف واضح والسعي المستمر وبالتأكيد أن هذه المؤشرات تكاد تكون متشابهة بين الكثير من المجتمعات لكن الذي يختلف هو نمطية التأييد وما الذي يجعل وجود أحدهم ذا معنى لأحد والعكس وارد.

لا يمكن الحديث عن مفهوم تحقيق الذات دون التطرق إلى أبراهام ماسلو عندما قدم «التسلسل الهرمي للاحتياجات»، لكن هناك الكثير من الباحثين الذين طوروا هذا المفهوم فالبعض وجد أنه عملية من عمليات التفرد واعتبره عملية شمولية مثل كورت غولدشتاين، كما وجد بعض الباحثين أن التصورات العامة حول تحقيق إمكانات الفرد الكاملة ترتبط بالدافع الأساسي لتحقيق المكانة والاحترام، وأجد أن الكثير يغرقون في أوهام المكانة الاجتماعية فيغرقون أنفسهم في دوامة من الالتزامات التقنية قبل المادية وتمضي الأيام واللهث خلف التأييد والمصادقة هدف لا وسيلة للبعض وفاقدي مفهوم الذات.

إن الغاية الأساسية من فهم المصادقة أن لا تركض خلف السراب، بل تهتم بمحيطك، وأن تحقق أحلامك أنت لا أحلام سواك. ولن يتحقق ذلك إلا عندما تمتلك الأدوات وأولها وأهمها سلامتك العقلية وصحتك النفسية، يليها نمط حياة صحي متزن وانضباطية عالية، وضع بالاعتبار بناء شبكة علاقات إنسانية داعمة ومنظومة مهنية متميزة. تبنى القيم الإنسانية التي تدعم السلام والأمان وطور أدواتك حتى تصل لمرحلة «المصادقة» الذاتية والتأييد المشاعري وستجد الفرق الحقيقي وابتسم.