كتبت، الأحد الماضي، عن أهمية الاندماج، واليوم أكتب عن كيفيته وكذلك أتحدث عن الاستحواذ، وسبب استدعائي مقال الأسبوع الماضي هو الخيط الرفيع ما بين الاستحواذ والاندماج، فبينهما «شعرة معاوية»، فالاندماج يتم بين شركتين بالتراضي وتُصْدِرُ الشركتان بياناً بذلك يحدد المدة التي يتم من خلالها الفحص النافي للجهالة، وقد تكون المدة سنة أو أقل، ويتم الدمج إذا اتفقت الشركتان على معادلة الدمج، وقد لا يتم الدمج إذا لم تتفق الشركتان على معادلة الدمج، وأنا هنا أتحدث عن الشركات المساهمة التي تتداول أسهمها في سوق الأسهم، وأقرب مثال على ذلك شركتا «أسمنت الجنوب» و«أسمنت ينبع»، وهما شركتان سعوديتان، حيث أعلنت الشركتان نيتهما الاندماج، وأصدرت الشركتان بياناً بذلك يحدد مدة الفحص النافي للجهالة، بعدها تحدد الشركتان الدمج من عدمه، وقد ذكرت الشركتان أنه إذا لم يتم الدمج خلال مدة الفحص فإن ذلك يعني أن ما دمج وإن كان للشركتين الحقُّ في تمديد مدة الفحص إذا شعرتا أنهما قريبتان من الاتفاق.

وفي مقابل الاندماج، هناك عملية الاستحواذ، وقد تستحوذ شركة على شركة أخرى لتصبحا شركةً واحدةً، فإذا كانت أسهم الشركتين تتداول في السوق فإن الشركة الراغبة في الاستحواذ تقوم بشراء أسهم الشركة الأخرى من السوق مباشرة، أو تشتري حصة أحد كبار المُلَّاْك أو حصة أكثر من مالك، المهم أن تسيطر على حصة الأغلبية سواء بالشراء أو بالتحالف مع عدد من كبار المُلَّاْك يؤمنون بأهمية الاستحواذ وأنه من صالحهم، وذلك لضمان التصويت لصالح الاستحواذ في الجمعية العامة غير العادية لينتج عن ذلك ميلاد شركة ووفاة أخرى مثل استحواذ شركة «أسمنت القصيم» على شركة «حائل للأسمنت»، والذي نتجت عنه وفاة شركة «حائل» وخروجها من السوق، الأمر الذي يعد في مصلحة الشركتين.

ثم نأتي لاستحواذ شركة تتداول أسهمها في السوق على شركة تعمل خارج السوق، وهنا يتم تقييم الشركة التي خارج السوق وشراؤها مباشرة أو إصدار أسهم لمُلَّاْك الشركة التي تعمل خارج السوق بما يعادل قيمة التقييم، وهنا تبرز مخاوف محددة من عملية الاستحواذ، منها تضارب المصالح، مثل أن تكون الشركة غير المدرجة في السوق مملوكةً لأحد أو لبعض مُلَّاْك الشركة المدرجة في السوق، مما يستدعي مبالغة في التقييم يضر بمصالح صغار المساهمين أو تقديم كبار التنفيذيين تقييماً مبالغاً فيه لمجلس الإدارة؛ وذلك لغرض الحصول على مكاسب شخصية، والأمر بعد ذلك يتطلب موافقة الجمعية العامة غير العادية للشركة المدرجة، وبطبيعة الحال فإن الأمر يعدّ محسوماً بحكم أن كبار المُلَّاْك هم القادرون على حسم التصويت لكبر حصتهم، وعدم تأثير صغار المساهمين في التصويت، والأمر برمته قائم على نزاهة القائمين على الشركة سواء كان مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية.

وإذا تمت عملية الدمج أو الاستحواذ بنزاهة فإن ذلك يعدّ مكسباً للشركتين من ناحية خفض التكاليف، وتعزيز الحصة السوقية، المهم أن يكون التقييم عادلاً ولا يضر بصغار المساهمين المغيب صوتهم. ودمتم.