ولو رغب شخص في تزويج ابنته، بعلمها ورضاها، بمن يحمل شهادة جامعية غير صحيحة، فهل من حق الحكومة الاعتراض على هذا الزواج؟
من الطبيعي أن يكون الجواب بالنفي، في الحالتين، وفي غيرهما من أمثلة مشابهة!
* * *
تاريخياً، تشكو حكومتنا من بيروقراطية رهيبة، ومؤخراً فقط بدأت بالتململ منها، والاتجاه نحو «الرقمنة والأتمتة والميكنة»، مع بطء واضح!
لديّ شريك يعمل مديراً عاماً للشركة، ومقيم في الكويت منذ 40 عاماً تقريباً، وصاحب كفاءة وأمانة عالية. انتهت إقامته فتقدمنا كالعادة بتاريخ 4/7/2024 بطلب تجديدها، على «الأون لاين»، فرفض الطلب لعدم صحة المرفقات. اكملنا المطلوب، فطلب السيستم مستندات وشهادات، وتكرر الرفض خمس مرات، وانتهت المعاملة بعد 14 يوماً، بعد تلبية كل طلبات هيئة العمالة لكامل شهادات الشريك الجامعية، وشهاداته الثانوية، مع كامل كشوف الدرجات لثماني سنوات دراسية، مع ضرورة ترجمتها وتصديقها، لنواجه بعدها مشكلة عدم تطابق تخصصه الدراسي، كخريج كيمياء، مع عمله كمدير عام لشركة تجارية! وهذا يحصل لأول مرة بعد 40 سنة من الإقامة في البلاد!
لا توجد كلمات تكفي لوصف حجم المعاناة، ولا كم الساعات التي أهدرت، من وقتنا ووقت موظفي الهيئة، من دون سبب منطقي، أو حتى نصف وجيه!
السؤال: ما علاقة الحكومة بالشهادات الدراسية لمن يعملون في القطاع الخاص؟ خصوصاً إن كانت جهات تجارية، لا تتعامل بالأغذية ولا الأدوية ولا أية مواد لها علاقة بصحة الإنسان؟
لماذا تُشغل هيئة العمالة نفسها، بكل ما لديها من تكدّس وتدقيق ومسؤوليات، بمثل هذه الطلبات غير المعقولة أصلاً؟!
كيف يمكن فهم كل تصريحات الحكومة المتعلقة بنيتها تسهيل عمل القطاع الخاص، ثم تصدر قرارات ليست من صميم عملها، ولا فائدة منها غير عرقلة عمل القطاع الخاص، وتطفيش الكفاءات؟
نتفهم رغبة الحكومة في التيقن من صحة شهادات العاملين لديها، فهذا من حقها، طالما أن رواتبهم تتحدد على ضوئها، لكن ما علاقتها بشهادات عشرات آلاف العاملين في القطاع الخاص، وهي أصلاً لم تنته حتى من عُشر الـ%1 من عملية تدقيق شهادات موظفي الحكومة.
* * *
نتمنى على معالي النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وهو بغير حاجة للإشادة بكبير جهوده الإصلاحية، التدخّل فوراً ووقف هذه المهزلة المعيبة، التي لا فائدة منها، والتي سببت ولا تزال تتسبب في عرقلة أعمال كل الجهات، بما فيها الحكومية.
أحمد الصراف
التعليقات