حسين الراوي

فقر الحوار في بلاد العرب، يضاف إلى الفقر في الصناعة، والطب، والقوة العسكرية، والشفافية، والفقر في نزاهة الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية، وهو منتشر على امتداد الوطن العربي، كما ينتشر الجراد في الحقول الزراعية.

نحن العرب لا نعرف كيف نتحاور في ما بيننا، ولا نعرف أي شيءٍ عن أدوات الحوار، وإلى الآن لم ندرك أن العالم رغم تقدمه وتطوره في مختلف ميادين الحياة إلا أنه لم يستطع أن يخترع آلةً واحدة تحل محل الحوار للتفاهم وتقريب وجهات النظر بين البشر.

كم هو مسكين المواطن العربي، فأنى له أن يعرف ثقافة الحوار وكيف يتعلم أبجديات الحوار وما هي أدوات الحوار؟! وكُتب المناهج الدراسية العربية تصب جُل اهتمامها على بطولاتٍ حققها أسلافهم السابقون، وعلى تاريخ عربي مُعاصر مليء بالتناقضات والخيانات والنكبات، وعلى قصائد تافهة يُجبر التلاميذ على حفظها!

وإعلامنا العربي بشكل كبير يهتم دائماً بأهل الغناء والرقص والتمثيل ويهمل أصحاب الرأي والفكر والأدب، فتراه يمطرنا بسيل عرمرم يومياً وعلى مدار الساعة عبر قنواته الفضائية المختلفة بالمسلسلات والأفلام والأغاني والبرامج غير الجيدة، حتى أصبح المواطن العربي في حال معرفية وثقافية يُرثى لها.

من النادر جداً أن تسمع وتشاهد عربيين اثنين جلسا للتحاور حول قضية ما، وانتهى ذلك الحوار بينهما بشكل جميل ومثمر، فالكثير من الحوارات العربية ينتهي قبل أن يبدأ النقاش، لأن العربي قبل أن يلتقي بأخيه العربي للحوار يرفضه إنسانياً ويرفضه فكرياً ويرفضه فسيولوجياً! ولا يهتمان في أن يُقنع أحدهما الآخر بما لديه من فكرة وحُجج وأدلة، بل كلاهما يُكرّس كل جهده في أن يُجرّح الآخر، وأن يسخر كل واحد منهما من طرح صاحبه، وأن يتبادلا السباب والشتائم، وأن يصف كل واحد منهما الآخر بالخائن والعميل!

ومن المضحك جداً أن يقول العربي للعربي الآخر الذي جلس أمامه على طاولة الحوار: «مع احترامي لك، أنت لا تفهم». فأي احترام هذا، وأي أسلوب هذا، وأي فقر مُدقع هذا في الحوار والوعي!