حمود أبو طالب
وما زالت جرعات الإثارة تتوالى في مشهد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وكانت الجرعة الجديدة في الحوار الذي تم تفجير خبره قبل وقت قصير من حدوثه على منصة (X) بين مالكها رجل الأعمال المثير إيلون ماسك والمرشح الرئاسي الجمهوري الأكثر إثارة دونالد ترمب مساء الإثنين، والذي جذب ملايين المتابعين، واستغرق أكثر من ضعف الوقت المقرر له.
لقد انتقل مسرح التنافس من قنوات التلفزيون وبقية وسائل الإعلام التقليدية إلى منصات التواصل الاجتماعي، وللمفارقة فإن ترمب كان يتحدث في المنصة التي تحيزت ضده سابقاً وصادرت حق استمراره فيها، لكنه عاد إليها واستثمرها في معركته الانتخابية بسبب دعم مالكها له، وتصريحه الواضح بهذا الدعم بعد محاولة الاغتيال التي نجا منها ترمب، وتجدر الملاحظة بأن كليهما؛ أي ماسك وترمب، رجلا أعمال من العيار الثقيل، الأول لديه أفكار وأعمال استثمارية غير تقليدية، والثاني يدير إمبراطورية تجارية قبل أن يصبح رئيساً، وسوف يستمر رجل أعمال لو أصبح رئيساً. ولذلك فإن دعم ماسك الكبير لحملة ترمب الانتخابية مالياً وإعلامياً، وقيامه شخصياً بدور المحاور، قد لا يمثل بالضرورة موقفاً حزبياً داعماً للسياسات العامة للحزب الجمهوري، بقدر ما قد يكون تطلعاً لتحقيق فرص استثمارية مستقبلية من خلال وجود رجل أعمال مماثل في موقع اتخاذ القرار. وعلى أي حال، ليست هذه سمة الحالة الأمريكية وحدها لأن التقاطعات بين السياسة والمال والأعمال موجودة في معظم أنظمة الحكم المرتهنة للانتخابات بين الأحزاب، وربما لن تكون مفاجأة إذا رشح إيلون ماسك نفسه مستقبلاً للانتخابات، فالسلطة لا يعادل إغواءها شيء، فكيف إذا اجتمعت مع المال.
لم يختلف دونالد ترمب في حواره مع ماسك عما هو عليه، مقاتل شرس من أجل الفوز، وهازئ كبير بالرئيس بايدن ونائبته المنافسة، وناقد قاسٍ لسياساتهما الداخلية والخارجية، وهو قد بدأ يشعر بالقلق من أرقام استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن منافسته ليست في وضع سيئ، ولذلك يلجأ إلى الاستعانة بكل الأوراق المتاحة له، وعلينا ألا نعتقد بأن الحزب المنافس له ليس مستعداً أيضاً بخططه ووسائل هجومه، فهي معركة كسر عظم بين الطرفين، وربما نشاهد في الفترة القادمة مواجهات ومفاجآت لا نتوقعها، ولا نملك حيالها سوى أن نقول: اللهم لطفك بالعالم من أمريكا، سواءً جاء ترمب أو جاءت كامالا هاريس.
التعليقات