ناهد الأغا

لم يمر حتى تاريخه على الأدب الغربي كـ»وليام شكسبير»... كان كاتباً مسرحياً متفرداً وشاعراً إنجليزياً متمكناً من أدوات اللغة تمكن البحار الماهر من توجيه أشرعته ليبحر بكل ثقة وتحدٍّ...

ولم يعرف الأدب العالمي أبرز منه فهو يعد أشهر المؤلفين والكتاب في تاريخ بريطانيا عموماً...

تفرد في تأليف نصوص النثر؛ وأجزل بعناية قل نظيرها نظم الشعر؛ ومكنته عبقريته الاستثنائية أن يصف بدقة بالغة فاقت حدود الإبداع الطبيعة البشرية وكتابة مكنوناتها وخباياها...

بلغت نصوصه الأدبية شهرة جابت الآفاق والأقاصي إلا أنه لايزال البعض منها يغلفه وشاح الغموض وكذلك بعض فترات سيرته الذاتية... ترجمت أعماله الأدبية ومسرحياته إلى لغات جمة بلغت أكثر من 80 لغة مختلفة...

ولد شكسبير في نيسان عام 1564 في مدينة ستراتفورد ببريطانيا لوالد من أصول قروية كان يعمل في بيع الجلود؛ أما أمه فكانت من طبقة النبلاء حيث استطاع والده الزواج بها بعد أن عمل في التجارة وولج من خلال عمله «وقد أصبح ميسوراً» إلى التقرب من طبقة الارستقراطيين...

تلقى تعليمه الابتدائي في مدينة ستراتفورد وكذلك الثانوي حيث درس في ثانوية الملك إدوارد السادس وكانت طريقة التعليم فيها قائمة على التلقين الكثيف سيما في التاريخ والأدب اللاتيني ككل واللغات والبلاغة والمنطق وغيرها من العلوم؛ فقد اشتهرت بعلو كعبها كثانوية في شتى مجالات العلم؛ وتعد من أعرق المدارس في ستراتفورد آنذاك...

قيل إن شكسبير ترك الدراسة عام 1577 وهو ابن الثامنة عشرة... ربما لأن أسرته كانت لديها الرغبة الشديدة في دخوله مجال الأعمال دعماً لوالده ومساندته... وتلك إحدى الاحتمالات غير المؤكدة تبعاً لما أشرنا قبلاً بأن حياته يكتنفها الغموض في العديد من جوانبها...

ترك شكسبير إرثاً أدبياً مثقلاً بالإبداع ومعظم أعماله الأدبية الأكثر شهرة أبصرت النور بين عامي 1589 و1613...

وقد صاغ موضوعاتها تحت عنوان الكوميديا والتاريخ وهي تندرج ضمن هذه الفهارس ويصنفها النقاد والأدباء بأنها أعظم الأعمال التي جادت بها قريحة وليم شكسبير؛ ومالبث أن عكف في الكتابة إلى المسرح التراجيدي... وقدم خلال هذه الفترة حتى عام 1608 أروع المسرحيات وهي : هاملت؛ عطيل؛ الملك لير؛ وماكبث... حتى كتب في الفصل الأخير من حياته ما يعرف بـ «الرومانسيات» أو تحت مسمى آخر «الكوميديا التراجيدية» حيث جسد بتصويره الشخصيات المسرحية قصص المآسي الكوميدية بطريقة إبداعية تفيض ابتكاراً لايجارى من أشهر المسرحيين الذين عاصروه وماتلاهم...

كما اشتهرت أعمال كثيرة له منها : تاجر البندقية؛ جعجعة بلا طحن؛ زوجات وندسور المرحات؛ الأمور بخواتمها؛ الصاع بالصاع؛ يوليوس قيصر؛ وانطونيو وكليوباترا وغيرها الكثير من الأعمال الإبداعية التي لايتسع المقام لذكرها قاطبة...

ولاتزال أعماله الأدبية حتى تاريخه تحظى بجانب كبير من الإهتمام والشعبية العالمية ؛ حيث تدرس مجدداً ويعاد تأديتها في سياق يسقط على واقع يعيشه المرء لأنها تعد المحتوى الثقافي الأبرز لماكتب وأنتج من أعمال على مستوى العالم بأكمله...

وكما خط وليام شكسبير من روايات وأعمال عالمية بحبر الإبداع؛ كذلك دون التاريخ في سفره الخالد أجمل الأقوال نقف على باقة مما قاله ؛ فمثلاً عن الثقة بالنفس التي كانت لديه الحجر الأساس الذي بنى عليه حياته؛ فهي الضمانة الحقيقية للعيش بعز وكرامة وهي الانطلاقة المبدئية للتصالح مع الذات حيث قال في ذلك :

«بانتصارك أظهر تواضعك؛ أما بهزيمتك فأظهر ثقتك بنفسك بابتسامتك»

«العالم بأسره مسرحاً لوليام شكسبير»

أما عن مدرسة الحياة والنجاح الذي يراه شكسبير مقترنا بالإرادة الصلبة الواجب فعلها للوصول إليه قال في ذلك:

«أكثر من الاستماع وقلل من الكلام»

«لاتلق الحجارة بالينبوع الذي ارتويت منه يوماً»

«إن كنت تمضي بلا هدف؛ كن حريصاً على البحث عن هدف حتى يكون هدفك»

أما عن الوقت الذي يراه شكسبير من منظوره أثمن شيء يجب على الإنسان تقديره فمن أقواله المميزة حول قيمة الوقت قال:

«عزز علاقتك مع الأشخاص الذين يقدرون الوقت فعلاً»

وعن الحب والمرأة فقد سكب شكسبير أثمن الدرر وتميزت أقواله بشأن ذلك؛ وكان لها وقع السحر لمن يقرأها:

«يمكننا عمل الكثير بالحق؛ لكن بالحب أكثر»

«ثلاثة أمور تزيد المرأة إجلالاً: الأدب والعلم والخلق الحسن»

«زينة الغني الكرم وزينة الفقير القناعة وزينة المرأة العفة»

ومهما يكن من أمر فإن الانغماس بروايات شكسبير وأعماله الأدبية الإبداعية كالذي يرد نبعاً صافياً مهما يعب منه يبقى كالظمآن يحتاج للمزيد ولايشبع؛ كيف لا وقد سمي «بالشاعر الملحمي» الأشهر على الإطلاق والذي أثرى زخم أعماله الأدب الإنجليزي والعالمي ثراءً مترفاً؛ فكان كالنجم الذي لمع بريقه في سماء الشعر والنثر حتى نال بكل جدارة واستحقاق لقب «شاعر بريطانيا الوطني.