البعض لديهم نظرة خاطئة عن التقدم في العمر، ويرون أن التقاعد، هو مرحلة توقف عن الإنتاج، وعن التزود بالمعلومات، وعدم التطور. وهي نظرة تشتد مع كبار السن بصفة عامة. والواقع يثبت أن الإنسان يفترض أن يكون في حالة من التطور والتزود بالمعرفة دون توقف، بغض النظر عن المرحلة العمرية التي يعيشها. لأن الموضوع يتعلق بالقدرات العقلية والذهنية، ولا علاقة له بالقدرات الجسدية والبنية الجسمية. بل لعل الإنسان في مراحل العمر المتأخرة أكثر حاجة للتعلم والاستمرار في التفاعل والنمو الفكري والمعرفي، لأن النشاط الذهني يحافظ على قوة العقل والقدرات الجسدية ويحسنها. ولا ننسى أن الإنسان يكتسب المعارف والخبرات طوال مسيرته الحياتية، وتصبح مصدراً للنمو الشخصي، وهو ما يعني تكوين نظرة عميقة وواقعية عن الحياة وتحدياتها، وهي معارف أحوج ما تكون لها الأجيال القادمة، ومن هنا تحضر واحدة من أهم الأدوار أهمية لكبار السن. التقدم في العمر ليس عائقاً عن التعلم والنمو الفكري، ولا هو حاجز عن التفاعل مع المجتمع، ولا هو مانع من السعي نحو النجاح وتحقيق التفوق. وفي تاريخنا المعاصر والقديم، شواهد لأناس حققوا النجاحات والتميز، وهم في مرحلة عمرية متأخرة من عمرهم، مثل الكاتبة والمؤلفة الأمريكية الراحلة لورا إنغلس وايلدر، والتي اشتهرت، بعد نشرها سلسلة كتبها تحت عنوان: «المنزل الصغير على البراري» والتي تصور حياتها ونمو عائلتها في الغرب الأمريكي في أواخر القرن التاسع عشر. هي من مواليد عام 1867م وقد بدأت في نشر سلسلة كتابها، وهي في الـ 65 من العمر، وتضم 9 كتب. وقد حققت سلسلة كتبها نجاحاً كبيراً وشهرة واسعة وباتت تعد من الأدب الكلاسيكي الأمريكي. وقد توفيت عن عمر يناهز 90 عاماً. وهناك دراسة مشهورة قامت بها جامعة هارفارد، عن التطور البشري، واستمرت لأكثر من 75 عاماً، من نتائجها المتعددة، أن السعادة والرضا عن الحياة يمكن أن تتحسن مع تقدم العمر. كذلك العلاقات الجيدة، والتعلم المستمر، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية، تساهم في تحسين جودة الحياة. وكما قال المخترع والكاتب ومتعدد المواهب الشهير جورج برنارد شو: «نحن لا نتوقف عن اللعب لأننا نكبر؛ نحن نكبر لأننا نتوقف عن اللعب».www.shaimaalmarzooqi.com
- آخر تحديث :
التعليقات