لاحظت أن هناك تفاعلات جميلة وكثيرة مع مقالاتي، التي تمس الجانب الاجتماعي والنفسي، والتي ألجأ إليها بين فترة وأخرى، من باب التغيير والخروج عن هموم السياسة وأوضاع المجتمع مع تفاعلاته مع هموم الوطن.

«وسّعْ دائرة المعارف.. وقلّلْ دائرة الثقة»، قول جميل علينا أن نطبقه في مرحلة من مراحل حياتنا، وخصوصاً في ما بعد مرحلة الشباب.

هذه المرحلة أنت تحدّد زمنها، وتحدّد أبطالها الجدد، ومن هم كورس حياتك الجدد.

متى يصل المرء إلى هذه المرحلة في حياته؟ ومتى يعتقد أن ما مضى من علاقات وتواصل مع كل الدوائر المحيطة فيه، بغض النظر عن قربها أو بعدها، تحتاج إلى إعادة نظر؟

غالباً ما نكتسب عبر كل التجارب، التي نمر فيها في حياتنا وعلاقاتنا وتشابكاتنا مع الآخرين، كل في مكانه، وحسب صلاته بنا، وحسب نوع العلاقة، خِبرة تؤهلنا لأن نُعيد تموضع هذه العلاقات مرة أخرى، بسبب تغيّر أولويات حياتنا، وتغيّر اهتماماتنا ورغباتنا في من نثق به، ومن نبتعد عنه قليلاً أو كثيراً.

‏لا يمنع أبداً أن تُوسّع دائرة العلاقات وتزيدها في أي مرحلة من مراحل حياتك، وخاصة في الثلث الأخير من عمرك.

ولكن من الضروري جداً أن يصاحب ذلك تقليل دائرة الثقة بالتوازي، لأنك يفترض ان تكون قد قمت بعملية فرز دقيقة لمن يستحق أن يستمر معك في حياتك في إطار الثقة السابقة، ومن لا يستحق.

وغالباً ما يصاحبك سنوات طويلة من عمرك بعض من كنت تعتبرهم أهلاً للثقة، وقد لا يكونون كثيرين، إلا أنك قد تضطر لأن تعيد طرفاً ما إلى مكانه الحقيقي في حياتك، مما يتطلب أبعاده أكثر وأكثر، وهو ما يجب ألا يؤلمك، بل العكس فقد يكون هذا البعد مريحاً بدرجة أكبر.

وبالرغم من الشعور بقسوة هذه المرحلة الجديدة في بعض الأحيان، فإنه على الأمد الطويل سيكون أكثر راحة.

كما تحتاج البرامج والمشاريع، لضمان نجاحها، إلى المراجعة ‏بين مرحلة وأخرى، كذلك هو الحال مع الإنسان.

فهو يحتاج إلى إعادة برمجة علاقاته، وإعادة ترتيبها حسب أولويات راحته النفسية والأُسرية والعاطفية.


إقبال الأحمد