تمسكت حكوماتنا، منذ الستينيات، بالإخوان المسلمين، وكانت للإخوان حصة في كل وزارة، وحصة في كل مناصب الدولة الأولى، وغفرت الحكومة لهم موقفهم من الكويت، أثناء الغزو، وتناست أنهم فضلوا ولاءهم للجماعة، ومواقفهم المؤيدة لصدام، على ولائهم لوطن طالما آمنهم، وآواهم، وأطعمهم، وربوا من خيره لحوم أكتافهم. السؤال الأزلي الذي يطرح نفسه دائما، ما حاجة السلطة التنفيذية لهذه الجماعة، التي تخلصت منها كل الحكومات العربية، دون استثناء، وبقيت الكويت، لسبعين عاما تقريبا، ملاذهم الآمن ومصدر أموالهم، والتي تزود تنظيمهم الدولي بكل احتياجاته المادية؟ ربما كان للحكومة عذر ما أثناء وجود مجلس الأمة وحاجتها لدعمهم واصواتهم، ووقوفهم إلى جانبها، إضافة لوجود شخصيات «إخوانية» ذات نفوذ، لكن زال المجلس وتوفي قادة الإخوان التاريخيون، فلِمَ استمرار التمسك بهم، وما مبرراته، وما سبب السكوت عن استمرار تأثيرهم السلبي الخطير في وزارات ثلاث، على الأقل، وهي الإعلام والأوقاف والتربية، مع ما يتبعها من جهات، مع كل ما يمثله وجودهم من خطر كبير. تاريخ معظم الإخوان في تغيير الحقائق والتلاعب ونفي الحقائق معروف، والكذب المستمر ديدنهم، سواء لتغطية جرائم التنظيم الدولي بحق الكويت، أو لتبرير مواقفهم الشخصية من الغزو، وهي أمور معروفة أيضا، ولم يحم الكويت من خطرهم إلا غباء قيادييهم، وهي «الفضيلة» الوحيدة التي تحلوا ويتحلون بها، التي انقذت الكثيرين من خطرهم.
* * *
يقول السيد طارق سويدان في خطبة مسجلة: من يتابعني يعرف بأنني لم أسمِّ ثورات اضطرابات 2011 بالربيع العربي! وفي حديث آخر يقول إننا نعيش الآن في الشتاء، والربيع العربي قادم، وهذه حركة التاريخ لمن يريد أن يعرف حركة التاريخ، وإياكم أن تقنطوا، وإن ثورات الربيع العربي حركة مباركة وكنا ننتظرها بفارغ الصبر، ولم نكن ندري متى تأتي لتتحرك الشعوب لأجل الحرية والكرامة والعزة والتحرر من الطغيان والاستبداد! ليعود وينسحب، بعد أن عم الخراب دول الربيع العربي، وبعد أن تبين أن خطط الإخوان قد نجحت في تخريبها، وفشلت في انتشال شعوب تلك الدول من مشاكلها وأزماتها، وحتى مجاعاتها، ويتطوع بالرد على سؤال صحافي قائلا: الآن هذه «الثورات» حدثت، وأنا لم يكن لي دور في صنعها، ولم يكن لي دور في دعمها، لا بالمال ولا بالسلاح، ولم أدخل في هذا الأمر إطلاقا، وأقولها بوضوح، أنا أعتقد أن هذه الثورات أدت إلى خراب وأدت لتدمير ومصائب آذت شعوبها! قال ذلك، وأكثر منه، وهو يعلم أنه انتصر لتلك الحركات التي يسميها «ثورات»، وخاصة السورية والتونسية والمصرية والليبية، وحتى اليمنية، وكانت له مواقف واضحة في تأجيجها، ومطالبة الشباب بالانخراط في إشعالها. المشكلة أن هؤلاء يتكلمون ويصرحون وينفون تصريحاتهم، ويخالفونها، ويعودون لها وينكرونها، وهم على علم تام بأنها موجودة على النت، إلى الأبد، مسجلة بالصوت والصورة، فماذا نسمي هذا التصرف؟ هل هي جرأة أم استغفال لعقول من يستمع لهم ويتبعهم، ويصدق أحاديثهم؟
أحمد الصراف
التعليقات