العالم التحتي، ظلامي واسع ومخيف، يمتد بطول الأرض ومدنها وسهوبها ومرتفعاتها، أبطاله ورواده يخشون الشمس ويكرهون النهار. وهذا العالم الظلامي يحييه خارجون على قوانين المجتمعات وأعرافها وقيمها، وتستعمره المنظمات الإرهابية، والمافيا والجريمة المنظمة والخطاؤون وآكلو السحت ومروجو الخبائث.

وجد عالم الظلام في شبكات التواصل الاجتماعي ملاعب ومرابع وميادين لمواصلة الممارسات الخسيسة والنميمة والقبائح.
حينما تشاهد حساباً باسم مستعار، في منصة «X» والمنصات الأخرى، فالأرجح أنه، وليس الكل، حساب ظلامي، ألغى الضمير ليمارس لغة بذيئة واشباع نفسية متأزمة كارهة، ولينفث سمومه بحرية. وقد يكون حساباً لهواية الاستفزاز والمنابزة بالألقاب، أو حساب منظمة سرية تشاغب وتستهدف دولاً وتحارب مجتمعات لتزرع الوهن والانتقاص. وقد يكون تابعاً لوكالة استخبارية، تجس النبض وتتفحص وتدقق وتجمع معلومات وتنشط في التجنيدالآثم أو لتحارب دولاً أخرى وتستهدف مواطنيها وقادتها وتستفزهم.
والاسماء الوهمية في شبكات التواصل، موديلات وأنواع، فإن وجدت حساباً مثلاً، باسم «محمد محمود» أو «صالح الـ.....» أو «جواهر آل ....» أو «فالح.... »..إلخ، ومهنته «مهتم بالشأن العام» أو «أستاذ جامعي» أو «إعلامي» أو «باحث»..إلخ، فالأرجح أنه اسم وهمي مخادع و«مضروب» (كما يقول المصريون)، إذ يجب أن يوضح اسم الجامعة والكلية أو المؤسسة التي يعمل بها أو يرتبط بها بعنوان صحيح يمكن الرجوع إليه.
لا تبتئس، قد يكون الحساب الوهمي الذي يهاجمك لزميل غاضب في العمل أو صديق قديم تحول لخصم مسموم، والأرجح أغلب الحسابات الوهمية التي تهاجم نساء، تابعة لنساء أخريات تأكل قلوبهن الغيرة، أو رجال نمامين حساد ظلاميين، تحرقهم الشمس ويخشون الصباح يريحون أنفسهم بممارسة سلوكيات خسيسة شتامة.
وبرغم كل هذه التشوهات، تظل شبكات التواصل الاجتماعي أحد أروع ما انتجه هذا العصر. والتشوهات ضريبة الخدمات العظيمة ومنافعها، إذ لا توجد ثمار مجانية بلا أشواك ومتاعب. فالإنسان المبدع الذي يوازن بين المنافع والخسائر، لم يهجر السيارات ولا الطائرات بسبب الحوادث الرهيبة، وهذا يفرض على رواد الشبكات الاجتماعية التحلي بثقافة العيش في عالم متنوع من الطيبات والخبائث. وعليهم التأني والانتقاء والصبر ومعايشة الاستفزازات والمتطفلين.
*وتر
شمس السواحل تنهض..
سلام لمدن الماء
وللسماوات الزرق،
إذ هبوب الشمال يراقص الخمائل،
@malanzi3