تعرّضنا قبل سنوات لحرمان وحرب، كانت ساحتهما المحافل والملاعب الرياضية الدولية، عندما أصدرت «الفيفا» (الاتحاد الدولي لكرة القدم)، واللجنة الأولمبية الدولية، قرارات حرمتنا من المشاركة في كل مباريات ومسابقات الاتحاد واللجنة، محلياً ودولياً، وشكلت قراراتهما إهانة رياضية وسياسية لسمعة الكويت، وكانت فترة طويلة وقاسية ومخجلة بحقنا، وكان السبب وراءها بعض من أهلنا، من الذين شعروا بأن القوانين المنظمة للنشاط الرياضي، التي يزمع مجلس الأمة إقرارها، ستؤثر في مراكزهم ومصالحهم، فقرروا تأليب الجهات الدولية ضد دولتهم وحكومتهم، بحجة صحيحة أو باطلة، تتعلق بأن في الأمر تدخلاً حكومياً في النشاط الرياضي، ويتعارض مع قوانين المنظمات الرياضية الدولية.
بعد صراع وتأخير أضرّ بنا كثيراً، وتدخلات عليا، تم رفع الإيقاف عنا، وكانت تلك الضربة، في نظر البعض، بداية انهيار الوضع الرياضي لدينا، الذي لم «يترقع» من يومها!
* * *
بالرغم من القوة المعنوية والمادية التي تمتلكها «الفيفا»، وشقيقتها الكبرى والضخمة اللجنة الأولمبية، وما تتمتعان به من صلاحيات تخولهما منع حتى دول عظمى من المشاركة في اللقاءات الدولية، كما حصل مع روسيا أخيراً، فإن هذه القوة أتت بطريقة تستحق أن تُعرف وتروى، حيث لم تكن وراءها أية جهود رسمية حكومية.
تأسس الاتحاد الدولي لكرة القدم في 1904 في باريس، بغرض الإشراف على المسابقات الدولية للكرة، بدعم من اتحادات أوروبية، وكان فضل جمعها يعود إلى الصحافي روبرت جورين، الذي أصبح تالياً أول رئيس للفيفا.
كان الهدف الأساسي للمنظمة الترويج لكرة القدم، وتنظيم المباريات الدولية، وتوحيد قواعدها. ومع الوقت، نمت «الفيفا» لتشمل كل دول العالم، ولتصبح هيئة حاكمة لإدارة المسابقات.
أما اللجنة الأولمبية، الشقيقة الكبرى والأقدم، فقد تأسست عام 1894، في باريس أيضاً، بفضل بيير دي كوبرتان، الذي سعى إلى إحياء الألعاب الأولمبية القديمة، التي كانت تُقام في اليونان القديمة. وكان يعتقد، كـ«تربوي ومؤرخ»، ان إحياء الرياضة بين الشعوب له دور كبير في تعزيز السلام والتفاهم، ووسيلة لنشر روح التعاون والتسامح بينها، وتعزيز التعليم الجسدي للشباب، وهكذا تأسست اللجنة من خلال لقاء في جامعة السوربون، بحضور ممثلي 12 دولة، حيث تم اتخاذ قرار تأسيس اللجنة، وانتخاب اليوناني ديمتريوس فيكيلاس، أول رئيس لها، وكانت مهمتها الأولى تنظيم الدورة الأولمبية المقبلة، وجعلها كل أربع سنوات، وتوفير إطار قانوني ورياضي لها، واختيار المدن المستضيفة للألعاب، وضمان الالتزام بالقواعد والأهداف الأولمبية. وكانت اليونان مسرح أول تنافس دولي حديث، بمشاركة رياضيين من 14 دولة. ومع الوقت انضمت كل دول العالم للجنة، وأصبحت ذات نفوذ عظيم، وكانت قوتها وتأثيرها العظيم عامل جذب للقوى المخربة، حيث لم تخلُ، معظم لجانها الدولية، من شبهات فساد كبير.
* * *
مناسبة الحديث عن الفيفا والأولمبية يعود إلى ما أصبح يثار حالياً من أن الكويت قد تتعرّض ثانية للمقاطعة، بحجة أن الحكومة الكويتية، قد تدخلت، أو سوف تتدخل في عمل اتحاد كرة القدم، الذي يعمل حسب قوانين «الفيفا»، وليس قوانين الدولة، وهذا أمر يجب تجنبه، إن كنا نود البقاء في المنظمة الدولية، واللعب حسب قواعدها. لكن، حسب علمي، لم تصدر عن الحكومة أي إشارات أو تعليمات، كتابية أو شفوية، تمثل تدخلاً في أعمال الاتحاد.
أحمد الصراف
التعليقات