لبنان «صندوق بريد». منذ نعومة إظفارنا ونحن نعرف لبنان، في طوائفه وأحزابه ومشاكله وتكتلاته، لأنه عرف بصراعاته المشهودة، الظاهر منها والباطن.

هذا ما جعل منه كياناً جاذباً لتدخلات كثير من الأطراف الدولية، التي اعتبرته «صندوق بريد»، كما وصفه أحد أهل البلد، أطراف ترسل من خلاله رسائل إلى الأعداء والمنافسين.

دول عربية وغير عربية مارست عرض عضلاتها، ومحاولات تصفية أعدائها على أرض غير أراضيها، بل على أرض لبنان المسكين.

من خلال «صندوق بريد» لبنان يتم تفجير مكان ما، أو مصلحة ما، أو تصفية شخصية لا تتفق مع نهجها أو سياساتها، سياسة دولة خارج حدود لبنان، ولكنها موجودة على أرضها بإرهابها وسلاحها.

من يُرد تصفية عنصر يشعر أنه خطر على بلاده فإن ساحة لبنان هي الأرض، ومن يرغب بتوجيه تحذير أو قرصة أذن، فإن تربة لبنان خصبة لتنفيد ذلك.

دول عربية، وأيضاً غير عربية، مارست تهديدات بشكل مكتوب أو مسموع، أو قامت بفعل إرهابي، ما بين تفجير أو اغتيال أو تدمير، على أرض لبنان المسكين.

لهذا نرى لبنان ذلك البلد الجميل، ذلك البلد الذي لا يستطيع أياً كان إلا أن يحبه من أول نظرة، كل من سمع عنه أو أكل من أطباقه أو هام بصوت فيروزه وطرب لصوت وديعه، أو من سعد بقراءة كتابات معلوفه وشعر جبرانه.

ذلك البلد الذي عشقه كثيرون، بأرزّه الاخضر وثلجه الابيض وضبابه الناعم، بتكبير مساجده وترانيم كنائسه..

كل من أحب وعشق لبنان، وإن لم يزره..

إلا إنها الطائفية والحزبية اللتين نخرتا عظام الجسد اللبناني واضعفتاه، وأصبح لكل منهم وطنه يدافع عنه ويُقتل من أجله.

ضاع لبنان الوطن للأسف، وبقي لبنان المسيحي والسني والشيعي والدرزي، ضاع لبنان الكبير، وبقي فتات لبنان.

كانت حزبية وطائفية لبنان أخشاباً تُلقى في نار الوطن، حتى كبرت وزادت، فأكلت الأخضر واليابس.

أعان الله كل أهل لبنان.

***

‏إلى أهلنا في الكويت: كونوا سدّاً منيعاً أمام كل من يغذّي أي تحزّب طائفي أو ديني أو قبلي، وكونوا خير من يعزّز وطنية بلدنا الكويت فقط، ولا شيء غير ذلك، حتى لا نكون صندوق بريد، أو لقمة سهلة لينة، تجعلنا أرضاً خصبة للثأر وصب الأحقاد.


إقبال الأحمد