في ظل التحديات العالمية الراهنة والتغيرات المستمرة التي يشهدها العالم، تبقى الشراكة والصداقة واحدة من القيم الإنسانية الأساسية التي تسهم في تعزيز السلام والتفاهم بين الشعوب، وتعتبر علاقات استراتيجية مهمة لبناء جسور من التعاون والاحترام المتبادل بين الأفراد والمجتمعات والدول، وفي هذا السياق، يبرز اسم القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كأحد القادة الذين أدركوا مبكراً أهمية الصداقة والشراكة كعنصر أساسي في بناء دولة قوية ومستدامة، من خلال استراتيجياته وتوجيهاته نستطيع فهم كيف كانت عاملاً محورياً في رؤيته التنموية للدولة.

كان يؤمن بأن الشراكة والصداقة تُسهم في استقرار المجتمعات وتقدمها. وقد قال، «كلما كانت الصداقة مع الجار أقوى كان ذلك أدعى إلى الاطمئنان والتقدم والاستقرار، وبالعكس كلما كانت هناك قلاقل وبلبلة بين الجيران، كان ذلك أدعى إلى الخسارة والتأخر أو الجمود، وبعثرة الجهود والأموال فيما لا يفيد». من خلال هذه الرؤية، يظهر حرصه على تعزيز العلاقات القوية مع الدول المجاورة لتحقيق الاستقرار والتقدم.

في إطار تعزيز العلاقات الدولية، كان القائد المؤسس الشيخ زايد يؤمن أن العلاقات يجب أن تقوم على أسس من الود والاحترام المتبادل. وقد أكد ذلك بقوله، «لسنا بحاجة إلى تدخل، ولا نرضى بأي تدخل؛ فنحن نسير أمورنا فيما يخصنا، ولا نرضى وصاية أو تدخلاً لا من الشرق ولا من الغرب. نحن أمة لا نرضى بأي أسلوب يجعلنا بعيدين عن المسؤولية في أمورنا الداخلية ومصالحنا، ونحن نرد على كل استفسار، ونحرص دائماً على أن تكون علاقاتنا مع كل الدول علاقات صداقة وود».

واستمر الشيخ زايد في بناء الجسور مع مختلف الدول، مُعتبراً أن الشراكة والصداقة الحقيقية لا تقوم فقط على المصالح المشتركة، بل على الإنسانية والتعاون المشترك. وقال في هذا الصدد، «الدول العربية والإسلامية نعتبرها علاقة الأخوة في الإسلام، التي فرضها علينا ديننا الحنيف، ونحن نتعامل مع هذه الدول معاملة الأخ لأخيه. أما الخط الآخر لسياستنا مع الدول غير الإسلامية، فهو خط إنساني بحت، فعلى اعتبار أننا جزء من هذا العالم، فعلينا واجب نحو البشرية: نتعاون معها، ونتعامل معها كبشر، ونحترمهم كبشر، ويحترموننا كبشر، ونكن لهم بقدر ما يكنون لنا من صداقة وود».

آمن الشيخ زايد بأن بناء الصداقات يتطلب جهداً وتعاوناً متبادلاً، وهذا ما عبّر عنه عندما قال، «قمنا بالمستحيل لإبراز هذه الدولة وكيانها ودورها، واجتهدنا في تكوين الأصدقاء. والصداقة هي أن تكون بدون حاجة لشيء إلا للصداقة؛ لأننا نؤمن بأن بروز دولة الإمارات في العالم ما هو إلا قوة للأمة العربية. ودخول عضو صحي إلى كيانه».

وفي سياق العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية، رأى أن المصالح المشتركة تعزز من قوة الصداقات، قائلاً: «الصداقة تدعمها المصالح المتبادلة بين الطرفين، ولا صداقة بدون مصالح».

ولم تقتصر رؤية الشيخ زايد على الصداقة مع الدول العربية والإسلامية فقط، بل شملت أيضاً تعزيز العلاقات مع جميع دول العالم. وقد أكد على أهمية توسيع نطاق الصداقات بقوله، «إن أبوظبي تقترب من كل من يمد يده إليها. وعلينا نحن في هذا الخليج أن نزيد من الصداقة، وأن نكتسب صداقات جديدة قوية وندعم علاقاتنا مع أصدقائنا».

يظهر جلياً كيف جعل القائد المؤسس الشيخ زايد مفهوم الشراكة والصداقة محوراً أساسياً في بناء الدولة، مستفيداً من قيمها لتعزيز السلام والاستقرار والتنمية، ونحن نبحث عن النماذج الاستراتيجية العلمية نتذكر رؤيته الحكيمة ونستلهم منها لبناء مستقبل مشرق يعتمد على التفاهم والتعاون الدولي، ونشهد كيف استفادت قيادتنا الرشيدة من مفهوم الشراكة والصداقة عند الشيخ زايد وعززته وجعلته نهجاً في علاقاتنا الدولية، تُركز على بناء جسور من التفاهم والاحترام المتبادل، وتعزيز التعاون المشترك لتحقيق المصالح المشتركة. كما تعمل على تعزيز الصداقة بين الشعوب والثقافات المختلفة من خلال تبني سياسة تقوم على الحوار والتسامح وتقدير التنوع الثقافي.