علي الخزيم

= يُقال: (إن سوء الظن أحيانًا من الفِطنة)؛ وعند تطبيق هذا الرأي على بعض حالات المتسولين الجائلين مِمَّن يزعمون أنهم أُسر وافدة فقيرة ويلتمسون مِنَّا العون بكل موقع وزاوية: فلربما انكشف حالهم وكذبهم؛ ولربما تفاجأ صاحب الشأن والقرار بخفايا ومصائب أدهى خلف مزاعمهم، فالمآرب والمقاصد من التسول قد لا تكون لمجرد طلب لقمة؛ بل لعل الأهداف أبعد وأشنع.

= واستكمالًا لملاحظات (الجزء الأول) أقول: قد يُصعق (المُفتش أو المفتشة) المَعنِي بمتابعة المتسولين -إن كانوا يؤدون هذا العمل- حين يكتشف أن المرأة التي ضمن فريق العائلة المتسولة ليس سوى رجل يَتخفَّى بعباءة نسائية للتمويه، وهذا غير مستبعد فقد فعلوها مرارًا وبأماكن مختلفة ومن جنسيات متعددة من المخالفين للأنظمة، هم لا يخجلون ويُفسّرون طِيبَة المواطن بالغباء والسذاجة، جاؤوا من بيئات متدنية متخلفة وصُدِموا بهذا الواقع بالبلد الطيِّب الذي يسعى أهله للخير والعون، فاندفعوا لاستغلال الفُرص بكل وقاحة.

= من دلائل ربح الصَّنعة أنهم لا يكلون ولا يملون ونسفوا مقومات الحياء والمروءة؛ فهذه المعاني الراقية تناقض مخططاتهم، هُم دونِيُّون يَنْصَب تفكيرهم وحِيَلهم على سُبل وطُرق جمع المال غير المشروع، فتجدهم يتنقلون بين المساجد والحدائق والأسواق التجارية، ومنهم من يَحتَل مكانًا واحدًا لا يَحيد عنه تشاهده كلما زرت السوق بمكانه وكأن بحوزته صكًا شرعيًا بتملكه ويقاتل عليه باقي المتسولين، ومنهم من يتذاكَى فيغيب زمنًا ينتقل خلاله إلى بلدات ومدن أخرى لتنساه العيون؛ ثم يعود ليبدأ الاحتيال مجددًا.

= قالت العرب:(ما حامد السوق إلَّا من ربح)، والمتسولون يُثبتون النظرية بتزايدهم وابتكارهم للحيل المتجددة نظرًا لشعورهم بأن بعض المواطنين قد التفت إلى مكائدهم القديمة فباتت مكشوفة، فمن الحذاقة أن يبتدعوا الجديد من الخداع وتَقَمُّص دور المسكين الكادح على رزق عياله، ومنهم من يعمل بمهن لدى مؤسسات الصيانة والنظافة وبعد دوامه يمتهن التسول بالمواقع المذكورة أو عند إشارات المرور، لم يتركوا فرصة لجمع الريالات؛ وما فاتهم بالشحاذة يأتي بالسرقات.

= ومن كان هذا ديدنه فإنه فوق التسول والسرقات لن يتوانى عن ترويج المخدرات والمسكرات القاتلة إن تمكن من ذلك، والواقع يقول إن من الخطأ استقدام مثل تلك الفئات المُتدنية للعمل بالمملكة فخسائرهم وتأثيرهم السيئ على المجتمع يفوق الفائدة منهم، هذا عن العامل الوافد النظامي فكيف الحال مع المتسلل والمخالف؟ البحث عن اليد العاملة الرخيصة تكون آثاره غير المدروسة بالغة السوء على مستويات متعددة.

= هي نِقَاط بالغة الأهمية، وقد يقرأها بعض الأشقاء الوافدين أو مَن يُقيمون بيننا إخوة وضيوفا مُكرمين بأنها مُوجَّهة ضدهم من قبيل المِنَّة والحسد، وهذا غير منطقي ومُغاير لما يشاهد بواقع حال التعامل معهم بكل المستويات، إنما الحديث يرتكز على المُسيئين لبلادنا بداية من قدومهم غير الشرعي ثم باقتراف كل الموبقات بجرأة المُتمرس دون وَجَل، أو بعض مَن احتضنتهم (مملكة الإنسانية) لظروفهم وتعاملت معهم كتعاملها مع أبناء الوطن ثم لم يصونوا المعروف، فهذا أمن وطن ومواطن؛ وبمرحلة وواقع تعيشه بلادنا بتميز متصاعد، فالغفلة والصدود آثارها صادمة إذا استفحلت أسبابها.