خالد بن حمد المالك

يشتد القتال بين روسيا وأوكرانيا، فهناك 11 ألف جندي من كوريا الشمالية يشاركون في المعارك إلى جانب الجيش الروسي، وهناك سمح لأول مرة للجيش الأوكراني باستخدام الصواريخ الأمريكية بعيدة المدى لضرب العمق الروسي، وتهديد روسي يتكرر بأن حرباً عالمية ثالثة تطرق الأبواب.

* *

يقابل ذلك تصريحات للرئيس الأمريكي المنتخب ترامب بأنه ما إن يستلم مهامه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية في شهر يناير القادم، فإنه سوف يعمل على إيقاف القتال، غير أن روسيا قالت: إن وقف القتال لن يتم دون مراعاة لما آلت إليه الحرب من نتائج، في حين أن رئيس أوكرانيا لا يتردد في المطالبة بإيقاف القتال، مع تصريحات للإدارة الأمريكية القادمة بأنها سوف توقف دعمها لكييف مع تسلم الرئيس لسلطاته.

* *

فهل العالم على شفا حفرة الحرب العالمية الثالثة فعلاً، أم هي نوع من أنواع المناورات، والحرب النفسية، ومحاولة روسية لإلقاء الضوء على هذا الدعم السخي الأمريكي والأوروبي لأوكرانيا، والحد منه، باستخدام التهديد الذي تدرك موسكو تبعاته وخطورته، وثم فلن تقدم عليه، ولن تكون البادئة فيه، مهما كان لديها من أسباب ومبررات لو فكرت بأن تفعل ما يهددها ويهدد العالم؟

* *

الحرب العالمية الثالثة التي تلوح بها روسيا، لا أحد يرى أن فيها تلك المصداقية التي تجعل من الدول الأخرى في جهوزية وحذر واستعداد لمواجهتها، لكون الجميع يدرك جيداً أنها لو قامت فلن يكون حجم تدميرها وآثارها كما كان ذلك في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وإنما ستكون أشد ضراوة وعنفاً وتدميراً وقضاء على البشرية، لأسباب كثيرة أهمها التطور الهائل في السلاح النووي الذي سوف يستخدم فيها، من الدول التي تملك في مخزونها من القنابل النووية ما يكفي لإحداث دمار لا مثيل له إن قورن بالحربين العالميتين السابقتين.

* *

لهذا، فإن الحرب الروسية الأوكرانية سوف تتوقف ذات يوم، إما بواسطة ترامب كما صرح بذلك، أو بوقف الدعم الأمريكي لأوكرانيا، وثم إضعافها من مواصلة القتال، وربما في قبول الطرفين بالحوار، وتحقيق الحد الأدنى من شروط كل طرف، مع تغليب روسيا في فرض شروطها، لكونها الأكثر إنجازاً في تحقيق مصالحها في الحرب وليس بالسلم، وهذا الحل على مرارته لدى كل جانب- وإن بنسب مختلفة-، فهو حصاد حرب مدمرة كهذه الحرب.

* *

العالم يترقب بدء ولاية الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب، وحكومته التي اختار لها عدداً من المتشددين، بانتظار ما سوف تقوم به بعد أربع سنوات من حكم الرئيس بايدن،الذي شهد فيه العالم تأجيج الصراعات والحروب بدعم أمريكي غير محدود ليس في الحرب الروسية الأوكرانية فقط، وإنما أيضاً حروب إسرائيل في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا وإيران، فلعل السنوات الأربع القادمة يكون فيها ما نتمناه من أمن واستقرار وسلام في العالم، ولا يكون هناك تفكير أو تلميح إلى حرب عالمية ثالثة لا تبقي ولا تذر.