> لا أحد يطلب من الرجل الداخل إلى قاعة السينما أن يَحلق ذقنه ويتعطّر ويرتدي بذلة مع ربطة عنق. ولا أحد يطلب من المرأة أن تصفّف شعرها عند «الكوافير» وتتزيّن بالمساحيق والمجوهرات وترتدي أفضل ما لديها قبل دخول القاعة.
> كل ما هو مطلوب أن ينسى داخِلَ قاعة السينما ذلك الجهاز الجوّال. وأن يتمتّع بالثقة بأن العالم يستطيع الانتظار عند باب الصالة وأن المكالمة التي يمكن أن يجريها في تلك اللحظة أو التي تصله يمكن لها أن تتأخر لحين انتهاء الفيلم.
> بيد أن هذا المطلب يبدو عبثاً في صالات السينما في معظم أنحاء العالم العربي، خصوصاً في مهرجاناتها. يدخلون ومعهم المحمول ويستبدلونه بالفيلم. ترى أصابعهم تتحرك طلوعاً ونزولاً وجانبياً بلا كلل. الهاتف مضاءٌ والنورُ يخطف الأبصار، وعليك أن تطلب بهدوءٍ، أولاً إذا ما كنت قادراً على ذلك، إغلاق أجهزتهم.
> مهرجان القاهرة يحذّر. هناك على الشاشة قبل بدءِ الفيلم إعلانٌ يطلب من الحضور إغلاق الهواتف، لكنه لا يُتَابَع. والإعلان بحد نفسه لا يُرى لأن ثلث الجالسين مشغولين باللعب بالمحمول. بعضهم يرد على المكالمات، وآخرون يرفعونه أمام وجوههم ليبحلقوا في شاشته. ولم تعد الهواتف صغيرة، بل هي أكبر من الوجه نفسه.
> ليس فقط أن ثقافة الحضور غائبة وفهم واحترام الفيلم والجمهور معدوم، بل هذا دليلٌ على جيلٍ قلقٍ وأنانيٍّ حتى النّخاع. يفتقد للذوق والكياسة والاحترام.
> السينما هي صالة لغالبية تَعِرف أصول الحضور، مثقفة، تفهم في الأفلام وتدخل لتستفيد أو تترفّه، ومن ثَمّ تأتيك قلّة لا نعرف لماذا تختار الدخول إلى الصالة أصلاً، فهي لا ترفع رأسها إلى الشاشة، وإذا فعلت عادت وطأطأت رأسها وانشغلت بلعبتها.
التعليقات