عبده الأسمري

ركض ما بين شؤون الاقتصاد ومتون السداد مجللأ بولاء «الوطن» وأولوية» التخصص» متجاوزاً تحديات «البدايات» بنعمة «الفراسة» ومجتازاً أسوار «المصاعب» بهمة «الفروسية» فكان الفارس الأصيل والممارس النبيل الذي حفر اسمه في «مقامات» الكبار وقوائم «الاعتبار».

حول «الحال» البسيط لدى أسرته إلى «معادلة» استنبط حلولها من دوافع «الذات» واكتشف مدلولها من منافع «الاثبات» فكان «العدد الصحيح» و»الناتج المؤكد» في متراجحة الحياة التي سبر أغوارها وجبر كسراتها بمزيج مبهر من «الطموح والكفاح».

اتخذ من «الفكر» مكاناً قصياً شد إليه رحال «التبصر» وأسس فيه مراحل «التدبر» مقتنصاً من دوائر «الزمن» فرص الأبداع ومستنبطاً من مصائر «اليقين» همم الانتصار.

إنه مندوب السعودية الأسبق لدى صندوق النقد الدولي ومساعد أمين جامعة الدول العربية للشؤون الاقتصادية السابق الدكتور يوسف بن عبد الوهاب نعمة الله - رحمه الله- وأحد أبرز رجال الاقتصاد وخبراء المصارف في الوطن والخليج.

بوجه حجازي الملامح تتجلى فيه ومضات «اللين» وسمات «اللطف» وعينان تسطعان بنظرات «الذكاء» ولمحات «الإنصات» وتقاسيم جداوية بوقع النشأة ووطنية بواقع التنشئة وأناقة تعتمر الأزياء الوطنية والبذل الأنيقة بحكم العمل والتنقل، وصوت جهوري خليط من لهجة حجازية عميقة المدلول ولغة مجازية شيقة القول وفصاحة تتوارد منها لغة «الأرقام» وتتجلى فيها نسبة «النتائج» ومخزون لغوي فاخر تنبع منه «عبارات» اقتصادية بالغة الأثر تكاد ترى بالبصر و»اعتبارات» عملية بليغة التأثير تتباهي أمام النظر، ومكنون خبرة ينطلق من كفاءة «الاختصاص» ويتجلى في جودة «الأعمال» قضى نعمة الله من عمره عقودا وهو يحصد «النجاحات» من أعماق «الإجادة» وحتى آفاق «الإفادة» ويملأ قاعات «الجامعات» بالتمكن والمكانة ويبهج صفحات «الوطنية» بالوجاهة والتوجيه، أكاديمياً وأستاذاً ومسؤولاً وخبيراً كتب سيرته بمداد «الشواهد» ووثق مسيرته بامتداد «المشاهد» والتي تجلت في سماء الذاكرة بالتقدير والتسطير كاسم اقتصادي رائد ورمز مصرفي متميز.

في جدة عروس البحر الأحمر الماكثة على الساحل الغربي المشع بسير البارزين والمبدعين ولد في حارة «العلوي» بمنطقة وسط البلد عام 1936 وتفتحت عيناه على «أسرة «متعاضدة من والديه وعشيرته الأقربين وارتهن صغيراً إلى رسائل «النصح» امام هيبة والده ووسائل «العطف» في طيبة والدته وظل يقتفي «أثر» الصالحين من سلالة عائلته ويرسم في ذهنه حكايات «الأولين» من الجداويين البارزين في منصات «السياسة» ومحافل «المسؤولية».

شمر عن ساعديه الصغيرتين باكراً ليمتهن حرفة «النجارة» صباحاً والدراسة مساءً تاركاً لمدارات «التوفيق» استكمال حظوظه على خطوط «المستقبل»..

ركض يوسف مع أقرانه بين حارات «الشام» و»المظلوم» وباب شريف والخاسكية وشارع قابل مرتقباً هديل حمام «السلام» على الرواشين السامقة ومراقباً نداءات «الرزق» أمام بوابات المتاجر العريقة.. مسجلاً في ذاكرته الغضة الحكايات المتوارثة بين تسلسل الأجيال والمرويات الموروثة من خارطة الأماكن.

تعتقت نفسه طفلاً بنسيم ليالي الشتاء القادمة من جنبات «الميناء العتيق» وتشربت روحه غنائم «البكور» في دعوات الكادحين ونفائس «البخور» بين منازل الطيبين فنشأ مخطوفاً إلى تلك «الذكريات» الجميلة التي تسربت إلى وجدانه وتوجت طفولته المبكرة بمشاهد مزيجة من البراءة والعفوية والتي ظل يكتبها في كشكوله الخاص مقرونة بخربشات أولى تراوحت ما بين التداعيات والأمنيات.

واصل نعمة الله دراسته حتى حصل على الثانوية العامة بدرجة امتياز وكان من ضمن العشرة الأوائل على مستوى السعودية.

ولأنه مسكون بالعلا فقد تم ابتعاثه إلى الجامعة الامريكية ببيروت المشهورة بتخريج النابغين والفالحين، وحصل منها على درجة البكالوريوس في الاقتصاد وعاد إلى أرض الوطن، وعمل في بداياته معيداً في جامعة الرياض ثم ابتعث إلى أمريكا لدراسة الماجستير والدكتوراه. ووفق المعلومات الموثقة تاريخياً، فإنه يعد أول سعودي ينال درجة الدكتوراه في الاقتصاد وعاد إلى جامعته الأم «الرياض» ، وعمل فيها أستاذاً وترقي في الدرجات العلمية ومناصب الجامعة حتى تم تعيينه عميدا لكلية التجارة في جامعة الملك سعود.

ثم تعين بعدها على منصب مندوب المملكة، وممثلها الدائم لدى صندوق النقد الدولي واستمر في منصبه 15عاماً.

ونظراُ لخبراته المميزة فقد تم تعيينه في منصب الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في جامعة الدول العربية، وقد أسس شركته المصرفية «إنجاز» والتي اندمجت مع بنك البلاد والذي يعد أحد مؤسسيه.

رسخ نعمة الله بصماته المضيئة في تاريخ الاقتصاد السعودي ليظل رمزاً من رموزه ورائداً من رواده بوقع الأهداف وواقع الإنتاج.

قام يوسف نعمة الله بأعمال جبارة في كل المناصب التي تولاها بحكم خبرته وواقع مسيرته واتجاه فكره؛ حيث أبلى بلاء حسناً في معترك الأعمال وواجه «عقبات» ونازل «عوائق» وظل صامداً أمام التحديات وشاهداً على «المنجزات» ووزع «إهداءات» التميز ببذخ في ميادين «التدريس» ومضامين «التأسيس» في عوالم «المعارف» ومعالم «المشارف».

أشعل نعمة الله «قناديل» التأثير في مسارب «التوقع» حتى أضاء «الواقع» بمرئيات «التأكيد» وأنار «الصواب» بوقائع «التوثيق» حيث ارتبط اسمه بالفكر الاقتصادي «الفريد» المعتمد على «الخبرة» والمستند على «المعرفة».

بعد سنوات طويلة من «العمل» كان فيها نعمة الله محور ارتكاز لخطط استراتيجية حيث سبق «وقته» ولاحق بعد «نظره» مكث في «استراحة محارب» موجهاً أنظاره نحو المستقبل وواضعاً في «ذهنه» صورة الماضي ذات «الاطار» الأصيل والعريق والتي جعلها مشهد مقترن بمسؤولياته ومهامه.

انتقل الدكتور يوسف نعمة الله إلى رحمة الله عن عمر ناهز السبعين عاماً في شهر مارس عام 2006 وقد نعته منصات الوطن ووسائل الأعلام ووسائط الاتصال والتواصل وتم استعراض منجزاته وخبراته وما قدمه في الداخل والخارج من مهام والهام واسهام في مجال التخطيط والتنفيذ.

يوسف بن عبد الوهاب نعمة الله.. وجه الاقتصاد وخبير المصارف صاحب السيرة العاطرة بالذكر الحسن والمسيرة المسطرة بالاستذكار المشرق في أصول العمل التنموي وفصول التطور الاقتصادي.