لن أتحدث اليوم عن احتراف سالم الدوسري، لاعب نادي الهلال السعودي لكرة القدم، خارج السعودية، كما يتبادرُ إلى الذهن بصفته لاعباً مشهوراً، فحينما نذكر اسم سالم في الرياضة نتجه لسالم الدوسري، لاعب الهلال، وإنما سأعود إلى الوراء لنصل إلى منتصف القرن الماضي، تقريباً في منتصف الخمسينات الميلادية، حيث يذكر الأستاذ عبد الله جمعة، الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية»، أن أول محترف سعودي يلعب في الخارج هو سالم فيروز، واحترف فيروز في قطر مقابل 300 ريال (80 دولاراً)، وكان ذلك قبل التنظيم الرسمي للأندية السعودية، وكانت مثل هذه الفرق تُسمى فرق الحواري، أي جمع حارة، إذ يشكل شباب كل حارة فريقاً رياضياً ليلعبوا ضد فرق الحارات الأخرى، وأحياناً يُنظم دوري بين هذه الفرق ويُختتم بمباراة نهائية.

هذه بدايات كرة القدم في السعودية قبل التنظيم الرسمي للفرق، وإن بقي التنظيم غير الرسمي موجوداً ورافداً للأندية الرسمية يمدهم باللاعبين.

بعد التنظيم الرسمي بدأت الرياضة تتطور قليلاً قليلاً، لكن ببطء شديد جداً لا يتواكب مع سرعة العصر، لينطلق مع رؤية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المشروع الرياضي السعودي بسرعة صاروخية، لنستضيف أحداثاً رياضيةً مهمةً مجدولةً، منها بطولات قارية وبطولات عالمية، حيث لا تفصلنا عن الموافقة على استضافة السعودية كأس العالم سوى بضعة أيام، ويتوقع أن تكون السعودية هي الفائز في تنظيم كأس العالم بصفتها المتقدم الوحيد، ولأن ملفها حظي بأعلى تقييم منذ نشأت البطولة في الثلاثينات الميلادية من القرن الماضي، والأهم من ذلك أن المشروع الرياضي، وفق الرؤية، سيحقق 5 في المائة من الناتج المحلي، واستضافة كأس العالم ستعرف الشعوب بالسعودية، فبعد فوز السعودية على الأرجنتين في النسخة السابقة عَرَفتنا الشعوب، وسبق أن ذكرت لكم أنه سألني أميركي في نيويورك من أين أنت؟ فقلت من السعودية، فرد ضاحكاً أين ميسي؟ وهي «اللزمة» التي رددتها الجماهير السعودية حينما فاز فريقها على الأرجنتين.

ومكاسب المشروع الرياضي كثيرة جداً منها خلق الوظائف المنظورة وغير المنظورة، ملء وقت الشباب وهو أهم هدف للرياضة، ثم إن المشروع الرياضي قدم لنا وجوهاً إدارية جيدة منها فهد بن نافل وفريقه الإداري الذي أشبع مدحاً، ثم الوجه الجديد وأظنه أصغر رئيس ناد في السعودية، وهو محمد بن إبراهيم المنجم، رئيس نادي الشباب السعودي، الذي أدار فريقه باقتدار، وكان متحدثاً جيداً وقبل ذلك مخططاً إدارياً ناجحاً، ويكفي موقفه مع لاعب الشباب فهد المولد حينما أصيب إصابة خطيرة خارج الملاعب أفقدته الوعي حتى الآن (شفاه الله).

مشروع السعودية لم يقتصر على المكاسب المالية فقط، بل هناك مكاسب اجتماعية ضخمة، أهمها، كما أسلفت، مَلء وقت الشباب، لذلك سيحتفل السعوديون في نهاية هذا الأسبوع باستضافتهم لكأس العالم وكتتويج مهم لنجاح رؤيتهم. ودمتم.