محمد سليمان العنقري

الوجبات الغذائية المعدة مسبقاً والتي تباع بعبوات حافظة لها تكون عادة ضعيفة بمكوناتها ومنافعها الغذائية، ولكنها فقط للاستخدام السريع لمن ليس لديهم وقت لإعداد طعام جيد، بل إن هناك تحذيرات من استخدامها بكثرة، وبعضها يتم منع بيعه بالعديد من الدول فهي منتجات لا يعول عليها بالأمن الغذائي، وتندرج تحت منتجات مرنة يمكن الاستغناء عنها ولا تجد طبيبا او أخصائي تغذية يوصي بها للمرضى، وهذه المنتجات بمضارها تشابه تماماً تلك المقترحات أو الوصفات غير المدروسة والنابعة من أفكار ذات نظرة قاصرة بكل المجالات، ومنها الاقتصاد.

فكثيراً ما نقرأ عن مقترحات تتعلق بحلول لإشكاليات تواجه الاقتصاد في طاقته الاستيعابية أو توسيع حجمه بزمن قصير أو تنويع الدخل، أو هيكلية التسعير تطرح بحوارات كآراء شخصية من محللين مستقلين أو من خلال تقارير صحفية وحتى مقالات، وكثير منها مستلهمة من أفكار تطبق بدول أخرى تختلف بتركيبتها الاقتصادية والسكانية وطبيعتها الجغرافية ومواردها الطبيعية ومصادر دخلها عن طبيعة اقتصادنا وتوجهاته وأهدافه، وبغض النظر عن أن لكل شخص نظرته وتبقى في حدود الرأي اي ليس هناك أثر فعلي لها؛ كونها مجرد تفكير بصوت مسموع، لكنها أيضا تطرح جانباً مهماً من التساؤل حول سهولة طرح الأفكار أو المقترحات دون دراية كافية بمعايير أثرها سلباً أو ايجاباً بل إن الإشكالية الاكبر اعتقاد من يقدم مقترحا ضعيف النظرة أنه يقدم فعلا حلولاً واقعية، إضافة إلى عدم إدراكه لآلية عمل الشركات او الجهات عندما تريد اقرار سياسات او خطط جديدة؛ فهي تخضعها لدراسات عميقة وتأخذ وقتا ليس بالقصير لفهم الآثار والمنافع وأبعادها المستقبلية. ولذلك لابد من التأني قبل تقديم الافكار والتمعن في حيثياتها وأبعادها وواقعيتها؛ فهي بالنهاية تعبر عن خبرة وثقافة الشخص الذي يكتبها او يعلنها بوسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، وهي بمثابة المقيِّم له.

ليس من مهام أي مختص تقديم المقترحات كيفما اتفق، لكن عندما تتبلور فكرة بشكل جيد ويتم دراستها بشكل يغطي كافة الجوانب المتعلقة بها وبآثارها عندها يمكن أن يتم طرحها لتحقق منفعة للقارئ، وقد يؤخذ بها من الجهة المعنية اذا رأت فيها حلولاً جيدة لكن التسرع بطرح الافكار دون دراية وتأنٍّ يحيلها لمجرد حديث بلا منفعة، وكأن هدفه تسليط الضوء على من يقدمها ليس أكثر، وهو ما يجعل تلك الافكار والمقترحات تموت بأرضها لعدم تكاملها وواقعيتها، وبالنهاية أثرها السلبي فقط على من أطلقها لأنها تعطي انطباعا بأن خبرته محدودة وامكانياته العلمية والمهنية ضعيفة.