مع انهيار القوة العسكرية الاستراتيجية لـ"حزب الله" في لبنان، ثم سقوط نظام الأسد في دمشق، سقط محور ما كان يطلق عليه اسم "محور المقاومة" بقيادة إيران. فبين أهم وأقوى فصيل إيراني ومقره لبنان، والحلقة المركزية لكل المحور في سوريا، يمكن القول إنَّ آخر معاقل المحور في العراق يمكن أن ينهار في كل لحظة، أو أقله أن تهتز بقوة نظراً لشدة الضغط الأميركي - الإسرائيلي على المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة. أما اليمن فله حسابات أخرى مختلفة، ولن يكون مفاجئاً أن يتم تحرير الحديدة وصنعاء ودفع جماعة الحوثي إلى مناطقهم الأصلية في أقصى الشمال. لقد انهار المشروع "الإمبراطوري" الإيراني في أقل من 70 يوماً ووصل الضغط إلى إيران وهو يدق في مكان ما أبواب طهران نفسها مع تقاطع المعلومات التي تشير إلى أن طهران وصلت إلى ساعة الحقيقة فيما يتعلق ببرنامجها النووي. فالبرنامج أصلاً عسكري الوجهة، والقيادة الإيرانية لا تقول الحقيقة عندما تتحدث عن فتوى المرشد علي خامنئي قبل عقدين من الزمن حرم فيها انتاج أسلحة نووية. والمجتمع الدولي، ودول الجوار الإقليمي، تعرف تماماً أن ما من شيء في الدولة العميقة في ايران اسمه برنامج نووي لأغراض سلمية. انه برنامج عسكري وأهدافه معروفة، أهمها إدامة عمر النظام إلى ما لا نهاية. وتلوح اليوم فرصة دولية ذهبية للتخلص من البرنامج النووي الإيراني اما بالتفاوض السريع على انهائه تماماً برعاية "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، أو مواجهة إمكانية قيام إسرائيل وخلفها الولايات المتحدة بتوجيه ضربة قاصمة للعديد من المنشآت النووية والأصول المرتبطة بها. وثمة تقارير دولية تتحدث عن أكثر من 75 هدفاً تتراوح بين المنشآت المعروفة والأصول والبنى التحتية المنتشرة على كامل الأراضي الإيرانية، وعدد كبير منها سري ومموه. وإذا تحقق هذا السيناريو، سيكون من الصعب على طهران مقاومته بشكل فعال، وقد يؤدي بتردداته المحلية إلى اختلال النظام وقبضته الفولاذية على البلاد.
لقد سقطت الأسوار التي بناها الإيرانيون في كل من لبنان وسوريا. وفي العراق تخلخل الوضع إلى حد ما، لاسيما ان ثمة موجة انتماء عربي تشرف على القيام في المدى المنظور أولاً في البيئة الشيعية ثم بطبيعة الحال في البيئة السنية المضطهدة. اما المكون الكردي فخارج اللعبة تحت المظلتين الأميركية والإسرائيلية. ومن هنا بدأنا نسمع بعض أركان التركيبة الحاكمة في العراق المرتبطة بالمشروع الإيراني تتحدث بلغة مختلفة عما سبق. تراجعت هوامش ما يسمى بـ"المقاومة" التي تختبئ خلفها فصائل "الحشد الشعبي". وأصبح المستوى السياسي العراقي المرتبط بإيران محاصراً ولا يعرف من أين ستأتي الضربة.
بالعودة إلى لبنان، من المهم بمكان أن يدرك الساسة اللبنانيون أن زمن التذاكي انتهى. سقط السلاح غير الشرعي بالضربة الدولية وليس بالضربة الإسرائيلية وحدها. انتهت الوظيفة الإقليمية، وانتهت معها الوظيفة المحلية تحت شعاري "التحرير والمقاومة". ولذلك نعتبر أن الاستحقاق الرئاسي يجب أن يعكس مرحلة إقليمية ودولية مختلفة، لا أن يصبح الإقليم في واد ولبنان الإنكار والتذاكي والتكاذب في واد آخر.
التعليقات