ميسون الدخيل
تفاءل الكثير من المسلمين ببعض مواقف اليمين في قضايا مثل الحفاظ على الأسرة، ومن مواقفهم ضد الجندر والمثلية والتحول الجنسي. لكن سرعان ما اكتشفنا أن من كنا «نعتبرهم موسى أظهرت الأيام أنهم فرعون»، حيث عرت وجوههم العنصرية ومواقفهم المتطرفة ضد الإسلام والمسلمين! لا تجد أحدًا منهم إلا وقد تم استقطابه من الصهيونية وأصبح عبدًا أكثر شراسة في الهجوم من الصهاينة أنفسهم! لنأخذ إيلون ماسك، مثلا وليس حصرًا؛ الملياردير الذي يمتلك منصة إكس والذي لديه أكثر من 210 مليون متابع، بل إن تأثيره قوي لدرجة أن كل كلمة يكتبها تصل إلى ملايين الناس؛ وهذا يعني أنه أكثر تأثيرًا من قنوات التلفزيون العالمية والمحلية مجتمعةً، فتغريدة واحدة منه تصل خلال ثوانٍ إلى ملايين البشر، تفاءلنا به كثيرًا عند بداية أحداث غزة حيث وقف في وجه الانتقادات وأصر على أن حرية التعبير متاحة للجميع، لكنه فجأة «عوج الطاقية» وأصبح صهيونيًا بامتياز، حيث بدأ بالتضييق على كل من ينتقد «إسرائيل» والصهيونية بل وكل من ينتقده بشكل لا يعجبه، وبدأ بحملة الحذف الشاملة لكل أصحاب الحسابات التي اعتبرها معادية للسامية أو مخالفة لما يعتبره هو مقبولًا! عندما ظهر مع نتنياهو في مؤتمر في بداية الأحداث وانتقده نتنياهو لأنه سمح على منصته للناس أن تنتقد وتمارس معاداة السامية، أنكر إيلون ماسك ذلك وأوضح أن المنصة متاحة للجميع كي يعبروا عن آرائهم ضمانا لحرية التعبير، وأضاف «إن بعض ما يكتب هو حقيقة فعلية» بمعنى أن ليس كل ما يقال من انتقادات لـ«إسرائيل» عارٍ عن الصحة، هنا فتحت أبواب جهنم وخرج عليه كل مؤيدي الصهيونية من إعلاميين وشخصيات نافذة، ونزلت الاتهامات تهف عليه من كل جهة، حتى زار الكيان الصهيوني المحتل، وعرضت عليه كل الأدلة، التي بالمناسبة تم دحضها من قبل الخبراء، حتى في صحفهم. المهم الرجل الذكي الذي يدير شركات الذكاء الاصطناعي وشركات الصناعات الفضائية، والذي يريد أن يصل إلى المريخ، وقع في الفخ! بدأ يتصرف وكأنه رئيس دولة، يريد أن يفرض آراءه، بل وأن يحاسب الآخرين حتى ولو كانوا رؤساء دول، حتى أنه بدأ بتحريض الشعوب والتشجيع على إثارة العنصرية والشغب داخل المجتمعات! عندما واجه هجومًا قويًا من الشعب الأمريكي على تأييده لقضية تأشيرة الدخول «H1B» والتي يعتقد الناس هناك أنها تستخدم فقط لخدمة القادمين من الهند للاستحواذ على الوظائف والتضييق على المواطنين في أرزاقهم، حاول في بادئ الأمر المواجهة، لكن على ما يبدو التيار كان قويًا، فأين يتجه ليحول الانتباه والتركيز منه إلى قضية ثانية؟ إلى بريطانيا ثانية! فلقد تدخل قبل ذلك في قضية التعديات على المسلمين وأثار النعرات العنصرية ضدهم بعد حادثة الاتهام زورًا بأن مسلمًا قتل ثلاث فتيات من العرق الأبيض! ووجد في قضية عصابات الاغتصاب التي قبض على أفرادها ووجد أنهم من البريطانيين الباكستانيين، وهم اليوم يقضون أحكامًا في السجن، قضية قبل عشرة أعوام تقريبًا تم التعامل معها كمادة دسمة للتدخل، وبهذا تم إلهاء الناس ليس فقط عن الإحراج الذي تعرض له في أمريكا، ولا وبل عن المجازر المستمرة في غزة، وتكتمل الدائرة بالهجوم المستعر ضد الإسلام والمسلمين والمهاجرين من العرق الآسيوي من قبل متابعيه. الآن لا أحد ينكر أن «Gang Grooming» والتي يقصد بها قضية عصابات الاغتصاب هي قضية إجرامية وحشية مدمرة للضحية وللأسرة والمجتمع، وما حدث من هؤلاء المجرمين يجب أن يواجه بحيث تتم الملاحقة والمقاضاة وإنزال أقصى العقوبات عليهم، والذي تم فعلًا، ولكن في الوقت نفسه تقديم الدعم النفسي والمادي والاجتماعي للضحية ولأسرتها، كما يجب أن تحرص الجهات المختصة على تسهيل كل سبل الملاحقة والكشف عن بقية هذه النوعية من العصابات، حيث توجد بغض النظر عن الخلفية الدينية أو العرقية، وفتح قنوات آمنة للتواصل مع الضحايا حتى يتقدموا لطلب المساعدة، والعمل على القضاء على الأسباب التي تجعل المراهقات الصغيرات ضحايا، ومنهم أطفال أيضًا، من خلال خلق بيئات أسرية مترابطة وآمنة ومستقرة ماديًا. القضية هنا أن نحاسب الجرم لا الهوية! يشير مصطلح «Gang grooming» إلى العملية التي تستهدف بها العصابات الإجرامية الأفراد الضعفاء؛ وفي القضية المذكورة أعلاه الفتيات القاصرات، لكن في العموم غالبًا يكون الضحايا من الذكور الشباب، لتجنيدهم في أنشطة غير قانونية. يمكن أن تنطوي هذه العملية على التلاعب والاستغلال والإكراه، ما يؤدي بالضحايا إلى المشاركة في السلوك الإجرامي، مثل الإتجار بالمخدرات أو الاستغلال الجنسي. غالبًا ما يتضمن الاستمالة بناء الثقة والألفة، وعزل الضحية عن أنظمة الدعم الخاصة به، وتعريفه تدريجيًا بأنشطة العصابات، بمعنى أن هذه العصابات منتشرة حول العالم وليست فقط تخص عرقًا أو دينًا أو مجتمعًا معينًا. عندما يتدخل الغرباء أو الشخصيات المؤثرة العامة في الإجراءات المحلية والوطنية، يمكن أن تنشأ عدة عواقب سلبية مثل إيذاء الناجين؛ فقد يشعر الضحايا بمزيد من الصدمة إذا أثارت الشخصيات العامة قصصهم، ما يؤدي إلى التدقيق العام والوصم، ومن خلال المبالغة في تبسيط القضية يمكن أن يؤدي ذلك إلى مفاهيم خاطئة حول طبيعة عصابات الاغتصاب، ما يعيق الحلول الفعالة. هذا عدا عن إثارة عدم الثقة في السلطات المختصة المحلية، لأنه إذا أدركت المجتمعات أن الشخصيات الخارجية تعمل على تسييس القضية، فقد يؤدي ذلك إلى عدم الثقة في هيئات إنفاذ القانون المحلية والخدمات الاجتماعية، كما قد يؤدي التدخل إلى تعطيل التحقيقات الجارية أو الإجراءات القانونية، وهذا قد يعرض العدالة للخطر. المتطرفون في المجتمعات الغربية مشغولون بتأجيج نار العنصرية والكراهية تجاه الإسلام والمسلمين، والمشاهير منهم لا يتوقفون عن نشر الدعاية السلبية والأخبار المفبركة أو المعلومات المنقوصة ليظهر الإسلام كدين همجي رجعي يجب التخلص منه! السؤال الذي يطرح نفسه: نحن بالمقابل تركنا لهم الساحة وانشغلنا بماذا على وسائل التواصل الاجتماعي؟- آخر تحديث :
التعليقات