عبده الأسمري

يسدل الواقع ستاره على الكثير من الأمنيات في اتجاهات تتخذ مسارين من «التمكن» و«التعثر» وعندما نتحدث عن التعليم فنحن أمام «مرفق» استثنائي يرتبط بالإنسان في محطات الحياة ووسط ثنايا العيش ومن خلاله تبدأ أولى خطوات تشكيل المستقبل الذي يبني الأسر ويدعم المجتمع.

في مقالات سابقة كتبت عن معاناة فئات من أبناء وبنات هذا «الوطن المعطاء» الذي يضرب به المثل في تسخير الإمكانات لخدمة شرائح المجتمع وبين مد التمني وجزر الواقع تراوحت مطالب الخريجين والخريجات ما بين الوظائف المستحقة والشروط في قطاع التعليم وما بين القطبين هناك «ضبابية» وهناك انتظار لقرار يوقف سيل «التساؤلات» التي أرهقت أصحابها ما بين «التكهن» و«التأكد» وسط تفاؤل مؤقت يستبق كل إعلان وظيفي.

درس خريجو وخريجات الأقسام غير التربوية التخصصات المهمة والفاعلة وتخرجوا من «جامعات سعودية» تصرف عليها الدولة مليارات الريالات سنوياً من أجل إلحاقهم بسوق العمل وركب التوظيف وتبذل الأسر جهوداً مضنية بواسطة آباء مسنين يقطعون «مفازات» الطرق وأمهات يغلفن الوداع اليومي لبناتهن بأدعية التوفيق المختلطة بالاستيداع وفتيات يغالبن مصاعب المواصلات ومتاعب الدراسة وويلات الاغتراب في بعض الأحيان حتى يرسمن خارطة الطريق إلى الاستقرار المستقبلي والمضي نحو الاكتفاء الشخصي وعلى صعيد متصل فهنالك شباب يعانون الأمرين للدراسة والتخرج وبعد ذلك يصطدم «الجميع» بوقائع خارج الحسابات وأحداث بعيدة التوقعات.

الأمر لا يحتاج إلى كل هذا التأخير والتعطيل فالمسألة مرتبطة بالمستقبل والأمر مرتهن للوقت وقطار «العمر» يمضي والأمنيات معلقة على أسوار «الانتظار» وسؤالي البارز المستديم.. ماذا تنتظر الوزارة؟ ومتى سيتم إصدار القرار؟ وإلى متى سيستمر هذا التأجيل؟

الانتظار مؤلم.. والتأخر يقتص من مساحة «الارتياح».. والاشتراط يلغي أهمية «التخصص».. والقرار المؤجل يحطم دوافع النجاح.. في وقت يحتاج الوطن إلى جهود أبنائه وبناته الذين سيرسون «دعائم» المستقبل المشرق فلماذا لا تبادر الوزارة بالتصريح الواضح والتوضيح العلني حتى تقطع شك التكهنات والتوقعات والحيرة التي أثقلت كاهل الخريجين والخريجات ممن تعلموا وتدربوا وتميزوا وآن الأوان إلى مكافأتهم بالتعيين الذي تحرص الدولة على توفيره لهم بعد أن وفرت لهم مقاعد الدراسة وخدمات التعليم في كل أرجاء الوطن.

الكل يثق بمعالي وزير التعليم واتجاهه نحو تعديل بعض سياسات التعليم وتغيير خارطة التعيين والقضاء على «الروتينية» السابقة ووقف «البيروقراطية» التي تسببت في تأخير وتأجيل تنفيذ الخطط الاستراتيجية الطموحة لهذا القطاع التنموي الكبير وينظر الخريجون والخريجات بمنظار «التفاؤل» وعين «اليقين» نحو إعادة صياغة الشروط ووضع هيكلة واضحة تضمن التعيين للمستحق والتوظيف للمتفوق وتضع «المساحات» المتاحة للتقييم وفق شروط «عادلة» بعيداً عن فرض شرط مثل «الأولوية للتربوي» في وقت تم إغلاق الدبلومات التربوية منذ ثماني سنوات دون إيجاد بديل لها!

أتمنى من وزارة التعليم أن تضع خطوطاً «ساخنة» لتلقي الشكاوى والاستفسارات وأن توفر موظفين للاطلاع على ما يرسله الخريجون والخريجات من استفسارات ومطالب وأن يتم تحليلها وحصرها ووضع آلية لمقابلة أصحابها وتبيان «الحقيقة» لهم والإنصات لتلك المتطلبات والإيعاز لفرق عمل متخصصة لرصد هذه الجوانب التي وصلت أصداؤها للوزارة كثيراً!

معالي الوزير الفاضل يوسف البنيان القادم بسيرة زاخرة بالخبرات والمنجزات ومسيرة حافلة بالحرص والاهتمام والإنصاف في كل اتجاه للمسؤولية ومحفل للوطنية..

هؤلاء الخريجون والخريجات يحملون لكم رسائل متعددة عنوانها «حب الوطن» وتفاصيلها «انتظار القرارات المبشرة» وعلى دروب متجاورة هنالك الكثير ممن يحملون شهاداتهم ومؤهلاتهم ولا يزالون يحلمون بالتوظيف رغماً عن عتبات «السنين» التي مروا بها وهم يحملون هموم أسرهم ومواعيد انتظارهم.. في مسارات مختلفة تتضمن تخصصات مختلفة!

أما التوقيع الأخير لهم ولنا جميعاً.. إنا من المنتظرين!!

وفي انتظار رحمة قلبك قبل قرار قلمك ولفتة حانية نحو إخوتك وأخواتك الواقفين أمام بوابات «الانتظار»..