سلطان ابراهيم الخلف
نهر النيل من الأنهار العظيمة. يبدأ منبعه من أوغندا ماراً بالسودان ثم بمصر ليصب في البحر المتوسط. يغذيه النيل الأزرق المتدفق من «بحيرة تانا» في أثيوبيا. لا يعرف في مصر نهر آخر غير نهر النيل، لكن الآية الكريمة 51 من سورة الزخرف «ونادى فرعونُ في قومه قال يا قومِ أليس لي ملكُ مصرَ وهذه الأنهارُ تجري من تحتي أفلا تُبصرون».
لفتت انتباه الشيخ متولي الشعراوي، رحمه الله، وتساءل عن أي أنهار موجودة في مصر يتحدث الفرعون؟ مع أن مصر لا يوجد فيها إلاّ نهر واحد هو النيل. وحثّ على فك لغز هذه الأنهار التي ذكرها القرآن على لسان الفرعون. توفي الشيخ شعراوي، ولم يعلم حقيقة هذه الأنهار التي كشفتها دراسات حديثة نشرت في مجلة Communications Earth and Environment حسب ما جاء في تقرير فرانس برس مايو 2024.
وتشير الدراسة إلى اكتشاف مجرى فرع من نهر النيل موازٍ لنهر النيل بطول 64 كيلومتراً من جانبه الغربي، عن طريق المسح الراداري العميق بالأقمار الصناعية، وأن لديه فروعاً جانبية ممتدة غرباً، وكانت قريبة من الأهرامات التي من ضمنها هرم خوفو وهرم خفرع وهرم منقرع. وأن هذه الأفرع النهرية سهّلت كثيراً نقل الأحجار الثقيلة التي بنيت منها الأهرامات إلى مواقعها القريبة من الأفرع النهرية والتي اندثرت بمرور الزمن، وغطتها الرمال، وصارت تحت الأراضي الزراعية الشاسعة الموجودة حالياً، والتي تفصل بينها وبين الأهرامات في مواقعها الحالية.
ولعله لولا وجود هذا الفرع من نهر النيل الذي أطلق عليه اسم «نهر الأهرامات» مع مجموعة أفرعه لكان من المتعذر أو من الصعوبة بمكان بناء تلك الأهرامات العظيمة التي تتكون من ملايين الأحجار التي يقدر وزن الحجر الواحد منها أطناناً.
وبذلك يتحقق التوافق بين العلم الحديث، وما ذكره القرآن عن أنهار مصر القديمة، التي جاءت على لسان الفرعون الغريق في سورة الزخرف، ويزول الغموض عن تلك الأنهار لدى قارئ القرآن، وهو الغموض الذي شغل بال الشيخ متولي الشعراوي، رحمه الله، مع يقينه بوجود هذه الأنهار، بناء على ما أشارت إليه الآية الكريمة، وهو الأمر الذي دعاه إلى المطالبة بالبحث عن حقيقة هذه الأنهار، وقد تحقق ما كان يأمله، فالقرآن قد سبق العلم الحديث في العديد من الاكتشافات، التي تتعلق بخلق الكون وأسرار الحياة، وجاءت وحياً إلهيا «منزّلاً على النبي الأميّ محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم قبل 14 قرناً مضت».
«وما ينطقُ عن الهوى (3) إن هو إلاّ وحيٌ يوحى (4) علمّه شديدُ القُوى (5)». سورة النجم.
التعليقات