خالد بن حمد المالك
تتميز الرياض بسعة شوارعها وكثرة الجسور والأنفاق فيها، وانتشار كاميرات رصد المخالفات المرورية كالسرعة وعدم ربط الحزام واستخدام جهاز الهاتف والانعطاف من مسار إلى آخر وغير ذلك، كما أن السيارات المستخدمة في الطرق هي من النوع الجديد الذي يُفترض أنه يساعد على انسياب الحركة المرورية، فضلاً عن وجود مسارات طرق جانبية للخدمة، وإشارات ضوئية في التقاطعات والميادين لضبط تحرك السيارات وفق عمل آلي يمنع تجاوز إشارة المرور ما لم تكن الإشارة باللون الأخضر، وأيضاً فقد حددت السرعة في كل شارع، والغرامات لمن يخالف ذلك برصد آلي لا مجال فيه لإنكار خطأ تم رصده وتوثيقه من خلال ساهر.
* *
هذا بعض ما تتميز به الرياض من توفير كل عناصر ضبط حركة السير، وتوفير الأمان بالحد من الحوادث المرورية، والالتزام بنظام المرور الذي يُفترض في كل من يحمل رخصة قيادة لسيارته أن يكون ملماً وعلى معرفة بهذا النظام، غير أن هذه الخدمات التي وفرتها الدولة لا يبدو أثرها كبيراً في فك الاختناقات المرورية، وتسهيل حركة السير بما يتلاءم مع كل هذه الاحتياطات التي وفرتها الدولة؛ ما جعلها مؤخراً تعلن عن التعاقد مع شركة ذات خبرة عالمية مختصة للمساعدة على إيجاد حلول للمشكلة المرورية في عاصمة المملكة التي تتزايد بشكل لافت ومزعج.
* *
هناك من يرى أن سبب هذا الاختناق المروري كثرة السيارات بعد دخول المرأة كمستخدم في قيادة سيارتها، وبلوغ كثير من الشباب السن القانونية للحصول على رخصة قيادة خاصة به، وآخرون يرون أن غياب رجل المرور ميدانياً من بين الأسباب، وأنه إن وجد فهو يعرقل السير أحياناً أكثر من إيجاد حلول له، وذلك حين يقوم بإغلاق المخارج من مسار الخدمة إلى الطريق العام فيحدث الارتباك سواء في طريق الخدمة أو الطريق العام، بينما لا يوجد رجل المرور في المخارج الحساسة، وهنا يكون السباق بين السائقين الملتزمين بالنظام والمخالفين له في الانتقال من طريق الخدمة إلى الطريق العام، مما يعيق حركة المرور، ويعرض السيارات لحوادث، بينما لو كان هناك رجل مرور يمنع المخالفين من مزاحمة الملتزمين بالنظام في التحول من طريق الخدمة إلى الطريق العام لما كانت هذه الفوضى.
* *
بدلاً من إقفال المخارج، كان بإمكان رجل المرور - لو وجد! - ميدانياً أن يمنع المخالفين من التحول إلى الطريق السريع، وفي هذا الإجراء سوف يضطر المخالف إلى الذهاب بعيداً للوصول إلى وجهته، بينما سيكون تحول الملتزم بالنظام مرناً وانسيابياً إلى الطريق الرئيس، ولكن يجب أن يصاحب ذلك توعية إعلامية للجمهور، وغرامات كبيرة لمن يخالف، وظهور لممثلي المرور عبر وسائل الإعلام ليحدِّثوا الناس عن المستجدات التي على قائد المركبة الالتزام بها، بل وأن يسمعوا من الجمهور ملاحظاته وآرائه، ويطبِّقوا ما يرونه مفيداً في معالجة هذه الأزمة المزمنة.
* *
ربما احتاج الأمر إلى تعديل في اتجاهات بعض الطرق، وتحسين بعض تحويلاتها، وتوسعاتها من الأكتاف والأرصفة، وإيجاد جسور أو أنفاق إضافية، وتأهيل أكثر لرجال المرور، واستثمار دخول قطار الرياض - المترو - في الخدمة للامتصاص والتخفيف من هذه الأزمة، وأذهب إلى أكثر من ذلك وأقول إن الحاجة تستدعي إقامة دور ثانٍ في بعض الطرق لتتوزع السيارات بين الدور الأرضي والثاني.
* *
هذه ملاحظات عابرة من كاتب مجتهد، يعاني كبقية سكان الرياض من أزمة مرورية خانقة، ولا يرى حالياً حلولاً لمعالجتها من قبل إدارات المرور، أو محاولات لوضع حد لها، وستكون المشكلة أكبر في المستقبل القريب إذا ما ظل الوضع على ما هو عليه، فالسكان في ازدياد، والسيارات سوف تدخل الخدمة في الشوارع بأكثر مما هو عليه عددها الآن، مما سوف يصعِّب الحل، ويكرِّس الأزمة، ويجعل الرياض الجميلة الجاذبة مشوَّهة بحركة سير لا تتناغم مع التطور الهائل في واحدة من أجمل مدن العالم وهي الرياض.
* *
أنا غير متشائم، فالرياض ستكون إن شاء الله -كما آمل- على موعد مع هزيمة هذا الاختناق المروري، ولكني أقرع الجرس، وأنبه على ما أعتقد أنها مشكلة تعيق الحركة، وتهدر الوقت، وتعكِّر المزاج، بأمل أن يكون الحل عاجلاً غير آجل، حتى لا يستفحل إلى ما هو أصعب من أن يكون له حل سهل ومتاح.
التعليقات