لا شك أنَّ كأس العرب التي تقام حاليًا في العاصمة القطرية قد حققت نجاحًا جماهيرًا وإعلاميًا فاق توقعات الكثيرين، وهذا النجاح ربما زاد من رغبة الفوز بالبطولة لدى الكثيرين في الشارع الرياضي السعودي، وزاد من مطالبات تحقيق اللقب، خصوصًا مع تأهل الأخضر السعودي لنصف النهائي في مواجهة الأردن؛ حيث يتبقى بعدها خطوة واحدة لا يفصل فيها الأخضر عن اللقب سوى مواجهة المنتخب الإماراتي أو رديف المنتخب المغربي، وهي مطالبات و طموحات مشروعة يقويها غياب الأخضر عن الألقاب منذ 2003 حين حقق كأس الخليج!.

تحقيق الأخضر للقب العربي مهم جدًا له معنويًا، وسيساهم في تخفيف الضغط الإعلامي الداخلي المسلط عليه، وربما سيرفع من الحالة المعنوية والثقة المنخفضة في الشارع الرياضي السعودي تجاه المنتخب الذي تنتظره مشاركة عالمية صعبة بعد 6 أشهر في مونديال 2026 في أميركا وكندا والمكسيك؛ لكن ماذا إن حدث غير هذا، وما تأثير خسارة البطولة على منتخب يئن أصلًا ويعاني فنيًا وعناصريًا، ويعيش واحدة من أسوأ فتراته الفنية؟!.

بالنسبة لي لا أشارك الكثيرين هذا الحماس تجاه تحقيق منتخبنا لكأس العرب، وإن كنت أشارك الجميع الرغبة في تحقيق البطولة لأسباب نفسية ومعنوية وجماهيرية وإعلامية فقط؛ لكن تحقيق اللقب لا يعني لي شيئًا على الصعيد الفني، فالفوز على المنتخب الأردني القوي لا يعني أنَّ مشاكل الأخضر قد حُلَّت، وأنَّ على منتخبات إسبانيا والأورجواي والرأس الأخضر أن تتحسس رؤوسها، والفوز بعد ذلك في النهائي على المنتخب الإماراتي المسلح بـ19 لاعبًا مجنسًا، أو على رديف رديف المنتخب المغربي لا يعني أن ننسى مشاكل الدفاع والوسط والهجوم التي ظهرت بشكل أوضح في هذه البطولة!.

تحقيق اللقب سيكون مجرد مسكن إعلامي وجماهيري؛ لكنَّه لن يحل مشاكل الأخضر الفنية والعناصرية، وكم تمنيت أن تأتي نتائج البطولة كما شاءت أن تأتي في مقابل أن نجد بعض الحلول وليس كلها، وأن نخرج باكتشاف عناصري يرفع من حظوظنا في المشاركة الأهم والظهور الأبرز في المسرح العالمي، ولو كان اللقب العربي أو الخليجي أو حتى القاري هو الأهم لنفع المنتخب القطري الذي حقق لقبين قاريين متتاليين ولم يستطع أن يتجاوز في تاريخه المركز 34 في التصنيف العالمي، وهاهو اليوم يعود للمركز 50، ولا حامل اللقب العربي منتخب الجزائر الذي يحتل المركز 35 في التصنيف؛ بينما المنتخب المغربي الذي لم يحقق اللقب القاري منذ 50 سنة يحتل اليوم المركز 11 في التصنيف العالمي بسبب ظهوره المشرف في مونديال 2022!.

لازلت مؤمنًا أنَّ فوز المنتخب السعودي على الأرجنتين في مونديال 2022 هو أهم إنجاز في تاريخ الأخضر، ويعادل على صعيد الصدى العالمي والإعلامي كل ما حققه من بطولات قارية وإقليمية، وحقق أهدافًا استراتيجية لم تحققها كل ألقابه في القارة الصفراء والمحيطين العربي والخليجي؛ لذلك كنت ولا زلت أقول أنَّ الخروج من البطولة العربية ببعض الحلول، واكتشاف عنصر أو اثنين في بعض مراكز الضعف أهم بكثير من تحقيق لقب لم يغن الجزائر في 2022، ولم يسمنها من جوع!.

خلاصة حديثي هو أنَّنا لا يجب أن نسرف في ردة الفعل تجاه الأخضر سلبًا أو إيجابًا أيًا كان ما سيحدث له هذا الأسبوع في كأس العرب، وأنَّ نركز على المهم والأهم القادم وهو المونديال، وكيف يمكن أن نحقق فيه مالا يمكن تحقيقه من خلال البطولات القارية والإقليمية، وأن نعترف بواقعنا ومشاكلنا بواقعية، ونعمل على إصلاحها أو التقليل منها بعيدًا عن الإرجاء أو الإرجاف، وبعيدًا عن الميل والميول، وأن لا ننسى أخضرنا وما ينتظره في زحمة الدوري وعودة المنافسات المحلية، وصخب التشجيع والتعصب لأنديتنا.