محمد سليمان العنقري

هذا ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عند توقيعه امراً تنفيذياً يقضي بتوحيد قواعد تنظيم الذكاء الإصطناعي في كامل الولايات الخمسين بدلاً من أن تضع كل ولاية قواعد خاصة بها فالهدف من توحيد القواعد اتاحة التوسع كثيراً في هذا القطاع الحيوي الذي سيتحكم بمسار نمو الاقتصاد العالمي؛ فالرئيس ترمب يرى بأنه يهدف من هذا التوجه لاطلاق سباق تنافسي بلا حدود مع العالم لأنه يرى أن هناك فائزا واحدا بالمركز الأول أما أميركا أو الصين، وعبر عن أن بلاده تتفوق حالياً بفارق كبير عن الصين في هذا المجال حيث تعد هي الثاني عالمياً من حيث الاهتمام بالتقنية الحديثة.

فرغم بادرة حسن النية من ترمب بسماحه لشركة انفيديا عملاق ابتكار الرقائق الالكترونية وصناعتها الاكبر والاهم عالمياً بتصدير رقائق H200 المتقدمة والتي سعت الصين كثيراً لشرائها سابقاً دون جدوى الا ان المفاجئة هو رفض بكين للصفقة لعدة اسباب أهمها أنها لاتريد استمرار الاعتماد على استيراد الرقائق منانفيديا بعد أن تم حرمانها منها لسنوات وهو ما كان مقصوداً اميريكياً لإبطاء تقدم الصين تكنولوجياً، كما ان اميركا فرضت رسوما اضافية 25 بالمائة على كل شريحة من هذا النوع تباع للصين، وبذلك أصبحت التكلفة مرتفعة وغير مجدية إضافة الى عامل أهم وهو منع تصدير انفيديا لرقائق «بلاكويل ،وروبن» المتقدمة التي تعد هي القلب النابض للارتفاء بالذكاء الاصطناعي لمراحل متطورة جداً حتى يبقى الفارق التقني كبيرا بين الدولتين بهذا القطاع..

وحسب ما نقلته وكالة بلومبيرغ فإن الصين بدأت فعلياً دراسة هدفها تقديم حزمة من الحوافز بحوالي 70 مليار دولار لتمويل ودعم صناعة الرقائق الإلكترونية عبر شركاتها ، وضخ المزيد من أموال الدولة في قطاع تعتبره محورياً في تنافسيتها بالتكنولوجيا مع اميركا، وفي حال استطاعت بكين أن تستقل بمجال تصنيع الشرائح المتقدمة فانها ستصل لمرحلة الاستقلال التكنولوجي، وستكون قطبا بهذا القطاع الحيوي، وفرض نجاحها بأن تزيح أميركا من سباق التنافس فيه ستكون مسألة وقت ليس أكثر؛ فالرقائق الذكية اصبحت جزءا من الامن القومي الامريكي، والدليل أن تصديرها اصبح يحتاج لموافقات حكومية ومن الرئيس شخصياً وهو ما يؤكد أن العالم يتجه نحو مستقبل ستكون التقنية الذكية عصب الحياة بكل مجال وقطاع ومهنة، ومن لا يمتلك قوة في أي نشاط من قطاع التكنولوجيا مثل تصنيع الروبوتات وكذلك البرمجيات المتقدمة ومراكز البيانات أو الممكنات كالمعادن فلن يكون له مكان بين الاقتصادات الكبرى وسيبقى مستهلكاً للتكنولوجيا وهو ما يعد عاملا سلبيا اقتصادياً.

العالم يتنفس التكنولوجيا التي أصبحت محور استراتيجيات خطط النمو الاقتصادي للعديد من الدول، خصوصاً في مجموعة العشرين، والعامل الأهم لترجمة كل هذه التوجهات العنصر البشري الذي يتم تأهيله وتعليمه بالتخصصات الداعمة لهذا القطاع وهو ما ركزت عليه اميركا والصين كثيراً لأنه الركيزة الأساسية بترجمة تلك التوجهات لواقع عبر القدرة على انجاز الابحاث العلمية ذات العلاقة وتحويل نتائجها للواقع وتوجه الاستثمارات لدعم تلك الابحاث، ومن ثم الاستثمار بالشركات المصنعة لكل ما يحتاجه الذكاء الاصطناعي.