عبدالعزيز الفضلي
يذكر (ابن القيم) أن شيخه (الإمام ابن تيمية) قال له مرّة: «ماذا يصنع أعدائي بي؟ أنا جنّتي وبُستاني في صدري، أينما ذهبت فهي معي لا تفارقني، إنّ حبسي خَلْوَة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة».
إنّ المسلم الذي يكون الله تعالى غايته والرسول قدوته والآخرة همّة، تختلف حساباته عن حسابات من كان الدينار والدرهم هدفه، وأهل الشهوات قدوته، والدنيا أكبر همّه!
خرج الصحابي (حرام بن ملحان) في سرية تغزو في سبيل الله فغدر بهم العدو ورماه أحدهم برمحٍ فأصابه إصابة قاتلة، فصاح بأعلى صوته (فُزت وربّ الكعبة)!
قال هذا لأنه يُدرك بأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وأن ثمن التضحية بالروح هو جنة عرضها السماوات والأرض.
لذلك، لا نستغرب تلك الروح الفدائية التي رأيناها لدى المقاتلين في غزة وهم يواجهون أعتى جيوش العالم.
أصاب الناس في زمن عمر بن الخطاب، مجاعة (عام الرمادة) ثم أتت قافلة إلى المدينة تعدادها مئة ناقة محمّلة بالطعام وهي لعثمان بن عثمان، فأراد تجار المدينة شراءها بضعف قيمتها إلى ثلاثة أضعاف، إلا أن (عثمان بن عفان) تبرع بها كلها لفقراء المسلمين وقال: إن الله يعطي الحسنة بعشرة أمثالها.
عندما يتبرع الإنسان بشيء من ماله في سبيل الله، ففي حسابات أهل الدنيا أن ماله ينقص، لكن النبي عليه الصلاة والسلام يبين العكس فيقول: (ما نقص مالٌ مِن صدقة).
عندما يملك الإنسان الفلسطيني شجاعة قول الحق فيقولها وقد يكون الثمن حياته، ففي حسابات الناس أن هذا جنون أو تهور، بينما النبي صلى الله وعليه وسلم، يقول: (سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائرٍ فأمره ونهاه فقتله).
لعل كثيراً من الناس يعتبون على أهل غزة مواجهتهم للعدو الصهيوني، ولو أنهم خضعوا واستسلموا للكيان الصهيوني لكان ذلك أفضل!
لكننا نذكّر المعاتبين أن الله تعالى أثنى على المؤمنين الذين قُتلوا حرقاً في قصة (أصحاب الأخدود) لأنهم لم يتنازلوا عن إيمانهم مقابل السلامة، وقال عن ذلك الموقف (ذلك الفوز الكبير).
لذلك يسير المؤمن في طريقه نحو الله تعالى بحسابات تختلف كلّيا عن حسابات أهل الدنيا، لأنه يدرك أن الدنيا مَمَر والآخرة هي المُسْتَقر.
X: @abdulaziz2002















التعليقات