لعلّ أسوأ الناس الذي يشتكي حالاً يتناقض مع قناعاته وجميع أفعاله ، حياته محتلة بكل ماهو متوارث عليه، فعدسة اليوم ليست كالأمس مع مفعول ثورات التقنية والتقدم وتوسع المدارك ومعاصرة السحابة العاصرة لقناعة مقننة لهبوط التفكر، حتى يتم تكوين نسخة مكررة من الاخر فمثل هذه الحالة نجد أن المتزوجين ليست حياتهم مبنية على الإستقرار والحب بل على الإكثار من الإنجاب حتى يتباهى بين عشيرته.
السعوديون هم الأكثر إنجاباً فتجد الرجل الواحد بعد عشر سنوات من زواجه لديه خمسة أطفال وفي ظل تعدد الزوجات تجد أن لكل زوجة 3 إلى 4 أطفال ، ولو قسمنا مرتب هذا الزوج على كل أسرة ستجد الناتج النهائي في كل شهر صفر بالسّالب وهو لايشعر بذلك مستنداً على مقولة " كل طفل يولد سيأتي برزقه معه " فكيف لهذه الأرزاق أن تمطر عليه والفقراء لا تمطر عليهم وسبب فقرهم هو عدم تنظيم النسل.!
قد يجدونها حجة لبعض المتزوجين في انتهاء وقود زوجته للإنجاب فيبدأ بالتعدد من أجل تكاثر النسل ، وتجده يتديّن من أجل أن يفتح البيت الثاني ثم الثالث وهكذا .. فكيف لنا أن نصفّر عداد الإنجاب ونعيد ترتيبه بتخطيط وتركيز!، فالآباء الجيدون هم الذين يخططون حياة أبنائهم ويحرصون على إنتاج ابنٍ صالحٍ بعد بذل كل السبل لغرس المفاهيم والقيم الصالحة .
كثرة الإنجاب نقمة على صحة المرأة ، طفل بعد طفل وماذا يحدث بصحتها رغم أن بعضهن شغوفاتٍ بالعيش أكثر من مرة شعور الأمومة، فهناك مقولة سائدة لدى النساء " عشان تضمني قوزك يبقى معك خلفي عيال كتار " وهذه القاعدة للأسف دمرت حياة الكثير من النساء ، ومع تغيُّر مفهوم الرجل الشرقي اليوم بدأ يخطّط حياته وينظم ميزانيةً لكوخه الصغير .
فالرجال في الماضي اشتهروا بكثرة الإنجاب وقبل أكثر من ثلاثة الآف عام عاش رمسيس الثاني لينجب هذا الفرعون المصري أكثر من 100 طفل ، وجاك كيغونغو الذي توفي في عام 2012 م أستطاع أن ينجب 158 طفل من 20 زوجة خلال حياته، ومتبرع أمريكي بحيواناته المنوية أنجب 150طفل بحسب بنك الحيوانات حي كانت تتم فيه عملية التبرع .
فالمجتمعات الدينية تحدد النسل: " لاضرر ولا ضرار كي لا تمرض الأم وتصاب بأمراض مصاحبة لكثرة الحمل وكي لا تنجب أبناء و تهمل تربيتهم لكثرة عددهم لأن الضريبة عاليةً جداً ويتحملها الأبوين ، فالعينين خلقهم الله لكي لا تركز إلا على شيء واحدٍ حتى تنضج هذه النظرة ومن الصعب أن تذهب عين واحدة لشيء واحد ، فنعيد فرز هذه الفرضية على المجتمع السعودي المتقلد بالعادات التي حُصدت من كثرة التعدد والإنجاب لنرى جيلاً غير مستوعبٍ لأهدافه وطموحاته ، فكيف يستقيم هذا الشاب وطفولته كانت عوجاء ومهملة ولم تأخذ حقها في الإهتمام من الأب والأم ، ومع غلاء الأسعار والتضخم في كل سنة نجد أن الحياة ستكون أكثر صعوبةٍ على المكثرين من تفقيس الأبناء وأيضا على الذين يشتكون من الراتب وانه لا يكفي .. حقا الراتب لا يكفي حاجة هذه القناعة فحسب وذلك لأن قناعته المتوارثة ليست كنزاً فينتفع ولكنها مع مرور الأيام جعلت راتبه تحت حقل عدم كفاية الحاجة له حتى أوصلته إلى خط الفقر ، وحتى لو كانت بحجّة هذه الآية في قوله تعالى : " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " نعم المال والبنون زينة الحياة ولكن في الإفراط من كثرة إنجاب البنون شناعة ومحق للمال فتصبح الحياة بشعةً لا تُطاق ، وكلي أمنياتٌ بأن تشق النقطة الطريق الصحيح في التحديد أم فوضى النسل ويبقى لكم في نهاية المطاف حرية اختيار ما تشاؤون .
كاتبة سعودية
التعليقات