ملاحظة: أنا ممتنع مع سبق الإصرار والترصد عن الكتابة منذ أكثر من عام منذ أن أنهيت كتابة أكثر من 40 مقال عن "الطرق المبتكرة لمقاومة الإرهاب". وأتعشم أن أضم تلك المقالات في كتاب قريبا وأن يكون حظه أفضل من الكتابين السابقين (مازالت نسخهما الغير مباعة موجودة في بيتنا بالقاهرة، وأرجو قريبا أن أتمكن من بيعهما لمحلات اللب والفول السوداني لإستخدامها في لف اللب والفول السوداني لكي تعم التسلية والفائدة).. وبما أننا نتكلم عن اللب لذلك دعونا ندخل في "لب" الموضوع، توقف عن الكتابة لسببين:
أولهما: أن حوادث القتل والإرهاب اليومية والحروب الأهلية حولنا أصابتني وأصابت الكثيرين في عالمنا العربي بالإكتئاب وأصبح المسلم العربي مرادفا للإرهاب، لذلك لم يكن من السهل أبدا أن أكتب كتابة ساخرة والأبرياء يقتلون حولنا بطرق بشعة لم نشهد لها مثيل من قبل.
ثانيهما: أنني اكتشفت أنني سوف أكرر نفسي، لأن المشاكل تتكرر والشعارات تتكرر ولا تقدم يذكر على الأرض سوى أن كل شخص الآن (بما فيهم أنا) لديه موبايل ذكي ينظر إليه طوال الوقت، وليس لدينا أي وقت آخر سواء للكتابة أو القراءة ناهيك عن حل المشاكل المزمنة..
..
وها أنا أمارس الكتابة مرة أخرى، فلماذا عدت للكتابة؟ عدت للكتابة لسببين أيضا:
أولهما: أن الكتابة بالنسبة لي هي علاج نفسي (لي وليس للقراء) وهي أرخص كثيرا من الذهاب لطبيب نفسي والذي ربما يكتشف عللا نفسية عندي قد تقودني للجنون بدلا من مجرد الإكتئاب.
ثانيهما: أني وعدت قارئة وحيدة من لبنان بأنني سوف أعاود الكتابة مرة أخرى، والحقيقة أنني لم أفاجىء بعدم إهتمام اي أحد بتوقفي عن الكتابة سواء القراء أو المجلة الإلكترونية التي أكتب فيها، ومعهم العذر لأن الكل مشغول بالواتس آب والفيس بوك وإنسجرام وتويتر وغيرها من تلك الأمور الحيوية..
فها أنا ذا أعود للكتابة، وأود أن يعذرني القراء الذين أسعدهم توقفي عن الكتابة لأن الكتابة كما ذكرت بالنسبة هي علاج نفسي رخيص.
…..
نعود إلى مقال اليوم:
أنا منذ نعومة أظفاري (حلوة نعومة أظفاري دي! وإن كنت أجهل سبب ربط نعومة الأظفار بالعمر، فأنا داخل على أرذل العمر وما زالت أظفاري ناعمة وخاصة بعد أن أخذت حمام صباح اليوم!).. أي أنني منذ الصغر وأنا أسمع عن شعارات هامة في حياتنا بل أن حياتنا أحيانا توقفت بسبب تلك الشعارات، وأهم تلك الشعارات هو شعار "تحرير فلسطين" وهذا الشعار تربينا عليه وأصبح من ضمن الجينات العربية والتي لا تقبل أي فصال؟ لذلك كانت صدمة كل الشعوب العربية (بإستثناء قلة قليلة) من مبادرة السادات وتوقيعه معاهدة السلام مع إسرائيل لأنه بذلك أخل بالنظام الجيني العربي الذي تربينا عليه وأصبح قتل السادات مسألة حتمية لإخلاله بالنظام الكوني العربي والذي هو كون بحد ذاته ولا علاقة له بالكون الآخر حولنا، يعني الإتحاد السوفيتي إنهار، وإلتهمت إسرائيل كل فلسطين (بإستثناء غزة، لأن غزة مشكلة مستعصية على الهضم حتى بالنسبة لمعدة إسرائيل)، وأصبحت إسرائيل دولة عظمى بالمنطقة بها 7 من أفضل جامعات العالم، وتنفق على التعليم (كنسبة من الدخل القومي) أعلى من أي دولة بالمنطقة، وأصبحت الدولة رقم 6 في تصدير السلاح المتطور وذو التكنولوجيا الفائقة، وجاء ترامب للبيت الأبيض، ورغم كل هذا لا يزال شعار تحرير فلسطين في ضمير كل فلسطيني وكل عربي، والحقيقة أن ترامب أعجبني جدا بعد لقائه مع رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو، حينما قال: "أنه يوافق على أي حل يقبل به الإسرائيليون والفلسطينيون، عاوزين دولتين ماشي، دولة واحدة أوكى، دولتين ونصف برضة ما فيش مشكلة، المهم أطلعوا من نافخونا، قرفتونا بمشكلة فلسطين لمدة 70 سنة" ترامب رجع الكرة إلى ملعب الفلسطينيين والإسرائيليين، هل أنتم جادين في العيش معا؟ أوكى.. أجتمعوا مع بعض وأطلعوا لنا بإتفاق، أي إتفاق أفضل من "اللاإتفاق"، لا تريدون أن تتفقوا وتفضلون النزاع حتى نهاية القرن الواحد والعشرين؟ خلاص أنتم أحرار فيما تفعلون ولكن لا تجعلوا قضية فلسطين قضية العرب وقضية العالم كله، أنها قضية محدودة بشعبين يتنازعون على قطعة أرض وكلما تدخل العرب أو القوى الأجنبية كلما تعقدت القضية أكثر، لأن كل طرف آخر يتدخل له أجندة خاصة ومصالح خاصة لا علاقة لها بالقضية الأصلية، بل على العكس هناك أطراف إسرائيلية وفلسطينية وأجنبية ليس من مصلحتها حل المشكلة وتستفيد من إستمرار تلك المشكلة، وحتى لا نظلم أي أطراف سواء خارجية أو داخلية، هناك أغلبية ساحقة من الفلسطينيين والعرب أصدقائي يؤمنون ويتمنون زوال إسرائيل ولا مانع لديهم بأن تستمر المشكلة ألف سنة أخرى ما دامت ستنتهي بزوال إسرائيل، ويقولون لك بأن الصليبيين إحتلوا بيت المقدس لمدة 400 عاما ثم خرجوا، ونحن في إنتظار صلاح الدين الأيوبي وخالد بن الوليد وقصصهم الخرافية والتي تفوقت على أفلام جيمس بوند والسوبر مان، سوف يجيء المخلص قريبا، وحتى يحضر لا بد من معاناة الشعب الفلسطيني وهي ضريبة بسيطة ندفعها في سبيل الخلاص!! أصدقائي لا تلوموا أمين الحسيني أو ياسر عرفات أو عبد الناصر أو إسماعيل هنية أو حتى نتنياهو على رفضهم للحلول السلمية واحدا تلو الآخر، هؤلاء كانوا ولا زالوا يعبرون عن شعوبهم أصدق التعبيرلأنهم من نسيج تلك الشعوب. أبشروا أخوتي وأخواتي الخلاص قادم بإذن الله وإن لم يلحقنا الخلاص، فسوف يلحقه أبناؤنا أو أحفادنا أو أحفاد أحفاد أحفادنا، "وأن غدا لناظره قريب" وهي ذات العبارة التي كنت أختم بها كل موضوع إنشاء (تعبير) في دروس اللغة العربية في مدرسة المنيرة الإعدادية بحي السيدة زينب بالقاهرة.
التعليقات