إن قيام الولايات المتحدة بتدمير مطار الشعيرات حركة استعراضية لاسترضاء العرب الذين كالوا اللوم والعتب على حليفهم التقليدي الذي أشاح بوجهه عنهم، ولكل شيء ثمنه، ولن تتكرر هذه الضربة، لأن الولايات المتحدة لا تغامر بمواجهة مع روسيا قد يكون ثمنها أكبر بكثير من مكاسبها، لذا فالمتوقع هو قيامها بالتركيز على الجماعات الإسلامية وجلبهم من وراء أعالي البحار وهم متوفرون بكثرة وسوف تتكاتف الدول لتمريرهم ومساعدتهم على العبور إلى الداخل السوري والعراقي، بكثافة أكبر من ذي قبل. لذا فعلى الأرجح أن الأيام القادمة ستشهد توافدا غير مسبوق لهذه الجماعات، لأن هذا هو السلاح الوحيد الذي نجح ضد روسيا وسوف تعيد أمريكا سيناريو أفغانستان في المنطقة العربية لإخراج روسيا وإيران، فقد جرت مواجهة عسكرية تقليدية من قبل مع ايران ولم تنجح، وليس هناك مخرج سوى جلب المزيد من الجماعات الإرهابية.
وبناء على ذلك، فإن الجحيم سيكون أكبر من ذي قبل، لأن روسيا وايران لديهما أقوى الدوافع للتمسك بسوريا لاعتبارات استراتيجية واقتصادية وطائفية (بالنسبة لإيران)، ولن تخرجا بسهولة فهما أكبر منتجين للغاز في العالم، ويريدان السيطرة على الساحل السوري لتصدير الغاز، وتخليهما عن سوريا يعني ضربة لاقتصادهما لضياع السوق الأوروبية منهما، ناهيك عن أن خروجهما سيكون مشينا وسيفقدون حليفا هاما جدا لهما. وسوف تتمسك الدولتان بسوريا حتى آخر رجل. وإزاء هذا الوضع، ومع تدفق المقاتلين ربما تشهد المنطقة مزيدا من التفجيرات على شاكلة تفجير الكنيستين في مصر، وبالتأكيد سيكون هناك تدخل أمريكي ولكن ليس كضرب مطار الشعيرات الذي يجب ألا ينظر إليه بوصفه تحولا في الموقف الأمريكي، الذي يهدف إلى إبقاء النيران متأججة وبث الفوضى وابتزاز الجميع وبيع السلاح ورفع سعر النفط وغير ذلك من المكاسب. إن المشهد الحالي ينبئ بأن نهاية الحروب الدائرة سيكون دولة إسلامية في العراق وسوريا وتصدير الإرهاب إلى كافة دول العالم، ولكن بعد حرق الأرض والبشر.
ألا يمكن للعرب أن يتوصلوا إلى حل لإغلاق باب جهنم؟ أليس لديهم تصور للمزيد من المآسي التي ستحدث يوميا وتطالهم جميعا؟ أليس لديهم تصور لحجم الخسائر المادية والبشرية التي تنتظرهم؟ ألا يمكنهم الحوار فيما بينهم دون جنيف أو أستانة؟ إن من يظن أن الولايات المتحدة ستحسم القتال وتحقن الدماء لا يعرف أنها قتلت الملايين من الهنود الحمر لتقيم مجدها على جثثهم. لن يأتي الإنقاذ من الخارج، ولا بد للعرب من وضع حد لهذه المأساة بأنفسهم.
- آخر تحديث :
التعليقات