بعد 32 عاما على توقيعها تدخل على خط الصراع الإيراني الأميركي
إتفاقية الجزائر تجدد خلافات إيرانية عراقية نحو تعديلها
أسامة مهدي من لندن: بعد 32 عاما على توقيعها تعود اتفاقية الجزائر الموقعة بين العراق وايران الى واجهة العلاقات بين البلدين حيث لم تنتظر طهران طويلا على رفض الرئيس العراقي جلال طالباني الاعتراف بالاتفاقية الموقعة عام 1975 فانبرت بعد 24 ساعة لرفض هذه التصريحات وسط خلافات على استقبال وفد عراقي لتفعيلها وحيث تراجع طالباني الليلة الماضية عن رفضه الاتفاقية مؤكدا انها قائمة لكنها تحتاج الى مفاوضات لتعديلها اثر اتهامات ايرانية بدور اميركي في تصريحاته . إتفاقية الجزائر قائمة وليست ملغاة لكنها تحتاج إلى تعديل
ومنذ اسابيع شكلت الحكومة العراقية وفدا يضم خبراء من الوزارات المعنية مثل الموارد المائية والنقل والداخلية والدفاع والخارجية لإجراء مباحثات في طهران حول تفعيل وتنفيذ هذه الاتفاقية برغبة من المالكي والحكيم وهو امر ترغب فيه ايران وتصر على الاعتراف بالاتفاقية والعمل على اتخاذ اجراءات للمضي قدما للعودة الى بنودها بعد ان مضى 32 عاما على تمزيق الرئيس السابق صدام حسين ولتشعل قصاصاتها الممزقة حربا ضروسا بين البلدين استمرت ثمانية اعوام وادت الى سقوط مليون قتيل من ابناء البلدين . لكنه يبدو ان موقف الاكراد المعارض للاتفاقية ومعتبرا انها ملغاة ما زال يؤجل ارسال الوفد الى طهران للبدء بالمفاوضات حولها .
طالباني يلغي ثم يتراجع ومتكي يتهم واشنطن
والليلة الماضية تراجع طالباني عن تأكيده الذي اطلقه الاثنين الماضي أن الاتفاقية ملغاة ولم تعد قائمة فقال انها قائمة وليست ملغاة لكنها تخضع للحوار من اجل تعديل بعض بنودها وشدد على انه لم يقصد بتعليقه العابر والارتجالي إلغاء الاتفاقية القائمة وذلك بعد ساعات من اتهام وزير خارجية ايران منوشهر متكي لاميركا بدور في تصريحات طالباني السابقة .
واضاف طالباني في بيان انه عندما عقد الرئيس السابق صدام حسين حينما كان نائبا للرئيس وشاه ايران محمد رضا بهلوي الاتفاقية، فقد عارضتها المعارضة العراقية السابقة بجميع فصائلها القومية والاسلامية والديمقراطية باعتبارها حبل نجاة للدكتاتورية الصدامية التي كانت تترنح تحت ضربات الثورة الكردية لذلك اعتبرتها ملغية وغير شرعية.
وشدد على ان الاتفاقية قائمة غير ملغية وفق القوانين والاعراف الدولية ولكن هناك ملاحظات حول بعض البنود ولكنها خاضعة للحوار والاتفاق المشترك بين الجانبين الصديقين الايراني والعراقي. واضاف ان الاتفاقية قائمة وليست ملغية بل نافذة ولايجوز لطرف واحد ان يلغي أو ينسف هذه الاتفاقية. لذلك فهذه حقيقة يعرفها فخامة الرئيس ولم يقصد بتعليقه العابر والارتجالي إلغاء الاتفاقية القائمة .
وجاء هذا بعد ساعات من تصريحات لوزير الخارجية الايراني منوشهر متكي اكد فيها تمسك بلاده بالاتفاقية محذرا الاميركيين من quot;الدخول في هذه اللعبة من جديدquot;. وقال ردا على سؤال عن موقف ايران من تصريحات طالباني ان quot;الاتفاقيات والمعاهدات بين الدول لا تتعلق بحكم يحل مكان حكم آخرquot;. واضاف quot;لا يمكن لتغير النظم السياسية ان يخل بالمعاهداتquot;. وقال quot;ننبه الاميركيين الا يبدأوا لعبة جديدة وان يتعلموا الدرس من الفشل الذي منيوا به في الاعيبهم السابقةquot;، موضحا ان طهران لمست لدى طالباني quot;خلال زياراته لايران وخلال مناقشتنا لهذه القضية موقفا آخر غير هذاquot;.
واضاف الوزير الايراني ان quot;الاميركيين قبل 32 سنة دخلوا هذه اللعبة ونحن نحذرهم بعدم دخول اللعبة من جديدquot;. واكد ان quot;اتفاقية الجزائر وثيقة رسمية مسجلة لدى الامم المتحدة وتتمتع بالقوة القانونية اللازمة ولا مجال للاخلال بهاquot;.
وفي وقت سابق اشار وكيل وزير الخارجية العراقية محمد الحاج حمود ان العراق يرغب في مباحثات مع الجانب الايراني لبحث إعادة شط العرب الى مجراه السابق ورفع السفن الغارقة وإزالة الألغام مشددا على أن اتفاقية الجزائر عام 1975 بين البلدين مازالت لاغية. واضاف ان هذه الاتفاقية quot;ليست هي موضوع النقاش على الرغم من كونها محط اهتمام الحكومتين العراقية والايرانية ويمكن ان يتم التوصل الى اتفاق بشأنها من دون توضيحات اخرى حول طبيعة هذا الاتفاق . وأوضح أن اتفاقية الجزائر عام 1975لا تزال لاغية بالنسبة إلى العراق وانه يجري النقاش بشأنها تدريجيا .
وقال إن هناك مسألة معلقة تتعلق بحقول النفط مؤكدا انه عند وضع الحدود بشكل دقيق سيتم معرفة عائدية المكامن النفطية . وعن مصير اتفاقية 1975 قال حمود انه من المبكر الحديث عن اتفاقية جديدة مؤكدا ان البلدين الان بصدد حل مشاكل عملية مثل شط العرب والحدود التي كانت تمثل العمود الفقري للاتفاقية .
ماهي اتفاقية الجزائر ؟
وقد وقعت اتفاقية الجزائر في السادس من اذار (مارس) عام 1975 بين صدام حسين وشاه إيران محمد رضا بهلوي برعاية الرئيس الجزائري انذاك هواري بومدين وذلك بعد ان شكلت حدود العراق مع إيران إحدى المسائل التي تسببت في إثارة الكثير من النزاعات في تاريخ العراق. ففي عام 1937 وعندما كان العراق تحت الهيمنة البريطانية تم توقيع اتفاقية تعتبر ان نقطة معينة في شط العرب غير خط القعر هي الحدود البحرية بين العراق وإيران لكن الحكومات المتلاحقة في إيران رفضت هذا الترسيم الحدودي واعتبرته quot;صنيعة امبرياليةquot; واعتبرت إيران نقطة خط القعر في شط العرب التي كان متفقا عليها عام 1913 بين إيران و العثمانيين بمثابة الحدود الرسمية ونقطة خط القعرهي النقطة التي يكون الشط فيها بأشد حالات انحداره. وفي عام 1969 أبلغ العراق الحكومة الايرانية ان شط العرب بكامله هي مياه عراقية ولم تعترف بفكرة خط القعر. وفي عام 1975 ولغرض إخماد الصراع المسلح للاكراد بقيادة مصطفى بارزاني الذي كان مدعوما من شاه إيران محمد رضا بهلوي، قام العراق بتوقيع الاتفاقية مع إيران التي اقرت بان نقطة خط القعر تشكل الحدود بين الدولتين ولكن صدام مزق هذه الاتفاقية في عام 1980 فاندلعت حرب الخليج الأولى. لكن صدام عاد الى العمل بالاتفاقية في رسالة بعث بها إلى الرئيس الإيراني الاسبق آنذاكهاشمي رفسنجاني اواخر عام 1990 اثر احتلاله للكويت . وشط العرب (400 كم جنوب بغداد) يتشكل بالتقاء نهري دجلة والفرات عند مدينة القرنة ويبلغ طوله حوالى 190 كيلومترا ويصب في الخليج العربي ويصل عرضه في بعض مناطقه إلى كيلومترين.
ومقابل موافقة العراق على تقسيم شط العرب الممر المؤدي إلى الخليج العربي بين العراق وإيران طبقا لخط التالوك وهو يمثل اعمق نقطة داخل الممر المائي فإن ايران اوقفت دعمها للأكراد الذين كانوا يخوضون معارك مع الجيش العراقي في الشمال.
طهران ترفض بشدة إلغاء الاتفاقية
وفي مواجهة رغبة الحكومة الايرانية ورئيس الحكومة العراقية المالكي مدعوما بتأييد الحكيم فإنه كان من المنتظر إرسال الوفد العراقي الى طهران قريبا لكن معارضة الاكراد وبعض القوى السنية المتخوفة من النفوذ الايراني في العراق قد اجلت سفره حتى الان حتى فجر الرئيس العراقي جلال طالباني قنبلته السياسية والاعلامية الاثنين الماضي عندما اكد عدم الاعتراف بالاتفاقية مشددا على انها تعتبر ملغاة وان جميع فصائل المعارضة العراقية السابقة لصدام حسين والمشاركة في السلطة حاليا كانت قد اتفقت على رفضها .
وردا على سؤال عن سعي حكومة المالكي إحياء الاتفاقية قال طالباني إنه لا مجال لذلك مؤكدا أن أطراف العملية السياسية الحالية الذين كانوا بالمعارضة السابقة يعترفون بهذه الاتفاقية مشيرا إلى أنه رفض الاعتراف بالاتفاقية خلال زيارته الاخيرة إلى طهران. وأضاف ان quot;هذه الاتفاقية كانت اتفاقية صدام وشاه إيران وليست اتفاقية العراق مع إيران ونحن نريد علاقات جيدة وممتازة مع جارتنا الجمهورية الإسلامية في إيران، وسبق أن تشاورنا مع الإخوة الإيرانيينquot;.
لكن ايران لم تنتظر طويلا فردت بقوة على تصريحات طالباني بعد 24 ساعة من اعلانها داعية العراق الى الالتزام بالاتفاقية معتبرة انها quot; ثابتة ولا يمكن تغييرهاquot;.
وقال المتحدث باسم الخارجية الايرانية محمد علي حسيني في بيان ان quot;ابداء اي وجهة نظر حول إلغاء هذه الاتفاقية يفتقد الى الاسس القانونية ويتوقع من الرئيس العراقي الالتزام بتعهدات بلاده استنادا الى الاعراف والقوانين الدولية وكذلك مبدأ حسن الجوارquot;. واشار الى ان بلادهquot; احترمت هذه الاتفاقية حتى بعد انتصار الثورة الاسلامية عام 1979 ونفذت بنودها بدقة استنادا الى مبدأ الوفاء بالعهود والمواثيق . واضاف ان quot;طهران تعتبر هذه المعاهدة حجر الاساس لاقامة علاقات الصداقة وترسيخ العلاقات بين الجانبين وان آفاق تنمية هذه العلاقات يمكن صياغتها فقط في اطار هذه المعاهدةquot;. واضاف حسيني ان quot;المعاهدات المتعلقة بترسيم الحدود بين الدول ثابتة ولا تتغير وان حدوث امور كالحروب وتغيير الانظمة لا يمكنها ان تنقض الاتفاقيات الدولية سارية المفعولquot;.
وقال quot;من وجهة نظر القوانين الدولية كذلك فان المعاهدات التي ترسم الحدود بين الدول ( المعاهدات الحدودية) توجب حقوقا والتزامات بالنسبة إلى الدول وهي ثابتة ولا تتغير وان قضايا مثل الحروب وتغيير الحكومات والتغييرات الأساسية في الأوضاع لا يمكنها ان تنقض الاتفاقيات الدوليةquot;. وأوضح ان معاهدة الحدود بين البلدين تنص على quot;ان الجانبين يؤكدان ان الحدود البرية والمائية لا تتغير وهي دائمة ونهائيةquot;. واشار الى انه يتوقع من quot;الرئيس العراقي الالتزام بتعهدات بلاده استنادا الى المبادئ والقوانين الدولية التي تؤكد الالتزام بالمعاهدات الثنائية وكذلك مبدأ حسن الجوار والمادة الثامنة من دستور بلاده quot;.
اما السفير الايراني في العراق حسن كاظمي قمي فقد شدد على أن طهران لن تقوم بإجراء أي تغيير أو تعديل على اتفاقية الجزائر التي أبرمها العراق وإيران عام 1975 خلافا لتصريح وكيل وزير الخارجية العراقية محمد الحاج حمود. واشار قمي الى ان هناك نقاشات في خصوص تطبيق بنود هذه الاتفاقية حيث تم تنفيذ البعض منها و من المقرر ان يزور طهران وفد لتطبيق الباقي منها. وقال quot;استطيع ان اؤكد ان هذه وثيقة لاتتغير حيث نحن نقوم بخطوات لتطبيقهاquot;.
موقف الحكيم والمالكي من الاتفاقية
يضغط المجلس الاعلى الاسلامي بزعامة السيد عبد العزيز الحكيم الذي يرتبط بعلاقات استراتيجية مع ايران وكذلك حزب الدعوة بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي من اجل تفعيل الاتفاقية رغم معارضة الاكراد لها .
وكانت حكومتا العراق السابقتان برئاسة اياد علاوي وابراهيم الجعفري قد جمدتا العمل بتنشيط او تنفيذ الاتفاقية ولم تكونا متحمستين للرغبات الايرانية في هذا المجال .
وعن موقف المجلس الاعلى فقد قال محسن الحكيم نجل رئيس المجلس ومستشاره السياسي الذي يدير شؤون مكتب المجلس في طهران quot;ان المعاهدات الدولية و خاصة المعاهدات الحدودية غير قابلة للتغيير مؤكدا: تفتقد عملية إلغاء اتفاقية عام 1975 في الجزائر لأي اعتبار قانونيquot;. واشار الى ان معاهدة فيينا لعام 1965 لاتقر بإلغاء المعاهدات بين الدول وهذا يصدق على اتفاقية الجزائر بحسب تصريحات له نشرتها صحف ايرانية اليوم . واضاف انه يمكن ان تكون هناك امكانية لمراجعة بعض الاتفاقيات لكن هذه القضية يجب ان تتم بالتوافق بين الدول المعنية كما يجب ان يتم تطبيق الاتفاقيات الحدودية بصورة محكمة.
وقد كشفت مصادر قريبة من نائب الرئيس العراقي والقيادي في المجلس الاعلى عادل عبدالمهدي مؤخرا quot;ان الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد قد طلب من المالكي وعبدالمهدي خلال زيارتين قاما بها الى ايران مؤخراً اعادة ترسيم الحدود بين البلدين واعادة العمل باتفاقية الجزائر . واوضحت ان المالكي يعمل على تفعيل الاتفاقية من خلال تشكيل وفد رسمي عراقي سيغادر الى طهران لبحث الامر هناك . وكان عبد المهدي قال خلال زيارة الى لندن مطلع العام الحالي ان quot; الايرانيين يطالبون باعادة ترسيم الحدود بين البلدين وتسليم الآلاف من اعضاء منظمة مجاهدي خلق المعارضة مقابل وقف تسليح الميليشيات وتدريب عناصرهاquot;.
مبررات الرفض الكردي للاتفاقية
يعتبر الاكراد توقيع شاه ايران السابق رضا بهلاوي خيانة للثورة الكردية حيث إنها سحبت الدعم الايراني الكبير ماديا ومعنويا وتسليحيا للحركة الكردية التي كان يقودها الزعيم الكردي الراحل مصطفى بارزاني ضد الحكومات المركزية للمطالبة بحقوق الاكراد .
ويؤكد مصدر كردي تحدثت معه quot;إيلافquot; ان الاتفاقية شكلت نكسة للحركة الكردية وحاصرتها وجعلتها اسيرة الاملاءات التي كان يرفضها النظام العراقي السابق . واشار الى أن من الاثار الكارثية لتلك الاتفاقية هي عمليات التهجير القسري التي قامت بها السلطات للعائلات الكردية والتركمانية من كركوك وديالى وصلاح الدين والموصل في اطار سياساته لتغيير التركيبة السكانية للعديد من المناطق العراقية لصالح حركة التعريب التي كان يقوم بها . واشار الى ان اثار تلك السياسة لا تزال تعيق الوفاق الوطني العراقي نظرا للاثار القومية والطائفية والجغرافية التي ينوء تحت ثقل تداعياتها السلبية النظام الجديد في العراق حاليا .
واشار الى ان مجرد الحديث عن تلك الاتفاقية امر مرفوض بالنسبة إلى حكومة الاقليم وشعب كردستان لانها وقعت في ظل نظام شمولي فرط بمساحات واسعة من اراضي اقليم كرستان لتحقيق اهداف سياسية على حساب الشعب الكردي . وقال إن أبشع مآسي الأكراد مع النظام السابق بدأت بالفعل بعد اتفاقية الجزائر. فبعد عام واحد من التوقيع عليها تحدّث صدّام حسين علانية عن عزم نظامه على إخلاء الشريط الحدودي العراقي المحاذي لكل من إيران وتركيا من السكان. وفي حين أن الإعلان الرسمي الأولي للمشروع أكد شريطا خاليا من السكان يمتد بعرض ١٠ الى ٢٠ كيلو متراً فإن النظام السابق وخلال السنوات الاثنتي عشرة التي تلت ذلك الإعلان لم يتقيد بحدود معيّنة ومع انتهاء الحرب العراقية ـ الإيرانية علم 1988 كانت الحكومة قد أكملت إخلاء مناطق شاسعة بلغت مساحتها ضعف مساحة دولة مثل لبنان بعدما دمرت حوالى 4 الاف قرية كردية .
ويرى الاكراد انه في حال اعادة تفعيل الاتفاقية فسينطوي على مساومات على صعيد محاربة الشعب الكردي ورسم سياسة مشتركة معادية له كما حدث في عهد الشاه وهو ما سوف يرفضه الشعب الكردي ويقاومه . معروف ان ايران تشتكي حاليا من وجود فصائل كردية معارضة لها حاليا على اراضي اقليم كردستان العراق وتقوم بين الحين والاخر بضربات جوية ومدفعية لقواعدها هناك . ويشير اكراد العراق ايضا الى ان هناك نتوءات حدودية في مناطق قنديل وقلعة دزة ودربندخان وجبل بمو في شمال شرق العراق قد حصلت ايران على بعض منها في سياق عملية رسم الحدود وفقا للاتفاقية .
ومن جهته اكد محمود عثمان السكرتير الشخصي للزعيم الكردي الراحل مصطفى بارزاني والنائب الحالي في البرلمان العراقي عن قائمة التحالف الكردستاني حول ما اذا كانت اعادة تفعيل اتفاقية الجزائر حاليا تصب في صالح الشعب الكردي ..اكد انها لا تخدم مصالح الشعب العراقي بجميع اطيافه وبالأخص الشعب الكردي الذي خسر الكثير من حقوقه وأراضيه بسببها .
واضاف عثمان ان العراق لا يمكن له إحياء اتفاقية ألغيت في مراحل سابقة من قبل احد الطرفين الموقعين عليها مشددا على ان الجانب العراقي ينبغي ألا يخوض مفاوضات بشأن مثل هكذا اتفاقيات كما ابلغ صحيفة quot;الشرق الاوسطquot; مؤخرا . وعن اسباب اثارة هذه القضية من جانب ايران في هذا التوقيت بالذات اوضح عثمان ان الموقف العراقي الراهن ضعيف والبلاد تتعرض لتهديدات على حدودها الشمالية مع تركيا والمشاكل الامنية والسياسية تعصف بها من الداخل وهي كلها عوامل تحفز ايران على استغلال الوضع الحالي للعراق لحمله على تنفيذ تلك الاتفاقية . واضاف ان ايران لو كانت حريصة فعلا على المصالح العراقية لما طالبت بإعادة تفعيل تلك الاتفاقية المشؤومة التي لا تنسجم مطلقا والمصالح العليا للعراق وشعبه وفي هذا الوقت تحديدا. وحول ما اذا كانت هناك خبايا وخفايا في الاتفاقية لم يعلن عنها لحد الآن، قال عثمان ان الاتفاقية اعلنت بالكامل في حينها ولم يعد هناك من خفايا، لكن تعهد الجانبين الايراني والعراقي بمحاربة الحركات الكردية والتيارات المعارضة في كلا البلدين يمكن اعتباره احدى خبايا الاتفاقية الى جانب مواقف الدول المصدرة للنفط اوبك التي ايدت الاتفاقية على حساب مصالح الشعب الكردي فقط لانعاش اسواق النفط العالمية في حينها.
واشار الى ان الحكومة العراقية لن تستطيع اعادة العمل بتلك الاتفاقية دون موافقة مجلس النواب الذي ينبغي ان يعرض عليه الامر اولا ليقول كلمته بشأنه والتي سوف لن تكون لصالح الاتفاقية مطلقا .
اما على الصعيد الرسمي في اقليم كردستان فقد وصف عماد احمد وزير الاعمار والاسكان في حكومة الاقليم الاتفاقية بالضربة العسكرية والسياسية الموجعة التي اخمدت الثورة الكردية . وقال ان الاتفاقية تضر كثيرا بمصالح الشعب العراقي عموما والشعب الكردي على نحو خاص كونها تنطوي على تنازلات عن الكثير من الحقوق السيادية والجغرافية التي قدمها صدام لشاه ايران في سبيل تحقيق غايته السياسية المتمثلة بالقضاء المبرم على الحركة الكردية لذلك فان حكومة الاقليم سترفض بلا شك العمل بتلك الاتفاقية بل ولن تعترف بها .
مستقبل اتفاقية الجزائر
يقول فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة اقليم كردستان ان اتفاقية الجزائر علاوة على كونها تخص ترسيم الحدود بين البلدين فان لها ملحقا يتعلق بالحركة الثورية الكردية وقتذاك وهذا يعني ان البدء بأي مفاوضات حولها بين العراق وايران ينبغي ان يقترن بطرح جميع تلك الاوراق والقضايا على طاولة البحث مجددا .
ومن جانبه يرى الكاتب الكردي فريد أسسَرد في بحث عن الاتفاقية لمجلة quot;الاسبوعبةquot; العراقية في عددها للاسبوع الحالي انه إذا كانت الاتفاقية قد أسّست لحقبة مطبوعة بالتعاون بين العراق وإيران ضد الثورة الكردية فإنّه بعد مضي 32 سنة على توقيعها حدثت تحوّلات كبيرة في المنطقة لم تعد تسمح بقيام تحالف ثنائي على غرار ذلك الذي أنشأته اتفاقية الجزائر ضد الثورة الكردية. ففي الظروف الراهنة لم تعد الاتفاقية تهدّد الأكراد وقلقهم اليوم لا يعدو كونه بقايا هواجس تقع تحت التأثير المفرط للنتائج الوخيمة التي لحقت بالأكراد جرّاء إبرامها.
إن الجانب المتعلّق بأمن الحدود يمكن أن يساهم في توفير الحاجات الأمنيّة لكل من العراق وإيران. وقد دأب الجانبان منذ العام 2003 ومن دون الرجوع الى اتفاقية الجزائر على إجراء مشاورات مطولة لضبط الحدود. وهذه المسألة تبدو في صالح العراق أكثر مما هي في صالح إيران، لأنّ الطرف الذي يحتاج بشدّة الى منع التسلّل ذي الطابع التخريبـي عبر الحدود هو العراق. وحتى الأكراد يمكن أن يستفيدوا من العمل المشترك لضبط الحدود لوضع حدّ نهائي للتسلّل عبر الحدود الذي تنفّذه مجاميع مسلّحة من منظّمة quot;أنصارquot; الإسلام المتشدّدة وحزب quot;بزاكquot; الكردي الإيراني.
أما في الجانب الذي يتصل بالحدود الدولية فيشير الكاتب الى أنّ أي مسعى لإجراء تعديلات على هذه الحدود قد يتسبّب في إعادة التوتّر للعلاقات العراقية ـ الإيرانية لأنّ هذا الجانب قد اكتسب صفة الثبات ولا توجد حتى الآن دلائل ملموسة على أن طهران مستعدّة للتفاوض حول هذا الشأن .. مؤكدا ان إلغاءها أو إعادة العمل بها أو إبدالها باتفاقية جديدة تراعي الظروف الراهنة مرهون بالارادة السياسية لكل من العراق وإيران، وهي إرادة لم تتبلور بعد صورة نهائية.
لقد خلقت مواقف الرفض لاتفاقية الجزائر على الجانب الكردي بعدا جديدا للخلافات الحالية بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان وهي خلافات من التعدد حول قضايا النفط وكركوك والموازنة والبيشمركة ما لا يحتاج لعوامل تؤججها حتى وان كان الطلب الكردي قد تغير من إلغاء الاتفاقية الى تعديلها .
التعليقات