نيروبي، مقديشو: يخيم شبح كارثة إنسانية على الصومال حيث تسببت المعارك العنيفة خلال ثلاثة اشهر بترحيل ثلثي سكان مقديشو، كما تؤكد منظمات انسانية تبدو عاجزة عن توفير المساعدات لنحو 700 الف شخص فقدوا كل شيء تقريبا. وقال اريك لاروش، منسق الامم المتحدة للمساعدات الانسانية في الصومال quot;نحن مهددون بكارثة انسانيةquot;.

ومنذ شباط/فبراير تشهد مقديشو حركة نزوح كبيرة. فمن اصل مليون نسمة، هرب 400 الف من المدينة وفق الامم المتحدة. كما تهجر نحو 300 الف من منازلهم لكنهم بقوا داخل العاصمة. ولجأ معظم الذين غادروا مقديشو الى مناطق وسط وجنوب البلاد التي تعرضت العام الفائت لموجة جفاف قاسية ومن ثم فيضانات، وحيث quot;يعاني السكان المحليون اصلا من العوز والفاقةquot; وفق لاروش.

وقال روبير ماليتا، الخبير في شؤون الصومال لدى منظمة اوكسفام البريطانية غير الحكومية ان quot;مسلسل الاحداث القاتلة يتضافر ليشكل سيناريو مناسبا تماما لحدوث كارثة إنسانيةquot;. ويعيش الآلاف من النازحين تحت الاشجار في العراء، وهم بحاجة الى مساعدات عاجلة من الطعام والماء والخيام والادوية.

وفر هؤلاء من اعمال العنف في مقديشو حيث شن الجيش الاثيوبي الى جانب قوات الحكومة الصومالية في اذار/مارس ونيسان/ابريل حملتين ضد المتمردين اوقعتا 800 قتيل على الاقل، وفق منظمة صومالية لحقوق الانسان. وينتمي هؤلاء المتمردون خصوصا الى الجماعات الاسلامية التي كانت تسيطر على عدد كبير من المناطق الصومالية حتى هزيمتها امام القوات الاثيوبية قبل اربعة اشهر.

وبسبب موجات النزوح الكبيرة، ازداد انتشار سوء التغذية في الصومال بنحو 20% منذ بداية 2007، كما بدأت تنتشر الامراض، كما يقول لاروش. ومنذ كانون الثاني/يناير، توفي 596 شخصا بسبب الكوليرا والاسهالات في جنوب ووسط الصومال، 92 منهم في مقديشو.

وبسبب اعمال العنف، بات الحصول على الرعاية الصحية معقدا جدا، وقدرة المنظمات الانسانية على تلبية الاحتياجات ضعيفة، كما يقول رئيس بعثة اطباء بلا حدود في الصومال، كزافييه فرنانديس. وقال فرنانديس انه خلال موجة الكوليرا السابقة في 2006، quot;كنا نستقبل عشرين مريضا في اليوم في مقديشو، الان يصل العدد الى سبعينquot;، ولكن هذا ليس لان الوباء اكثر حدة، ولكن لأن المنظمات غير الحكومية غير موجودة.

ويقول قائد الجنود الاوغنديين في قوة حفظ السلام في الصومال، الجنرال كاتومبا وامالا ان quot;المجتمع الدولي تخلى عن الصومالquot;. ويقول لاروش quot;لا اعرف اجنبيا واحدا يقيم في مقديشو، الوضع خطر جداquot;. ويضيف quot;في احدى المرات الاخيرة التي اتجهت فيها مهمة من الامم المتحدة الى مقديشو، قبل عدة اسابيع، تعرضت طائرتها لقذائف هاون، واصيب ثلاثة اشخاص بجروح. لم نعد نجد شركة طيران ترغب في التوجه الى هناكquot;.

ويضيف لاروش انه عندما يتواجد الناشطون الانسانيون ميدانيا، فانهم يواجهون مشكلات كبيرة للقيام بعملهم، موضحا انه quot;في فترات النزاع، يصبح العاملون الانسانيون مصدر ازعاج، ولذلك لا يتم السماح لهم بالوصول الى السكانquot;، مبديا تذمره من زيادة الحواجز على الطرق. ويقول quot;تمكنا من الوصول الى 290 الف شخص لكنهم لم يتسلمواquot; المساعدة المرتقبة بكاملها.

وفي مقديشو، حيث توقفت المعارك في نهاية الاسبوع الماضي، لا يزال من الصعب تقويم الوضع. ويقول هادي علي يوسف، الناشط الصومالي في الدفاع عن حقوق الانسان، ان quot;اكثر من ثلاثة ارباع مساكن المدينة محرومة من الكهرباء والماءquot;. وتقول ديني روس، مستشارة اوكسفام في المنطقة quot;ما نحتاج اليه لمساعدة السكان هو وقف اطلاق النار وخوض حوار سياسيquot;. وهي مطالب يطرحها المجتمع الدولي منذ اشهر.

قوات الاتحاد الافريقي تسيّر دوريات في مقديشو

من جهة ثانية سيرت قوات الاتحاد الافريقي اليوم الثلاثاء دوريات في مناطق شمال مقديشو التي شهدت اشتباكات عنيفة، وتعهدت توفير الامن لمنظمات الاغاثة في مواجهة الازمة الانسانية الوشيكة. وبعد خمسة ايام من اختفاء المسلحين الاسلاميين ومقاتلي القبائل في مواجهة النيران الكثيفة للقوات الاثيوبية المدعومة من الصومال، قال المتحدث باسم الاتحاد الافريقي بادي انكوندا ان عناصر حفظ السلام الاوغندنيين مستعدون لحماية فرق الاغاثة الانسانية.

وصرح اثناء قيامه بدورية مع قافلة من اكثر من 20 شاحنة quot;من ضمن واجباتنا توفير الامن لعمال الاغاثة الذين سيأتون الى مقديشو لمساعدة هؤلاء الناسquot;. واضاف اثناء تجول القافلة في المدينة لتقويم الاضرار التي تسببت بها تسعة ايام من الاشتباكات التي انتهت الخميس quot;ان هؤلاء الناس يحتاجون الى المساعدة الطبية، ومرافقنا للرعاية الطبية مكتظةquot;.