رسائل عربية للرئيس الأميركي المقبل
كولين باول: وماذا لو كان باراك أوباما مسلما!

واشنطن: quot;باراك أوباما ليس مسلما، كان دائما مسيحيا، لكن الإجابة الأصح هي وماذا لو كان باراك أوباما مسلما! هل هناك شيئا خطأ كون الفرد مسلما في هذا البلد؟ الإجابة لا ! نحن في أميركا. ألا يحق لطفل أو طفلة أميركية مسلمة عمره 7 سنوات أن يحلم بأن يكون أو تكون رئيسا.quot;

جاءت كلمات كولين باول المهمة خلال مقابلة تلفزيونية ذكر فيها أيضا: quot;بكل المقاييس يمتلك أوباما كل المقومات ليكون رئيسا ناجحاquot;، بهذه العبارة مباشرة ودون تجميل في الكلمات أكد وزير الخارجية الأميركية السابق الجمهوري كولين باول أن مرشح الرئاسة الجمهوري جون ماكين قد جانبه الصواب في اختيار نائب للرئيس ndash; في إشارة إلى سارة بالين حاكمة ولاية ألاسكا ndash; ليس على قدر مسؤولية تولي مهام الرئاسة في حال غياب الرئيس الأميركي لأي سبب من الأسباب. ففي الأحد الماضى أعلن كولين باول عن دعمه الكامل للمرشح الديمقراطي باراك أوباما ، الأمر الذي كان محط أنظار الكثير من التقارير والبرامج الإعلامية هذا الأسبوع ، حيث اهتمت بهذا القرار ودلالاته وما يمكن أن يفعله من تأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية قبل اقل من الأسبوعين على موعد انعقادها في الرابع من نوفمبر القادم.

ليس مجرد دعم بل رفض تام للجمهوريين

وفي برنامج ABC News قدم جورج ستفانوبولس تقريرا حول الدعم الذي قدمه وزير الخارجية السابق للمرشح الديمقراطي باراك أوباما ، مؤكدا أن هذا الأمر ليس مجرد دعم قدمه احد أعضاء الحزب الجمهوري البارزين للديمقراطيين ، بل هو رفض واضح وصريح للمرشح الجمهوري جون ماكين وسياسات الرئيس الأميركي الحالي جورج بوش، ورفض للحزب الذي يمثلانه أيضا.

وأشار ستفانوبولس إلى أن كولين باول كان قد اجتمع بكلا المرشحين مطلع هذا الصيف ، وأكد لهما أن دعمه لأي من المرشحين سوف يعتمد على أداء الحملة الانتخابية لكليهما والنقاشات التي ستدور بينهما وما سيسفر عنه المؤتمر العام للحزبين الجمهوري والديمقراطي واختياراتهما لنائب الرئيس ، وبعد هذا الاجتماع لم يلتق باول ماكين ولكن أوباما قام بالعديد من الاتصالات التليفونية مع باول للحديث معه حول الكثير من الأمور المتعلقة بالسياسة الخارجية والأمن القومي وبعض الأمور الداخلية وعلى رأسها التعليم. ولكن الذي ساعده كثيرا في اقتناص دعم القطب الجمهوري باول كان الأداء السيئ لحملة جون ماكين واختياره لحاكمة ولاية ألاسكا سارة بالين لتكون مرشحة الجمهوريين لمنصب نائب الرئيس إذا ما فاز في انتخابات الرابع من نوفمبر المقبل.

وعن مدى تأثير هذا الدعم على فرص باراك أوباما في اجتياز اختبار الانتخابات الرئاسية والوصول إلى البيت الأبيض ، أكد التقرير أن هذا الدعم يعبر وبحق عن وجهة النظر المعتدلة في معسكر الجمهوريين والمستقلين ، والتي ترى أن أوباما يمكن أن يكون رئيسا جيدا للولايات المتحدة ، كما هذا الدعم من ناحية أخرى يدحض حجة عدم الخبرة السياسية ndash; خصوصا في مجالات السياسة الخارجية والأمن القومي ndash; التي ترفعها حملة جون ماكين في مواجهة المرشح الديمقراطي.

ماذا يعني دعم باول.؟!

وعلى شبكة CNN أعد لاري كينغ في برنامجه الحواري CNN LARRY KING LIVE حلقة خاصة حول إعلان باول ، وفي هذه الحلقة أكد بوب شيفر المحاور التلفزيوني في شبكة CBS أن ما فعله باول ليس إلا انه قال بصوت على ما يتناقله الكثير من الجمهوريين بصورة غير علنية في ما بينهم ، وعبر عن الإحباط الذي أصاب الكثير من أعضاء الحزب خصوصا بعد اختيار سارة بالين كمرشحة لنائب الرئيس.

ومن ناحية أخرى تساءل كينغ عن دور العرق في هذا الإجراء الذي اتخذه باول ، وفي هذا السياق لفت توم بروكاو ndash; مراسل شبكة NBC أن البعض سوف يقول إن باول قدم دعمه لأوباما فقط لأنهما يشتركان في العرق نفسه فكلاهما أميركي من أصول افريقية ، ولكن الأمر ليس كذلك ، لأنه بالنظر إلى أن باول يعتبر من قيادات التيار المحافظ في الولايات المتحدة ، وبعض أقطاب هذا التيار لهم رأي مختلف مع الطرح الذي قدمه بخصوص باول ، ولو كان الأمر متعلقا بالعرق لاعتبرنا أن الدعم الذي يحظى به المرشح الجمهوري جون ماكين من جانب احد أقطاب التيار المحافظ وهو راش ليمبوه هو فقط لمجرد انه أميركي ابيض مثل ماكين. وأكد أن المتابع لحوارات كولين باول ومحاضراته التي ألقاها خلال السنوات الماضية يعي جيدا أن هناك الكثير من الأمور والموضوعات التي تشغله بعيدا من موضوع الأعراق.

باول إضافة قوية لحملة أوباما الرئاسية

أما برنامج Meet The Press الذي يذاع على شبكة MSNBC فقد أكد أن باول - الذي كان ينظر إليه منذ عدة سنوات على انه يمكن أن يكون أول رئيس للولايات المتحدة من أصول افريقية - لم يدعم أوباما لأنه مثله أميركي من أصول افريقية بل لأنه رأى انه الأجدر بتولي ارفع المناصب في الولايات المتحدة ، بعدما ارتكبت حملة المرشح الجمهوري أخطاء كثيرة خصوصا في ما يتعلق بمنصب المرشح لنائب الرئيس ، الأمر الذي أدى إلى إثارة الكثير من علامات الاستفهام في ذهنه حول قدرة ماكين على اتخاذ القرارات الصائبة فى الوقت المناسب.

ولفت التقرير الانتباه إلى أن حملة أوباما الانتخابية تعتبر هذا الدعم بمثابة الرد العملي على الانتقادات التي وجهت له في ما يتعلق بخبرته في الشؤون الخارجية ، لان نجاح أوباما في الفوز بدعم شخصية مثل كولين باول والذي يحظى بسجل عسكري مشرّف باعتباره كان رئيسا لقيادة الأركان المشتركة وخبير كبير في شؤون السياسة الخارجية حيث شغل منصب وزير الخارجية السابق في إدارة بوش الابن خلال فترة رئاسته الأولى ، هذا بالإضافة إلى انه شخصية مقبولة من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

باول: تاريخ حافل مشرف

وفي صحيفة Los Angeles Times أكد الصحافي ريتشارد بي شميت أن باول كان من المتوقع له أن يصنع التاريخ في الولايات المتحدة ، حيث إنه كان من الممكن أن يكون أول رئيس أميركي من أصول افريقية ، بمنافسته للرئيس الديمقراطي آنذاك بيل كلينتون ، وكان في هذا الوقت يمتلك كل المقومات التي تجعله ينافس بقوة على المنصب ، وكان الكثير من الأميركيين يعتبرونه مرشحا رائعا للرئاسة ، فقد كان من ذوي البشرة السوداء الذين ينتمون إلى تيار الوسط ، كما انه لم يكن ينتمي إلى أي من الحزبين الكبيرين ، وعلاوة على ذلك فإنه قاد انتصار الولايات المتحدة في حرب الخليج عام 1991 ، ولكنه خيّب آمال الكثيرين حينما أعلن في العام 1996 أن لن يسعى إلى المنافسة على مقعد الرئاسة ، وأكد انه يفضل البقاء بعيدا من ساحة الصراع السياسية ويعيش حياة هادئة ، كما ذكرت بعض التقارير أن زوجته ألما كان لها الدور الأكبر في مثل هذا القرار الذي اتخذه خوفا على سلامته وأمنه الشخصي ، وبدلا من ذلك اختار باول أن ينضم إلى الحزب الجمهوري في محاولة منه لخلق تأييد واسع لمحاولاته إصلاح برامج الرفاهية الاجتماعية.

ولكن الكاتب اعتبر أن ما قام به باول خلال هذا الأسبوع يثبت انه ما يزال له تأثير كبير على الساحة السياسية في الولايات المتحدة ، لان خبرته المهنية الكبيرة خصوصا في المجالات العسكرية ، والثقل الكبير الذي يمتلكه بين الأصوات المعتدلة والعسكريين ، ما قد يدفع هذه الأصوات في اتجاه تأييد المرشح الديمقراطي.

ليس بالقرار السهل

ولفت شميت الانتباه إلى أن القرار الذي اتخذه باول لم يكن سهلا على الإطلاق ، فتاريخه المهني وانجازاته في مجال الخدمة العامة ، يجعلانه مدينا للجمهوريين والحزب والجمهوري ، فقد شغل منصب مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي رونالد ريغان ، ثم عمل رئيسا لقيادة الأركان المشتركة للجيش الأميركي في إدارة الرئيس جورج بوش الأب، نهاية بمنصب وزير الخارجية في فترة رئاسة بوش الأب الأولى. ولكنه ما كان ليضحي بكل هذا إلا لأنه رأى الولايات المتحدة يسودها الخلاف والفرقة ، الأمر الذي جعلها تسير في الاتجاه الخاطئ ، كما عبر عن ذلك غالبية المواطنين الأميركيين في استطلاعات الرأي التي جرت بخصوص هذا الأمر ، وذلك لم يكن قراره في كل الأحوال بالأمر السهل فالمؤكد انه قد فكر فيه كثيرا قبل أن يعلن عنه.

ورغم ذلك تظل الحقيقة التي عبر عنها استطلاع الرأي الذي قام به مركز غالوب لاستطلاعات الرأي لاختبار مدى تأثير هذا الدعم الذي حظي به أوباما على نتيجة الانتخابات الرئاسية ، حيث أشارت هذه النتائج إلى أن ثمانية من بين كل عشرة أميركيين على دراية تامة بهذا الدعم ، ولكن في الوقت نفسه أشارت البيانات إلى أن هذا الدعم لن يكون له تأثير كبير على خيارات الناخبين ، فنسبة 12% فقط من الذين يعلمون جيدا عن هذا الدعم و8% من إجمالي الناخبين المسجلين أكدوا أن قرار باول بالتصويت لصالح أوباما جعلهم أكثر ميلا للتصويت لصالحه في الانتخابات.

مذكرات عربية

وصدر العدد الخامس من دورية quot;رؤى عربية quot; (أراب إنسايت)، والتي يصدرها معهد الأمن العالمي في واشنطن، وهو الهيئة البحثية غير الحكومية التي يصدر عنها تقرير واشنطن من العاصمة الأميركية. وتُعد دورية quot;رؤى عربيةquot;، التي تصدر باللغة الإنكليزية، الأولى من نوعها التي يكتبها باحثون ومتخصصون من مختلف الدول العربية، وتُوزع على مختلف دوائر صنع القرار الأميركي المهمة والنافذة مثل كبريات وسائل الإعلام الأميركية، ومراكز الأبحاث المتخصصة، وأعضاء ومساعدي لجنتي العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ والعلاقات الدولية في مجلس النواب، وإدارة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية، والبيت الأبيض. وسيتم توزيعها على أساتذة وطلاب دراسات الشرق الأوسط، والدراسات الإسلامية في مختلف الجامعات الأميركية.

وتتوافر الدورية في مكتبة الكونغرس، وكبريات مكتبات الجامعات الأميركية. وتجدر الإشارة إلى أنها حصلت على رقم سجل ( (ISSN ( 8984-1936 من مكتبة الكونغرس كدورية جديدة متخصصة في الشؤون الدولية. وتهدف دورية quot;رؤى عربيةquot; إلى أن تكون منبراً جديداً ومحايداً للتحليلات العربية المستقلة داخل العاصمة الأميركية. فعلى الرغم من تعدد وتنوع مراكز الأبحاث والرأي المتخصصة في الولايات المتحدة ، وتزايد عدد النشطاء الأميركيين من أصول عربية، وممثلين للحكومات العربية، يغيب الصوت العربي العاكس لنبض وفكر الشعوب العربية داخل العاصمة الأميركية، فهو ما زال شيئاً مفقوداً.

رسائل عربية للرئيس الجديد

حاولت quot;رؤى عربيةquot; عبر أعدادها السابقة الوقوف على مظاهر ومصادر الخلل في العلاقات العربية- الأميركية من خلال طرح عدد من التساؤلات المهمة ذات الصلة، ومن خلال مداخل عدة. وهذا العدد من quot;رؤى عربيةquot; يحاول انتهاز اللحظة الأميركية الراهنة للانتقال من إدارة الرئيس جورج بوش الابن الجمهورية، والتي ارتبط اسمها بسياسات الحرب ضد الإرهاب، وحربي أفغانستان والعراق واللتين أثارتا ndash; ولاتزال- جدلا شديدا داخل العالم العربي والإسلامي وداخل الولايات المتحدة أيضا، إلى إدارة أميركية جديدة، للحصول على إجابات عربية على سؤال: ماذا يريد العرب من الإدارة الأميركية القادمة. وقد طلبت quot;رؤى عربيةquot; من كتاب هذا العدد رصد سلبيات/ إيجابيات الإدارة الأميركية الراهنة، ثم وضع تصوراتهم - من وجهة نظرهم- لما يجب أن تقوم به الإدارة القادمة للتعامل مع أخطاء الإدارة الراهنة من ناحية، وعلى نحو يساهم في تحسين العلاقات العربية- الأميركية من ناحية أخرى.

لقد كشفت مقالات العدد عن وجود توافق عام بين الكتاب على أن الإدارة الأميركية الراهنة قد وقعت في الكثير من السلبيات، سواء في ما يتعلق بملف العراق، أو السودان ودارفور، أو مسألة نشر الديمقراطية، أو قضية الدبلوماسية العامة، أو إدارة العلاقة مع سوريا .الخ، على نحو ساهم في تحول جميع تلك القضايا إلى محاور أو مصادر أساسية لتدهور صورة الولايات المتحدة في المنطقة العربية، وتغذية الإدراكات العربية السلبية للولايات المتحدة ولأهداف السياسة الأميركية حيال تلك القضايا، على نحو حال دون تعاون العالم العربي- شعوبا وحكومات- مع إدارة بوش لإنجاح هذه السياسة.

وعلى الرغم من التفاوت النسبي في مضمون السياسات التي اقترحها كتاب العدد على الإدارة الأميركية الجديدة للتعامل مع مختلف قضايا الشرق الأوسط، إلا أن ما جمع بينهم هو ضرورة إدخال تغييرات جوهرية على سياسات إدارة بوش. وعلى العكس من الكثير من التحليلات التي ذهبت إلى أنه في حالة نجاح ماكين فإن إدارته سوف تشكل امتدادا لإدارة بوش القائمة ومن ثم لن تكون هناك تغييرات جوهرية على السياسات الأميركية في المنطقة، فقد ذهب بعض كتاب هذا العدد إلى أنه حتى في حالة نجاح ماكين فإن تغييرات مهمة سوف تطرأ على السياسة الأميركية في المنطقة، بل وتحدثوا عن quot;حتميةquot; هذا التغيير.

ويستند هؤلاء إلى أن حزمة الملفات السياسة والأمنية المهمة التي واجهت إدارة بوش منذ عام 2001 (المشكلة الأفغانية، ملف العراق، أزمة البرنامج النووي الإيراني، الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، العلاقة مع روسيا، الإرهاب الدولي، أزمات الطاقة والاحتباس الحراري .الخ) ما زالت قائمة، ومازال الإنجاز الذي حققته إدارة بوش بشأنها محدودا، الأمر الذي يعني في التحليل الأخير عدم فعالية السياسات التي اتبعتها إدارة بوش إزاء هذه الملفات. ولا يعول هؤلاء كثيرا على خطابات وتصريحات كلا المرشحين، ماكين أو أوباما، ويذهبون في ذلك إلى أن هذه الخطابات أو تلك التصريحات لن تشكل محددات حقيقية للسياسة الخارجية لأي منهما في حالة نجاحه، بينما ستشكل الملفات السابقة المحددات الموضوعية الحقيقية لهذه السياسة. ويستشهد هؤلاء بخبرة بعض الإدارات الأميركية السابقة في هذا المجال.

تأكيد عربي على ضرورة التغيير

ويمكن القول إن هناك توقعات عربية إلى حد ما بإمكانية إدخال تغييرات إيجابية مهمة على السياسة الأميركية تجاه قضايا المنطقة. وفي هذا الإطار، فقد انتهى صلاح نصراوي، استنادا إلى الحصيلة السلبية للسياسة الأميركية خلال سنوات خمس، باقتراح وضع العراق تحت الوصاية الدولية الموقتة بإشراف الأمم المتحدة، على أن يتم خلالها إطلاق عملية سياسية جديدة تعيد هندسة البناء العراقي وفق أسس جديدة، وتنتهي بانهاء الاحتلال بكل صوره.

لم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة إلى النصائح المقدمة بخصوص القضية الفلسطينية، فقد اقترح د. سمير غطاس خيارين كبيرين على الإدارة القادمة، الأول هو ما أطلق عليه quot;التحول من نظرية الضغط الأميركي على إسرائيل إلى نظرية الضمانة- التسويةquot;، بمعنى تحول الولايات المتحدة من الضغط على إسرائيل لقبول المفاوضات والتسوية إلى تقديم حزمة من الحوافز والضمانات الأمنية لإسرائيل وربط هذه الحزمة بعملية تسوية تقوم على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة محدودة السلاح يضمن أمنها وأمن إسرائيل معا طرف ثالث مثل الأمم المتحدة أو حلف الناتو، وأن تنضم الدولتان (إسرائيل وفلسطين) إلى نظام أمن إقليمي أو جماعي.

الخيار الثاني هو خيار quot;التدويلquot;، تقوم خلاله السلطة الوطنية الفلسطنية، في إطار توافق عربي- أميركي، بحل نفسها طواعية والمطالبة بوضع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 تحت سلطة نظام الوصاية الدولية لمدة زمنية محدودة وغير قابلة للتمديد، وتشكيل مجلس وصاية دولي، تشرف من خلاله القوات الدولية على الانسحاب الإسرائيلي التدريجي حسب برنامج مقرر، ودعم عملية بناء وتطوير المؤسسات والاقتصاد الفلسطيني بما ينتهي في النهاية إلى إعلان مؤكد عن إقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية المستقلة القادرة على الحياة بجانب دولة إسرائيل.

وفي ما يتعلق بالعلاقة مع السودان ومشكلة دارفور، وضع د. خالد التيجاني النور عددا من النصائح للإدارة الجديدة تدور حول ضرورة إعادة ترتيب الأولويات والوسائل بصورة أكثر براغماتية، ويستشهد المقال هنا بما حدث مع إدارة بوش الأولى، إذ يرى أنه لو لم تقم تلك الإدارة بإعادة النظر في سياسة الاحتواء والعزل التي طبقتها إدارة كلينتون، وتحولها إلى سياسة تقوم على التواصل الإيجابي مع نظام البشير لما كان من الممكن التوصل إلى وضع نهاية للحرب الأهلية في الجنوب.

وينصح التيجاني الإدارة القادمة أيضا بضرورة الانطلاق من أن البشير يرغب بالفعل في تطبيع علاقاته مع الولايات المتحدة، ويدرك أيضا فداحة تكلفة استمرار الصدام معها، وأن ما اعتبرته إدارة بوش مماطلة ومناورة من جانب نظام البشير إنما يعود في الحقيقة إلى شعوره بالإحباط بسبب عدم حصوله على أي حوافز حقيقية من إدارة بوش رغم تعاونه الاستخباراتي والأمني معها في إطار الحرب ضد الإرهاب.

ويؤكد التيجاني أنه رغم الخلفية الإسلامية لنظام البشير، يجب أن تدرك الإدارة الجديدة الطابع البراغماتي لهذا النظام واستعداده لمراجعة الكثير من أطروحاته، ولعل عملية تسوية أزمة الجنوب تقدم برهانا مهما على ذلك، والتي تعد في جوهرها تعبيرا عن قبول نظام البشير بإعادة النظر في طبيعة العلاقة بين الدين والدولة في السودان، من خلال القبول بإطار للتسوية يسمح لجنوب السودان بالخروج من دائرة التشريعات الإسلامية. وبهذا المعنى، ينصح التيجاني بان أي تعامل للإدارة الجديدة مع نظام البشير من منظور الحرب ضد الإرهاب، أو من منظور مواجهة الأنظمة ذات التوجهات الدينية لن يكون دقيقا ولن يكون مفيدا.