لأول مرة منذ 14 شهرا
دخول الأخشاب إلى غزة ....آمال تنتعش بعد رحلة انتظار

ميرفت ابو جامع من غزة: تفتح وجه الشاب ثائر أبو الخير 26 عاما من قطاع غزة، المقبل على الزواج، بعدما سمع عن سماح السلطات الإسرائيلية بدخول الأخشاب إلى غزة وهو الذي عانى من البحث عن غرفة نوم وأثاث لبيته الجديد ،لإتمام زفافه الذي أجله لحين انفراج الأزمة . وشغل البحث عن غرفة نوم تفكير أبو الخير طوال الفترة الماضية حيث كان الخيار الوحيد أمامه شراء غرفة نوم مستعملة وقديمة بأسعار خيالية ولكنه فضل أن يتريث ويؤجل زفافه ريثما تدخل الأخشاب إلى غزة.

يقول مبتسما لايلاف :quot; أخيرا سأقرر حفل زفافي، اشعر بشيء من الارتياح لقد كانت حياتي متوقفة على ذلك ، كنت أخشى أن أضطر إلى شراء غرفة نوم رديئة وبأسعار مرتفعة عمرها الافتراضي عام ولكني ابحث عنها للاستخدام أعواما أطول. ومنذ فرض حصارها على قطاع غزة منعت إسرائيل دخول المواد الأساسية والغذائية والطبية ومواد البناء والاسمنت والحديد والأخشاب وquot;الوقود quot;الا بكميات مقلصة،وشلت كافة القطاعات الاقتصادية الأخرى.

للمرة الأولى منذ 14 شهرا

وبعد أكثر من عام تسمح إسرائيل بالأمس بإدخال ست شاحنات محملة بالأخشاب إلى قطاع غزة عبر معبر صوفا جنوب قطاع غزة .وتواصل إسرائيل اليوم افتتاح أربعة من معابر القطاع وهيquot; معبر ناحل العوز، وكارني والمنطار ومعبر صوفا ، جنوب القطاع لتزويد سكان القطاع بالبضائع اللازمة لهم ،بعد أن كانت قد أغلقتها ضمن الحصار المفروض على القطاع.

وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إدخال الأخشاب إلى القطاع منذ أن سيطرت حركة quot;حماسquot; على القطاع في حزيران العام الماضي وذلك بناء على اتفاق التهدئة الذي وقعته مع حماس وفصائل فلسطينية في منتصف حزيران لهذا العام.

وكانت إسرائيل قد وافقت على إدخال الأخشاب في إطار موافقتها على قائمة السلع الجديدة المفترض دخولها إلى القطاع خلال الأسبوع الحالي وفقا لحاجة الفلسطينيين، تنفيذا لما تم التعهد به في إطار اتفاق التهدئة. وتضمنت قائمة السلع الجديدة عددا من الأصناف التي لم تدخل غزة منذ اكثر من عام ، منها قطع غيار للسيارات وإطارات وزيوت للمركبات وأدوات منزلية وعبوات بلاستيكية ومواد خام للصناعات الغذائية، إضافة إلى الأخشاب وهو الصنف الوحيد الذي سمح بدخوله أمس، من القائمة المذكورة.

خسائر فادحة

وعانى المواطنون في قطاع غزة كثيرا طوال 14 شهرا من الإغلاق والحصار وتأجلت مشاريع خاصة لهم وتعطل افتتاح مؤسسات ومراكز طبية ومجتمعية، لعدم توفر الأثاث سواء المكتبي او المنزلي ، كما توقفت معظم مصانع الأثاث المكتبي والورش عن العمل ولحقت بها خسائر فادحة.

وأكد تقرير حقوقي مؤخرا أن خسائر قطاع الصناعات الخشبية والأثاث 110 ملايين دولار، بسبب توقف الورش عن الإنتاج لعدم توفر المواد الخام ومنع تصدير منتجاتها. وقد أدى ذلك إلى إغلاق نحو 600 ورشة ومصنع للأثاث، فيما تم تسريح نحو 6600 من العاملين فيها، خصوصاً بعد نفاذ المواد الخام من القطاع ، ومنع استيراد بديلاً منها.

وتشير مصادر فلسطينية إلى أن شحنة الأخشاب التي دخلت بالأمس للقطاع تعد جزءاً من الكميات التي استوردها أصحاب مصانع الأثاث والمحجوزة منذ أكثر من عام داخل الموانئ الإسرائيلية ، وتبلغ الكمية المدخلة نحو 500 كوب، وتؤكد المصادر ان الكمية قليلة ولا تفي باحتياجات قطاع الصناعات الخشبية والاثاث.

و حتى يعاد تشغيل مصانع إنتاج الأثاث المكتبي والمنزلي والبالغ عدد 193 مصنعا في قطاع غزة وقد توقفت جميعها منذ بداية الأزمة، يتطلب تزويد القطاع بنحو عشرة آلاف كوب كحد أدنى،وهذه هي طاقته الاستيعابية ، إضافة إلى دخول المواد الخام والمستلزمات الأخرى لهذه الصناعة. من الدهانات والغراء وغيرها وهي غير متوفرة منذ الإغلاق . و بحسب المصادر فإن شحن الأخشاب إلى القطاع ستتواصل بمعدل مرتين أسبوعياً، حيث سيسمح الاحتلال بإدخال حمولة نحو أربع شاحنات في كل مرة.

غرف الآباء تصلح للابناء
المواطنون في غزة خاصة الذين كانت لديهم مشاريع زفاف وتجهيز بيت الزوجية تعاملوا بحلول بديلة وعبر طريقتهم الخاصة مع الأزمة طوال مدة الحصار فيما فضل الآخرون تأجيلها ، فبسام اسماعيل من جنوب قطاع غزة استعان بغرفة نوم والدته وعمرها نصف قرن.

وقد احتفل بسام بزفافه مؤخرا في غزة وهو يعاني ظروفا صعبة حيث قلة فرص العمل والبطالة وقد حرث الأرض في البحث عن عمل فلم يجد ، وتقول والدته لقد ضحيت بطقم نومي كي يفرح ابني وتشير إلى ان وضعها الاقتصادي صعب فليس بمقدورها شراء أثاث لابنها وتقول بنبرة مؤلمة: quot; اتفقت وولدي من اجل أن يستخدم وعروسه المطبخ وأيضا غرفة جلوسنا.

أما وحيد فقد كاد أن يفترق وخطيبته التي عقد قرانه عليها قبل عامين على أن يتزوجا آخر العام الماضي حتى ينتهي من بناء غرفتين وصالة ومطبخ فوق السطح كعش الزوجية من ذلك اليوم وهو ينتظر ان يدخل الاسمنت والأخشاب إلى غزة كي يبني العش الذي حلم به وخطط له إلا أن الرياح تأتي بما لا تشتهيه السفن فطالت الأزمة حتى قررت والدته التضحية بغرفة نومها واستيعابه وعروسه داخل الأسرة .

بطرقهم الخاصة

ويقول محمد القرا صاحب ورشة لصنع الأثاث منذ قرابة عام لم اصنع قطعة أثاث جديدة وهذا كبدني خسائر كثيرة خاصة أنني ادفع إيجار محل ولدي عامل يتقاضى أجرا اضطررت الى تسريحه.ويوضح القرا ومحله مزدحم بغرف نوم وأثاث قديم :quot; كثير من المواطنين يلجأون بضغط الحصار إلى شراء قطع الأثاث القديمة وأحيانا يطلبون مني إعادة تصنيعها بشكل جيد ، لتبدو جديدة خاصة للمقبلين على الزواج من الشباب الذين لم يجدوا غرف نوم جديدة وان وجدوها تبدو أسعارها مرتفعة وغير مناسبة .

الشاب حاتم الذي يعمل في مؤسسة اهلية وجد بصعوبة غرفة نوم مستعملة لكنه لم يجد فرشة لها حتى قام بوضع اثنتين استلفهما من والدته ريثما يتحسن الحال ويستطيع شراء بديل منهما ،ويشير حاتم المتزوج حديثا إلى انه يلجأ إلى استقبال ضيوفه في بيت والدته، مفسرا ذلك بعدم توفر أثاث في بيته الجديد الخالي من قطع الأثاث ومن النوافذ، إلا من فرشتين قام باستلافهما من والدته، بعد إلحاحه الشديد ،ويقول :quot; نظرا إلى ارتفاع قطع الأثاث الموجودة بالأسواق وعدم جودتها، أهدتني والدتي فرشتين واستعملناهما كفرشة للسرير لحين توفرها في الأسواق.

أما محمد الذي احتفل بزفافه الأسبوع الماضي فقام باستئجار غرفة نوم أخيه متعهدا له بتركها وشراء واحدة مستقبلا مع دخول الأثاث إلى قطاع غزة وافتتاح المعابر بشكل دائم .

ويؤكد أيمن الهندي صاحب محل لبيع الأثاث المنزلي لايلاف انه منذ أكثر من عام، لم تدخل قطعة اثاث او أخشاب إلى قطاع غزة مشيرا إلى ان المواطنين يقبلون على شراء القطع القديمة بشكل اكبر من السابق ويضيف :quot; ان الأثاث المستعمل زاد سعره الضعف لعدم توفر الجديد في المحال وقال:quot; كنا بالسابق نبيع غرفة النوم ب 500 دينار والآن يقدر ثمنها بأكثر من 1000 دينار .

ويلفت الهندي ان الكثير من المواطنين تحت ضغط الحاجة يبيعون غرف نومهم وأثاث منزلهم لحاجتهم للأموال في حين يبيعها آخرون لاستغلال الأسعار المرتفعة حيث لم يحلموا بها لغرفهم القديمة.