بيت ساحور (الضفة الغربية) : يقول سكان مشروع اسكان فلسطيني مسيحي في قرية بيت ساحور بالضفة الغربية ان اسرائيل تطوق قريتهم بطريق امني لفصلهم عن مستوطنة يهودية قريبة.
وقال وليام ساحوري (42 عاما) وهو ساكن وعضو في لجنة اسكان المشروع quot;بهذ الوضع سيضعوننا في قفص حديقة حيوانات.
quot;لن نستطيع التوسع.quot;
ويقع المشروع بالقرب من بيت لحم جنوبي القدس حيث تعيش عائلة ساحوري من الروم الارثوذكس في منزل حديث مؤلف من ثلاث غرف مع جهازي تليفزيون بشاشتين مسطحتين ومشرب صغير توجد به مجموعة من زجاجات الويسكي والكحوليات الاخرى.
وعلى الرغم من ان جيرانهم اليهود يحتفلون بعيد الفصح هذا الاسبوع فان عائلة ساحوري تصوم الصيام الكبير قبل عيد القيامة عند الروم الارثوذكس ومنزلهم معبق برائحة حساء العدس الشهي.
ويشير ساحوري وهو ينظر من شرفة غرفة نومه الرئيسية الى الطريق الامني الاسرائيلي والذي به أسيجة تحذير الكترونية ويمتد لمسافة 30 مترا من بنايته السكنية. ولا يمكن الا لعربات الجيش الاسرائيلي استخدام هذا الطريق للقيام بدوريات في المنطقة.
وقال ساحوري ان ضجيج الرافعات والجرافات مصدر ازعاج مستمر. فور الانتهاء منه سيطوق الطريق المنطقة كلها مجبرا السكان على الدخول والخروج عبر بوابة يسيطر عليها الاسرائيليون.
وقرر مصير بيت ساحور امر عسكري اسرائيلي اصدره في 29 ابريل نيسان عام 2003 موشي كابلينسكي الذي كان وقتئذ قائدا للقيادة المركزية بالجيش الاسرائيلي والتي تضم يهودا والسامرة وهي الاسماء التوراتية التي يطلقها الاسرائيليون على الضفة الغربية المحتلة.
وجاء في الامر quot;اعلن بمقتضى ذلك مصادرة الارض لاغراض عسكريةquot; وارفق مع الامر خرائط تظهر كيف ان مشروع الاسكان سيعزل قريبا مع بضع منازل فلسطينية اخرى وبعض المزارع.
وعلى الجانب الاخر من الوادي من بيت ساحور تقع مستوطنة هار حوما اليهودية جنوبي القدس.
وبدأ البناء في هار حوما وبيت ساحور في نفس الوقت تقريبا في اواخر التسعينات. وعلى الرغم من ان هار حوما تأوي الان الاف العائلات الاسرائيلية فان موقع بيت ساحور مازال لم يتم الانتهاء منه.
وفي عام 2002 اصدرت السلطات الاسرائيلية اوامر بهدم مشروع الاسكان. وجمدت هذه الاوامر ولكنها مازالت معلقة فوق رؤوس السكان.
وعند اصدارها لاول مرة توقف البناء لمدة ثمانية اشهر مع انتشار الخوف في القرية. واستدعت لجنة المشروع كل من له سهم في الاسكان واتفقوا كلهم في تحد على مواصلة البناء على الرغم من الاخطار.
ويتألف المشروع الذي يهدف الى انشاء مساكن زهيدة التكاليف للشبان على ارض مستأجرة من كنيسة الروم الارثوذكس من 15 مبنى يضم كل منها ثماني شقق تمليك.
وتقطن 64 عائلة الان في عشرة مبان مستكملة. ومع استثناءات قليلة فكل العائلات من الروم الارثوذكس من بيت ساحور.
ومن يشتري شقة في المشروع لابد وان يكون من محدودي الدخل وفي حاجة لسكن ولا يمتلك ارضا في مكان اخر.
وكان ساحوري يعيش في منزل والديه قبل الانتقال الى مشروع الاسكان قبل سبع سنوات.
وقال ساحوري quot;هذا هو المكان الوحيد. لا توجد اراض للتوسع.
quot;بيت ساحور جزء من كياننا. لا نستطيع الذهاب الى اي مكان اخر.quot;
وتراجعت السياحة في المنطقة بشكل كبير منذ عام 2002 عندما ادى توغل اسرائيلي في بيت لحم الى مواجهة مطولة مع نشطين فلسطينيين حوصروا في كنيسة المهد.
وقالت كلوديت حبش عضو لجنة الرئاسة الفلسطينية للشؤون المسيحية ان هذا دفع سكان بيت لحم وقريتي بيت جالا وبيت ساحور المسيحيتين المجاورتين الى النزوح بأعداد كبيرة.
وأثرت مصادرة اسرائيل للاراضي لبناء مستوطنة على قرية بيت ساحور بشكل كبير.
وتشجع مشروعات اسكان مثل هذا المشروع الطائفة المسيحية الفلسطينية على البقاء في وطنها.
وقالت quot;في ثقافتنا اذا كان سقف يغطيك فانت حينئذ في امان.
quot;اذا كان في جيوب سكان بيت ساحور الف دولار فانهم سيبدأون البناء.quot;
والاجراءات الاسرائيلية التي واجهها مشروع اسكان الروم الارثوذكس تعد تذكرة مستمرة لعدم الاستقرار الذي يعيش فيه الفلسطينيون كما انها حافز للطائفة المسيحية كي تهرب.
وقال ساحورquot;اننا سبعة اشقاء ولكن ثلاثة فقط منا مازالوا هنا.
quot;الباقون نزحوا.quot;
وامتنع الجيش الاسرائيلي عن التعليق رسميا. ولكن مصدرا عسكريا قال ان الامن هو الدافع وراء تصرفاته.
وقال لرويترز quot;طريق السياج الامني مصمم على اساس اعتبارات امنية من اجل منع تسلل الارهابيين الى اسرائيل.quot;
وتقول اسرائيل ان سياجها الامني قلل بشكل مثير قدرة النشطين الفلسطينيين على شن هجمات انتحارية. ولكن الفلسطينيين يقولون انه اغتصاب للارض.
وقال مدير موقع على الانترنت يبلغ من العمر 30 عاما انتقل مع زوجته الى شقتهما في بيت ساحور في عام 2006 quot;انها ليست ارضهم وهم يأخذونها رغما عنك.
quot;لا اعرف كيف اصف هذا الشعور. ووصفه بالظلم يبدو غبيا لانها ليست كلمة كبيرة بما يكفي.quot;
ويرى الفلسطينيون البناء اليهودي في هار حوما التي يطلقون عليها بالعربية اسم جبل ابو غنيم كاخر متراس في جدار من المستوطنات يطوق القدس الشرقية العربية ويعزلها عن بقية الضفة الغربية المحتلة.
وانتقدت واشنطن خطط البناء الاسرائيلية في هار حوما. ورفضت اسرائيل هذا الانتقاد على اساس انها ضمت هذه الارض ووضعتها داخل حدود مدينة القدس التي رسمتها بعد احتلال الضفة الغربية في عام 1967 .
ومن المتوقع ان يكون الاستيطان الاسرائيلي قضية مثيرة للجدل في محادثات يجريها هذا الاسبوع جورج ميتشل مبعوث السلام الامريكي في الشرق الاوسط الذي يزور المنطقة.
ولا يمنع الطريق الامني الفلسطينيين من الوصول الى المستوطنة اليهودية فقط وانما يقلص ايضا بشكل كبير قدرة مشروع الاسكان الفلسطيني على التوسع.
وقال ساحوري انه رغم ذلك quot;فاننا نشجع الناس على ان يأتوا الى هنا..علينا ان نعيش هنا انه وجودنا.
quot;هنا تولدون في بيت ساحور وتعيشون في بيت ساحور وتموتون في بيت ساحور.quot;