ميرفت ابو جامع من غزة: قال جميل المجدلاوي عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني، إن الحوار الثنائي بين حركتي فتح وحماس سياسة خاطئة فرضتها حركة حماس باصرارها، واستجابت لها حركة فتح، وأضاف: quot;استغرب لجوءهمquot; حماس وفتحquot; معًا للحوار الثنائي بعيدًا عن طاولة الحوار الشامل، خاصة أن الصيغ الأولية التي يبحثانها معًا تشكل انقلابًا حقيقيًا عن الإيجابي الذي تحقق في جلسات الحوار الوطني الشامل..

وأرجع المجدلاوي أسباب استثناء اليسار والقوى الفلسطينية الاخرى من الحوار الفلسطيني بالقاهرة إلى ان القوتين (فتح وحماس) حصلتا على 85% من نتائج الانتخابات كأغلبية، وتعتقدا ان المشكلة بينهما وان بامكانهما ان يحكما الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن هذه الأغلبية هي التي قادت الشعب الى كارثة الانقسام وقال:quot; ان الحوار الثنائي لن يصل لنتائج ايجابية تستجيب لمصالح الشعب الفلسطيني وأفضل ما قدمته صيغة الحوار الثنائي كان اتفاق مكة، وهو الذي قادنا للصراع على السلطة وحدوث الاقتتال والانقسام.

وأوضح في حديث خاص بايلاف ان وحدة اليسار الفلسطيني quot; الجبهة الشعبية ، حزب الشعب ، الجبهة الديمقراطية quot; لم تتحقق بعد لأسباب فئوية وعصبوية ذاتية أو تنظيمية وقال:quot; الخلافات والتباينات السياسية وغيرها الموجودة فعلاً لا تحول دون توحيد اليسار أو تأطيره على المستوى العربي، فضلاً عن ضعف أداء وإمكانيات قوى اليسار وملاحقتها من كل النظام العربي الرسمي .

واكد المجدلاوي ان الصراع الدائر بين فتح وحماس هو صراع على السلطة قاد الفلسطينيين الى الانقسام الذي ألحق أفدح الأضرار على الشعب ونضاله، وقال :quot;المقاوم ملاحق في كل من الضفة وغزة لأسباب وذرائع تبدو مختلفة، ولكن جوهرها واحد، هو حماية السلطة هنا وهناك، والمفاوض في أضعف حالاته .
وهذا نص الحوار الذي أجرته quot;إيلافquot;:

- لماذا تستثنى الجبهة الشعبية والتنظيمات الفلسطينية الأخرى من جولات الحوار واقتصاره على الحوار الثنائي بين فتح وحماس؟
هذا منهج خاطئ وسياسة خاطئة فرضتها حركة حماس بإصرارها على أن يكون الحوار ثنائي بينها وبين فتح وحركة فتح بدورها استجابت لهذا الابتزاز. هذه سياسة خاطئة والذريعة التي قدموها أن المشكلة بينهم وأن الفصيلين نالا 85% من الانتخابات، نحن نعتقد أن الأغلبية لا تعني إقصاء الآخرين، خاصة وأن هذه الأغلبية بطرفيها هي التي قادت شعبنا إلى هذه الكارثة. كما أن الانتخابات متحركة وليست ثابتة، من يريد أن يجعل من الأغلبية الراهنة قانونًا يحكم الشعب الفلسطيني إلى الأبد فهو لن يقود إلا إلى مزيد من الانقسام ومنطلقاته فئوية سلبية وضارة، فالحوار الثنائي يصعب عليه أن ينجح في الوصول إلى نتائج تستجيب لمصالح الشعب، وأفضل ما قدمته صيغة الحوار الثنائي كان اتفاق مكة، وهو الذي قادنا للصراع على السلطة وحدوث الاقتتال والانقسام، لقد انفردت قائمة الجبهة الشعبية بعدم منحها الثقة للحكومة التي أنتجها اتفاق مكة والتي أسموها زوراً بأنها حكومة الوحدة الوطنية، وقلنا أن هذه الحكومة يمكن أن تقودنا إلى مزيد من الاقتتال. هناك مثل معروف يقول quot;اللي ما بيجرب المجرب عقله مخربquot;، لا أعتقد أن الإخوة في حَماس وفَتح لا يعرفون هذا المثل لهذا استغرب لجوءهم معاً للحوار الثنائي بعيدًا عن طاولة الحوار الشامل، خاصة أن الصياغات الأولية التي يبحثانها معاً تشكل انقلاباً حقيقياً عن الإيجابي الذي تحقق في جلسات الحوار الوطني الشامل خاصة تشكيل حكومة توافق وطنية وإعادة تشكيل الأجهزة الأمنية على أسس وطنية ومهنية والانتخابات.

- ما هو دوركم في حل الصراع الدائر بين حركتي حماس وفتح ؟
منذ اللحظة الأولى ونحن نحاول إعادة الطرفين إلى جادة القاسم الوطني المشترك الذي نعتقد أن وثيقة الوفاق الوطني تُجسده وتُشكل أساساً صالحاً لتوحيد الكل الفلسطيني بما فيه الحركتين، قمنا بعدة مبادرات خاصة بالجبهة ومشاركة مع آخرين وعملنا بكل جد ومسئولية لإنجاح الحوار الوطني الشامل، ومارسنا نقدنا للحركتين لقناعتنا بأن الموضوع الرئيس بينهما هو صراع على السلطة، ما وصلنا إليه من جوامع مشتركة في وثيقة الوفاق الوطني والحوارات التي قطعت شوطاً مهماً في القاهرة عندما كانت حواراً شاملاً ارتدت على نتائجه الحركتان بحوارهما الثنائي سواء بالنسبة إلى حكومة الوفاق الوطني فاستبدلاها باللجنة الفصائلية التي تكرس الانقسام واستبدلا إعادة بناء الأجهزة الأمنية على أساس وطني وأسس مهنية بالقوة المشتركة، وارتدا عن الانتخابات التي أجمع الكل الفلسطيني على أن التمثيل المناسب هو حل للقانون النسبي المتوافق مع شعبنا بالبحث في حصة الدوائر وحصة التمثيل النسبي.
نحن نمارس دورنا بتقديم المبادرات وتقديم رؤية للمصالحة على أسس الإجماع التي توافقنا عليها جمعاً ثم بنقدنا لأخطاء الحركتين وبأشكال أخرى من الضغط الجماهيري مثل المهرجانات والمسيرات وغيرها.

- لماذا لم يستطع اليسار الفلسطيني وانتم جزء أساسي منه أن يشكل تحالفاً موحداً قوياً لمواجهة تصاعد شعبية فصيلي فتح وحماس؟
اليسار فصائل كما هي الحركة الإسلامية عموماً وغيرها من قوى البرجوازية الوطنية، ورغم أن القواسم المشتركة بين قوى اليسار تتيح مساحة واسعة للقاء، لكن هذا الأمر لم يتحقق بعد لأسباب فئوية وعصبوية ذاتية أو تنظيمية فقناعتي بأن الخلافات والتباينات السياسية وغيرها الموجودة فعلاً لا تحول دون توحيد اليسار أو تأطيره، ولا أريد أن أقدم حيثيات كذرائع تبرر عدم النجاح، هذا بالإضافة إلى ضعف أداء وإمكانيات قوى اليسار وملاحقتها من كل النظام العربي الرسمي على اختلاف نقده، وإذا وجدت داعمين لها في بعض الأقطار إلا أن اليسار ظل مطارداً من غالبية الأنظمة الرسمية لاقتناعهم بأن اليسار هو نقيضهم الفعلي.
وعلينا شق المجرى الذي ينقذ شعبنا من نيران الثنائية الضارة ما بين فتح وحماس، وفي كل الأحوال فإن عدم وصولنا للائتلاف اليساري المشترك لا يمنعنا من أداء دورنا بفعالية.

- ما رأيكم في تصريحات فاروق القدومي عضو اللجنة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية؟
هذه نتركها للجنة التحقيق الوطنية التي دعونا لتشكيلها منذ وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات، ودعونا مراراً وتكراراً لتفعيل هذه اللجنة وندعوها لمتابعة عملها، وندعو لانتظار نتائج التحقيق حتى لا تتعدد الاجتهادات وتتشتت الجهود وتضيع البوصلة وتنحرف لما هو سلبي وضار.

- هل هذا من شانه أن يؤثر على مجريات الحوار الذي ترعاه القاهرة منذ أكثر من عام؟
الحوار يجري بين قوى سياسية وليس بين أشخاص، مهما كان وزنهم وصفاتهم الرسمية والسياسية، فإن نتائج التحقيق تعكس نفسها على مسئولية الأشخاص.

- يقال بأن التنظيمات الفلسطينية خاصة قوى اليسار والأخرى التي تحظى بأغلبية أقل لا يُسمع صوتها إلا عند المحاصصة للحكومة، ما رأيكم في ذلك؟
الجميع يعرف أنه كان معروضاً على الجبهة كماً من الوزارات والمواقع السلطوية الأخرى التي تفتح الشهية وذلك في حكومة حماس الأولى واعتذرنا عن المشاركة، والسبب في ذلك خلافنا حول منظمة التحرير دوراً ومكانة وتمثيلاً وموقف حماس السلبي منها في ذلك الوقت مع ملاحظة أن موقف حماس من المنظمة تقدم بعد ذلك عن تلك المواقف بالاتجاه الصحيح.
وفي الحكومة التي أسموها حكومة الوحدة الوطنية رفضت الجبهة المشاركة في الحكومة لرفضها الاتفاق الذي أبرمته حركتا فتح وحماس بشأن الاتفاقات الموقعة من السلطة حيث نص الاتفاق في مكة على احترام تلك الاتفاقات وقلنا للحركتين أن تملص حماس من النص على الاحترام أوقعها، ويمكن أن يوقع العمل الوطني الفلسطيني فيما هو أسوأ، لأن الاحترام ينطوي على شيء من القبول والإرادة، ونحن لا نقبل إعادة التأكيد على التزامنا أو احترامنا لاتفاقيات نجمع على أنها اتفاقيات ظالمة ومجحفة.
كان هذا هو الأساس السياسي لرفضنا المشاركة في الحكومة بالإضافة لقراءتنا لذلك الاتفاق على أنه يؤسس لصراع أكثر عنفاً ودموية بين الحركتين، ولم يكن مقبولاً لنا أن نقدم غطاءاً شرعياً لمثل هذا quot;الاقتسامquot;.

- لو اتفق الفلسطينيون على إجراء انتخابات هل ستشارك الجبهة فيها؟ وهل ستشارك بأي حكومة مقبلة؟
إذا توفرت الأسس والآليات التي تحقق إجراء انتخابات ديمقراطية شفافة ونزيهة ونحتكم فيها بكل حرية للشعب وعلى أساس البرنامج السياسي والاجتماعي الذي نقترحه، فمن الطبيعي على هذه الأسس أن نشارك في الانتخابات وإذا توفر للحكومة برنامج ومهمات تحقق القاسم المشترك السياسي والاجتماعي الذي يحقق مصالح الشعب ووحدته، ويمكننا من التحرر ولو المتدرج من اتفاقيات أوسلو الظالمة وما بُني عليها، فمن المرجح أن يكون موقفنا إيجابياً، أي أننا لا نتبنى مواقف سلبية بشكل مسبق .

- ما هو موقفكم من التهدئة مع الاحتلال، وقد التزمتم بها وهذا يتناقض مع نظامك الأساسي كحركة مقاومة؟
التهدئة كسياسة هي سياسة خاطئة في ظل استمرار الاحتلال، وهو لا يمنع أي قيادة من أن تقرر تصعيد أو تهدئة أو توقف بعض أشكال النضال، لكن أي من هذه السياسات لا يجوز أن ي كون بالاتفاق مع العدو المحتل بشكل مباشر أو غير مباشر، طُرح هذا الموقف وفي كل مرة كنا نراعي عدم تحويله لعامل من عوامل مفاقمة التناقضات الداخلية الفلسطينية ودون أن يعني ذلك توقف الجبهة عن المقاومة، وفي هذه الفترة هناك سلسلة من العمليات التي قامت بها كتائب الشهيد أبو علي مصطفى رغم التكرار الرسمي للحديث عن التهدئة، مع تجنب العمليات التي تؤدي للاحتكاك مع حماس ما أمكن رفاقنا ذلك حتى لا تتسع دائرة الاقتتال الفلسطيني.

- كيف اثر الانقسام على قضية الفلسطينيين؟

الانقسام والاقتتال لم نعشه على امتداد صراعنا مع الغزاة (الصهيونية)، فمنذ ما يزيد عن قرن وربع لم تشهد العلاقات الفلسطينية هذه القسوة في قتال الأخر وقتله ولا هذه النتائج الكارثية التي وصلت إلى حد اقتتال الأشقاء في البيت الواحد، وهذا التفكك للنسيج الاجتماعي غريب ومنهك، وينبغي أن نعمل على أن يكون طارئاً وصفحة سوداء نعمل على إغلاقها وتمزيقها بأسرع ما نستطيع، وعلى الصعيد السياسي والكفاحي، فقد ألحق هذا الانقسام أفدح الأضرار على شعبنا ونضاله، فالمقاوم ملاحق في كل من الضفة وغزة لأسباب وذرائع تبدو مختلفة، ولكن جوهرها واحد، هو حماية السلطة هنا وهناك، والمفاوض في أضعف حالاته كما شكّل الانقسام غطاء للعجزة والمتواطئين مع العدو عرباً وغير عرب، وفتح الانقسام الباب واسعاً لإعادة إحياء المشاريع التصفوية لقضيتنا على اختلاف مصادرها ومسمياتها، باختصار فنتائج الانقسام كارثية في كل شيء.