ملكي سليمان من القدس، و يوسف صادق من غزة: ترك الغزو العراقي للكويت قبل 18 عاما، آثارا كبيرة على الفلسطينيين، خاصة بعد أن ربط الرئيس العراقي السابق صدام حسين، إحتلاله للكويت بتحرير فلسطين، الأمر الذي دفع بالكثير من الفلسطينيين إلى تأييد صدام، آملين أن تكون الصواريخ التي تسقط على المدن الإسرائيلية دون إسقاط قتلى quot; البداية لتحرير الأراضي الفلسطينية، لكن بعد 18 عاما، تغيرت الصورة لدى الكثير من الفلسطينيين وأدركوا أن تأييدهم لصدام لم يكن في مكانه quot;.

وتباينت آراء الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية حول احتلال دولة الكويت من قبل النظام العراقي السابق، مع اتفاق الغالبية على ان ما قام به صدام حسين كان خطأ تاريخيا دفعت الامة العربية ثمنه بشكل عام وكل من الشعب العراقي والفلسطيني والكويتي ايضا.

صدام حسين أعطى مبررا للولايات المتحدة

وقال الكاتب والصحافي جمال عبد الحفيظ 48 عاما من محافظة نابلس: ان احتلال العراق لدولة الكويت الشقيقة كان خطأ تاريخيا وان الشعب العراقي والكويتي والفلسطيني دفعوا ثمنا باهظا لهذا الخطأ مشيرا الى ان قيام صدام حسين باحتلال الكويت اعطى مبررا للاميركيين والدول الاجنبية لدخول منطقة الشرق الاوسط والسيطرة على ثرواتها بحجة الدفاع عن المصالح الغربية في المنطقة، مضيفا ان ذلك ايضا اشعل نار الفتنة بين شعوب المنطقة.

quot; لكني اعتبر صدام حسين بطلا قوميا حسب رأيي لانه هز الكيان الاسرائيلي بصواريخهما زال يجسد شخصية القائد العربي quot; في الوقت نفسه لا احد يؤيد الاحتلال خاصة احتلال الكويت تلك الدولة العربية الشقيقة الوحيدة التي وقفت في ما بعد مع منظمة التحرير الفلسطينية ودعمت القضية الفلسطينية ولا تزال حتى اللحظة تدعم شعبنا وسلطته بالمال وفي المحافل السياسية الدولية ايضا .

وخلص عبد الحفيظ الى القول : انه للاسف الشديد استطاعت اميركا ان توقع صدام في فخها من خلال احتلاله للكويت وبالتالي تمكنت من القضاء على العراق تلك الدولة التي كان جيشها من اقوى جيوش المنطقة.

quot;رفض لكل الاحتلال والاستعمارquot;

وقال اسعد حسين ضمرة 56 عاما والذي يعمل موظفا حكوميا: انه يرفض كل انواع الاحتلال والاستعمار لان شعبنا اكتوى بنار الاحتلال وعذاباته ولم يؤيد احتلال الكويت كذلك لم يكن يؤمن بالدوافع والمبررات التي ساقها صدام حسين لاحتلال الكويت.

quot; تخويف اسرائيلquot;

وقال بسام سعيد احمد 48 عاما والذي يعمل مدرسا لمادة التاريخ : ان صدام استطاع تخويف اسرائيل بعدما اطلق عددا من صواريخه البالستيه عليها وهذا الشيء اثلج صدورنا كفلسطينيين والعرب كافة ولكن للاسف الشديد تم تحريف هذا التأييد الفلسطيني لصدام على ان شعبنا يؤيد احتلاله للكويت وهذا غير دقيق والاعلام الغربي وبخاصة الاسرائيلي ساهم في تأجيج الخلافات بين الشعوب العربية .

quot; اين الدليل يا صدام quot;

وقال محمود الرفاعي 43 عاما : ان صدام حسين لم يثبت صحة ادعائه بان الكويت جزء او محافظة رقم 19 من المحافظات العراقية ولا يوجد اي وجه قانوني او تاريخية يؤكد كلامه وبالتالي فانه باحتلاله للكويت ارتكب جريمة وانتهك ميثاق جامعة الدول العربية الذي يحرم اعتداء دولة عربية على اخرى وهي عضو في جامعة الدول العربية كما لا يجوز لاي دولة عربية ان تحتل دولة اخرى, ونحن كفلسطينيين لا احد ينكر فينا الجميل الذي قامت به الكويت وشعبنا مع منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني ككل وكان يفترض حل مسألة خروج القوات العراقية من الكويت بتدخل عربي دبلوماسي دون اللجوء الى القوة او الاستعانة بالاساطيل الحربية الغربية، مشيرا الى ان اسرائيل استفادت بطبيعة الحال من حالة التشرذم العربي التي اعقبت احتلال الكويت وايضا استراحت اي اسرائيل من وجود دولة ذات قوية عسكريا ومتقدمة علميا كذلك.

quot; فقد مصدر رزقهquot;

واخيرا قال سليمان ابو المجد 48 عاما الذي عمل مراسلا صحافيا مع صحف كويتية: انه مع اندلاع الحرب ودخول العراق الاراضي الكويتية فقدت وظيفتي مع تلك الصحف وبالتالي فقدت مصدر رزقي الوحيد واضطررت الى اغلاق مكتبي الصحفي في مدينة رام الله بعد ان تكبدت خسائر تقدر ب 3000 دينار اردني اجرة للمكتب والمصاريف الاخرى عدا عن عدم حصولي على راتبي من الصحف نتيجة للحرب .مشيرا الى ان هذه المناسبة يجب ان تكون عبرة للدول العربية وان يستفيد العرب منها متمنيا ان لا تتكرر مرة ثانية مع اي دولة عربية.

أيام عصيبة

quot;كانت أيام عصيبة جداً عليناquot;. هكذا قال فريد شاهين مدير شركة في غزة الآن. وأضاف لإيلاف quot;كنت يومها لا أتجاوز عشرين عاماً، لكن الحرب التي دامت لأكثر من 40 يوماً، كانت عصيبة علينا بشكل كبير في غزةquot;.

ولم يخف شاهين quot;34 عاماًquot; أن أعمال والده تقلصت تماماً. وقال quot;لا يُعقل أن يدك صدام حسين إسرائيل لمجرد إحتلاله لدولة شقيقة. لقد كنا نحن الفلسطينيين ضحايا تلك الحرب الهوجاء، وبتنا طرفاً دون أن تكون لنا طاقة ولا بعيرquot;.

وتعد القضية الفلسطينية، قضية محورية عند الدول العربية. واستغل صدام حسين التعاطف الكبير للحكومات والشعوب العربية لتلك القضية، وربط إحتلاله للكويت بنيته تحرير فلسطين.

وقال شاهين quot;علاقتنا كشعبين بين الكويت والفلسطينيين هي علاقة متينة جداً، على الرغم من الموقف السلبي من منظمة التحرير الفلسطينية تجاه إحتلال العراق، فلا أحد ينسى أن الكويت هي الدولة الأولى التي رعت إنطلاقة المنظمة، وإنطلاق حركة فتح، كبرى الفصائل الفلسطينيةquot;.

ونوه شاهين إلى أن الكويت هي الدولة الثانية التي إعترفت بالدولة الفلسطينية، وبقيت طوال فترة النضال الفلسطيني لتحقيق دولته تدعم الموقف والتوجه الفلسطيني السياسي. وقال quot;يجب أن نكون واضحين تماماً بخصوص موقفنا الطبيعي وعلاقتنا مع شعبنا الكويتيquot;.

الخوف من صواريخ صدام

وقالت منال خميس quot;38 عاماًquot; إنها عاشت أجواء الحرب على الرغم من وجودها في قطاع غزة. وأوضحت لإيلاف quot;إضطررنا لأن نغلق معظم أبواب منازلنا ونوافذنا بلاصق قوي، خوفاً أن يضرب صدام صواريخ كيماوية. لقد كنا جميعاً في حالة إرباك شديد، لكن الحمد الله إنتهت الحرب وتحررت الكويت الشقيقةquot;.

وعاش إبراهيم عبد القادر quot;37 عاماًquot; أجواء الحرب في العراق ذاتها. وقال عبد القادر الذي يعيش الآن في دولة أوروبية، إنه هرب من جحيم الحرب التي إندلعت دون داعٍ. وأضاف لإيلاف عبر الهاتف quot;أحمد الله أنني هربت وأسرتي للنروج، وها نحن نعيش حياتنا بشكل رائع، وبنينا علاقات طيبة مع كافة الجاليات العربية التي تعيش في المنطقةquot;.

ويحكي إبراهيم تجربته المريرة التي عاشها داخل العراق خلال فترة إحتلال العراق للكويت. وقال quot;الحقيقة أن الفلسطينيين زج بهم في أتون الحرب دون أن تكون لهم ناقةً بذلك. وبات الفلسطينيون محط أنظار سلبية جداً في الدول العربيةquot;.

ويشير محمد عمران quot;39 عاماًquot; إلى أنه اضطر إلى إغلاق محله الذي يعتبر مصدر رزق له ولأسرته، طوال تلك الحرب. وقال لإيلاف quot;أغلقنا محلاتنا لمدة 40 يوماً وجلسنا في بيوتنا طوال هذه الفترة على أعصابنا، كنا نخشى في أي لحظة أن نموت من صاروخ يصل غزة بالخطأ، إلا أن الله من علاه حفظنا من أي مكروهquot;.

وأضاف عمران الذي يملك محل ملابس وسط مدينة غزة quot;كان من الضروري أن يذهب الرئيس محمود عباس للكويت وأن يعيد العلاقة الطبيعية بين الشعبين لما كانت عليهquot;.