بعد أن نظم متحف أورسي الفرنسي، أواخر العام الماضي، معرضا هو الاول من نوعه في التاريخ وفي العالم كرسه لموضوعة البغاء ونجح في استقطاب اهتمام جمهور واسع غير انه اجتذب ايضا لعنة نقاد فن كثيرين ، يعرض الآن في متحف فان غوغ بامستردام &وسيستمر حتى منتصف حزيران من هذا العام وينقسم إلى أربعة أقسام: "اللايقين والالتباس"، "بهاء المومسات"، "في الماخور: من التطلُّع إلى الإغراء" و"الفجور في اللون والشكل". وعنوانه تم تركيبه من عبارة شائعة &Easy Virtue تطلق على"المرأة القَرور" غير المحمودة السمعة. يضم المعرض عشرات اللوحات والرسومات عن موضوعة البغاء خلال الفترة الممتدة بين 1850 - 1910 استعار المتحف بعضها من متاحف شقيقة في مختلف انحاء العالم. وتحمل بعض اللوحات تواقيع فنانين ورسامين كبار من أمثال ادوارد مانيه وادغار ديغا، فان غوخ وبول سيزان وفنسنت واندريه دوران وهنري دو تولوز لوتريك وبابلو بيكاسو والعديد من معاصريهم ممن كانوا اقل شهرة منهم. &
يبدو أن متحف أمستردام لم يتعرض إلى الآن، كما تعرض متحف اورسي، الى انتقادات واسعة بسبب هذا المعرض ذي ثيمة مثيرة للجدال. ويجب أن نتذكر أن متحف اورسي تعرض إلى نفس الانتقادات في الأعوام الماضية حين خصص معرضا لـ"التأثير الفني لماركيز دو ساد" ولثيمة العري لدى الذكور وهو ما اثار لغطا &واسعا حينها. وبمناسبة انتقال المعرض الى هولندا، نقدم هنا تلخيصا لأهم الانتقادات التي وجهت إلأى متحف اورسي المتعود على معارض جريئة كهذه:
&
أقر نقاد فن فرنسيون بأهمية الاعمال المعروضة غير انهم عبروا ايضا عن استيائهم من الثيمة واتهم أحدهم المتحف وصالات عرض باريسية اخرى باستعطاف اهتمام الجمهور من خلال موضوعة الجنس والبغاء.&
ووجه ناقد فني هو هاري بيليه انتقادا كبيرا لمتحف اورسي في مقال نشره في صحيفة لوموند قال فيه إن المتحف يتصرف مثل دار سينما ريفية مفلسة في فترة سبعينات القرن الماضي واضاف "كانوا يعرضون فلما اعتياديا واحدا لاسبوع ثم يعوضون خسائرهم بفلم اباحي في الاسبوع اللاحق" وتساءل "هل وصلنا الى هذا المستوى المتدني في التعامل مع الفن؟".
وكتب الناقد الفني والقاص فيليب داغان يقول "الكل يعلم ان ميزانيات الثقافة تنكمش على الدوام ولكن هل من الضروري بالفعل اجتذاب جمهور بعرض نساء عاريات في اوضاع مخزية وأجسام رجال بعورات مكشوفة؟".
&
شرعية ومهمة
غير ان متحف اورسي دافع عن نفسه امام هذه الاتهامات والانتقادات وقال مديره غوي كوجيفال إن الهدف من تنظيم هذه المعارض هو تنشيط الحركة الفنية بالاعتماد على الثيمة واضاف "ما عاد الجمهور يرغب في زيارة معرض لا يحكي قصة" ثم اضاف "ثم لا ننسى أن موضوعة البغاء في نهاية الامر شرعية تماما".&ونبه كوجيفال الى أن "الرسام مانيه والكاتب موباسان مثلا ماتا بمرض السفلس لانهما كانا يمضيان اكثر اوقاتهما في دور البغاء ما يعني ان هذه الاماكن كانت مهمة بالنسبة للفن والادب في تلك الفترة"، حسب قوله.&ويقول مؤرخون إن مدينة باريس شهدت فترة ازدهار في الدعارة والبغاء خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر بعد ان تضاعف عدد سكانها في غضون فترة قصيرة لا تزيد على عشرين عاما لتصبح اكثر المدن شهرة في العالم في هذا المجال. وكانت السلطات تغض الطرف في ذلك الوقت عما يجري في الشوارع بعد منتصف الليل وتتساهل الى حد بعيد مع ظاهرة استعباد النساء واستغلالهن في دور بغاء مرخصة او غير مرخصة على حد سواء.&

تمرد
وعُرف فنانون كثيرون في تلك الفترة بطرحهم موضوعة البغاء في لوحاتهم وهو ما يعزوه نقاد فن الى رفضهم الصيغ المألوفة بما في ذلك الطريقة التقليدية في رسم نساء عاريات.&وكتب رتشارد تومسون استاذ الفن في جامعة ادنبره واحد القائمين على معرض متحف اورسي في دليل المعرض يقول إن التطرق الى موضوعة البغاء كان بمثابة "ثورة حداثوية" بالنسبة للانطباعيين غير أنه اقر بان بعض اللوحات والرسومات الرائعة من وجهة نظر فنية، طرحت فكرة غير واقعية عن حياة البغايا وحولتها الى قصة رومانسية رغم ان هؤلاء النسوة سواء اللواتي كن يصطدن الزبائن في الشوارع ام يستقبلنهم في منازل مغلقة لم يكن يسمح لهن بمغادرتها على الاطلاق، كن يعشن ويعملن في ظروف بائسة ومرعبة للغاية"، حسب قوله.
&
&