&
انطلقت الثورة الفرنسية مبنية على أسباب عدة أهمها مواجهة حكم الفرد المطلق والعمل على المساواة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتطلع نحو الحرية. كانت للثورة الفرنسية تأثيرات عميقة على اوروبا والعالم الغربي بشكل عام فساهمت في صعود الجمهوريات والديموقراطيات وتطور من خلالها ومعها الأيدلوجيات السياسية الحديثة كالليبرالية والراديكالية والاشتراكية والقومية والعلمانية ومفاهيم اخرى عديدة متعلقة بالأفكار السياسية التى بدأت تتصدر تجارب التغيير الأخرى.&
&
تعرضت الثورة الفرنسية الى ثورة مضادة شرسة من خلال حركات تمرد ضدها فى هذا التوقيت ودعما للملكية قبل ان يحاصرها النظام الجمهورى المنتصر للثورة ويهزمها. أثرت الثورة المضادة بشكل كبير على الاقتصاد الفرنسي آنذاك فارتفعت الأسعار وضاق الحال بالعمال والفقراء وتزايدات الأعمال المعادية للثورة, مما شجعت تلك الظروف أنصار نادى اليعاقبة للوقوف ضد الثورة والقيام بانقلاب برلمانى والاستيلاء على السلطة مدعومين بالقوة الشعبية ضد فصائل الحكم انذاك . وباتت سياسة فرنسا بعد سيطرة اليعاقبة أكثر راديكالية.
&
انتقلت الثورة بعد ذلك لما عرف بعهد الارهاب فتم اعدام اكثر من سته عشر الف شخص باستخدام المقصلة وفي اقوال اخرى اكثر من ثلاثين الف سجين تم اعدامهم او ماتوا نتيجة لظروف السجون ومات عدد كبير من الناس نتيجة لارائهم السياسية او مجرد الاشتباه فيهم. مرت الثورة الفرنسية بعدة مراحل منها المرحلة الملكية الدستورية تأسست فيها الجمعية الوطنية وتم وضع دستور للبلاد ثم بعد ذلك المرحلة الثانية التى تمثلت فى بداية النظام الجمهورى وتصاعد تيار الثورة واعدام الملك والمرحلة الثالثة التى شهدت تراجع التيار الثورى وسيطرة البرجوازية المعتدلة على الحكم وتحالفها مع الجيش وبزوغ دور نابليون بونابرت الذى قام بانقلاب عسكرى أسس لنظام حكم ديكتاتورى توسعى.
&
كانت للثورة الفرنسية نتائج عظيمه حيث ساد النظام الجمهورى وتم فصل الدين عن الدولة وأقرت المساواة وحرية التعبير وتم القضاء على النظام القديم وتحرر الاقتصاد والغيت الحقوق الاقطاعية وامتيازات رجال الدين وأرست العدالة الإجتماعية.
&
عندما ننظر الى ثورة الخامس والعشرين من يناير فى مصر وان كان مازال أمامنا الكثير من الوقت حتى نستطيع ان نرى الصورة كاملة الا اننا نستطع ان نشارك ملامح كثيرة منها تتشابه مع الثورة الفرنسية من حيث أسباب اندلعها وتطورها والثورة المضادة وصعود الارهاب.
&
اندلعت ثورة يناير ضد حكم مبارك ( حكم الفرد المطلق ) حيث تم فى عهده تأميم المجال العام وقمع اصحاب الرأى فتم اعلان وفاه الحياة السياسية كم شهد عصر مبارك الغياب التام للعدالة الاجتماعية وسيطرة حاشية مبارك على الاقتصاد فأصبحت الممارسات السياسية والاقتصادية حكر لأشخاص بعينهم مرضىي عنهم من مبارك ونظامه بجانب ارتفاع نسبة حالات التعذيب فى اقسام الشرطه ووفاة مواطنين على ايدى ظباط من الداخلية واسباب عدة أدت الى خروج الشعب المصرى بالملايين ضد مبارك ونظامه ليجبروه على التنحى وترك السلطة.&
مرت ثورة يناير بمراحل عديدة ايضا مثل حكم المجلس العسكري الذي حاول امتصاص غضب الثوار وتهدئة الغضب العارم الذى يسيطر على الشارع المصرى قبل ان تندلع احتجاجات واسعه من الثوار ضد المجلس العسكرى الذى شن مواجهة عنيفه مع شباب الثورة ادت الى سقوط حالات وفاة عديدة لشباب الثورة فى احداث ماسبيرو ومحمد محمود والعباسية. ثم بعد ذلك مرحلة حكم الاخوان الذين شاركوا فى ثورة يناير والتى لم تستمر طويلا نظرا لأخطاء جسيمه ارتكبوها فى فترة حكمهم ادت الى خروج الملايين ضدهم فى الثلاثين من يونيو وقام الجيش بمساندة الاحتجاجات واعلان انهاء فترة حكم مرسي وجماعه الاخوان ثم المرور الى مرحلة انتقالية برئاسة عدلى منصور رئيس المحكمه الدستورية الذى شكل لجنة الخمسين لتعديل الدستور ثم وصول وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي الى الحكم.
&
واجهة ثورة يناير ثورة مضادة قاسية حاربت الثورة وشوهت الثوار وحاصرت مبادئها ودافعت عن نظام مبارك ورموزه. كما انتشرت الاعمال الارهابية وارتفعت اصوات العنف والعنف المضاد وبدأ يضيق الحال بالفقراء والعمال من ارتفاع الأسعار وعودة رموز نظام مبارك للمشهد مرة أخرى وتطبيق نفس السياسات القديمة.
&
اتسمت ثورة يناير بعظمة مبادئها وشعاراتها التى تمثلت في الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية والتى اصبحت ملهمة للكثير من شباب الوطن العربي والغربي المتطلعين للديموقراطية والعدالة فشهدت ميادين اسبانيا احتجاجات عديدة للشعب الاسباني احتوت لافتات تحي شباب ثورة يناير وميدان التحرير كما شهدت شوارع العاصمة اللبنانية بيروت ترديد هتافات تشبه ما نادت به ثورة يناير وغيرهم من الشواهد المتعلقة بتأثير ثورة يناير ومبادئها فى المحيط الخارجي.
&
لم تحكم &ثورة يناير حتى الان ومرت بمراحل عديدة تشبه مراحل الثورة الفرنسية من تطورات راديكالية وثورة مضادة وتصاعد للارهاب وتراجع للاقتصاد بالرغم من اختلاف الزمان وتصارع الاحداث طبقا لأدوات العصر الحديثة ولكنها ايضا تشاركت مع الثورة الفرنسية فى اسباب قيامها وعظمة افكارها وتأثيرها على المحيط الاقليمى والخارجى ومن المؤكد انها بالتأكيد ستنتصر لأفكارها ومبادئها حتى وان لم تسطيع الوصول الى الحكم حتى الان.
&