&
في مجتمع يرفض رؤية الشمس. و’يفضل العيش في الظلام، في متناقضات وعزلة عن العالم من حولة. الكاتب اليمني الجنسية علي المقري في روايته "حرمه" التي تسببت في حرمانه من وظيفته وجلبت له نقمة المجتمع اليمني، وربما نقمة كل المجتمعات العربية الإسلامية فيما لو قرأت الرواية ولم تثق في هدف الكاتب او حسن نيته. كل هذه المجتمعات منعت الرواية تحت ’مبرر الوقاية خير من العلاج؟؟&
’يبيّن المقري الأرضية الحسية التي يتشارك فيها كل البشر ويعترف بها العالم أجمع. بينما لا زالت غير ’معترف بها ومنكرة في المجتمعات المحافظة التي تقوم على بيئة متدينة ملبوسة بالنفاق. ويبين مخاطر هذه العزلة والحرمان الجنسي في تكوين شخصيات مريضة تهدد مجتمعها وتهدد العالم من حولها؟؟؟&
&
علي المقري كسر كل التحديات والمحرمات والممنوعات في المجتمعات العربية وإن تفاوتت حدتها واختلافها من مجتمع لآخر إلا أن الرابطة الدينية التي تربط هذه المجتمعات تبقى، وتتحكم بالمرأة من خلال الارتباط التام ما بين الثقافة المجتمعية وارتباطها العضوي بالدين. بحيث تتوافق الأحكام المجتمعية الظالمة للمرأة مع الأحكام الدينية وتعيق أي تطور أو تقدم في هذه المجتمعات!!&
في لغة إباحية لم يعتدها القارئ العربي كتب بجرأة متناهية وصادمة عن الرغبات الجنسية المحرمة والممنوعة على المرأة. إلا أنني أعتقد أن ذلك لن يوقف القارئ الواعي من مسابقة الزمن والاستمرار في القراءة لإنهاء الرواية..&
تحدى الكاتب كل المخاطر في اقترابه من محرمات الدين والجنس والسياسة!! اعترف بما لا يدع مجالا للشك بالحاجة الفسيولوجية الطبيعية والمساوية للغذاء والشراب وغيرها من الحاجات الفسيولوجية للجنس سواء للرجل أو للمرأة!!&
تبدأ الرواية بالتناقض الكبير ما بين شخصية أختين من أب وأم واحد، نشأتا في بيت محافظ. تتمرد إحداهما وهي الواضحة الاسم والمعالم " لولا "، تتقوقع الأخت الثانية في استسلام إرادي في خنوع وخضوع ولفلفة عباءة سوداء تحجب نور الشمس والحياة، تطيع الجميع. وتفقد من خلال هذه الطاعة كل حقوقها في الإختيار وفي الحياة وحتى في الاسم.. ’حرمت حقها في الطفولة منذ بلغت سن الثامنة، وضرورة تزويجها في هذا العمر كسنة واجبة أسوة بزواج النبي بعائشة. في هذا العمر أصبحت حرمه معزولة في عالم ’مسيّج و’مغلق الأبواب.. فهي حرمه وعورة في جسدها وحتى في صوتها!!&
القصة تؤكد أن الاستقلال المادي يضمن الحرية بدليل سكوت الأب حتى عن التساؤل عن ماهي طبيعة عمل ابنته لكي تمده بكل هذا المال. وعن غيابها وسفرها المتواصل والمتكرر؟؟&
يدخل الكاتب في نقد الخطاب الديني والسياسي من خلال نقده للفتاوي وتنوعها وتلذذها في إهانة المرأة كما في فتوى إرضاع الكبير!!
وفي مجتمع مفروض فيه حمل خصائص المجتمع الإسلامي خاصة في الستر والحفاظ على حرمة الأعراض والعلاقات الزوجية. ’يبين كيف وصل النفاق المجتمعي حد الاستهتار حين تلصص أحد الجيران على رجل وزوجته غير عابىء بنتائج تصويرهما خلال ممارستهما العملية الجنسية حين سلّط الكاميرا على المرأة بينما لم يوضّح معالم الزوج مما قضى على المرأة وعلى الزواج كليا؟؟؟&
كل شيء في الرواية يرتبط بالدين بما يؤكد معرفة الكاتب الواسعة وإلمامه الكبير بامور الدين والتفسيرات الفقهية لوضع المرأة. بدءا من اللثمة والعباءة والضحك وأكل البعض من الفواكة والخضروات حتى النكته كلها تخضع للضوابط الدينية؟؟ بحيث لم يتبقى للمرأه الإنسان سوى أن تتحرك آليا وتعيش بلا أحاسيس ولا عواطف ولا تعاطف. عذراء قانتة ترضى بالحرمان من كل شيء حتى جوع الرغبة؟؟؟ هل هو خوفا من المجتمع فقط، لا أعتقد فالخوف من الله الذي يتلبسنا صغارا وكبارا هو ما يكتم الصوت والحس والرغبة!!!
لم يكتفي الكاتب بطرق أبواب كل الممنوعات بل وبجرأة وصل إلى نقد التجربة الجهادية وعبثيتها بدءا من عمليات وأدعية التحريض على الآخر المختلف، إلى ترك كل شيء في الحياة من أجل الشهادة في سبيل الله وملاقاة الحوريات!! وكيف يكمن جهاد المرأة في حسن تبعلها لزوجها؟؟؟&
رسم الكاتب صورة مماثلة لما درسناه عن الغزوات قبل 1400 سنة وما يحدث فيها من قتل وتمثيل ورعب. ثم عبثية هذا الجهاد في هذا الزمان فحين يستعمل ما نسميه بالعدو لتكنولوجيا القتال المتطورة التي تحصد الأرواح في ثوان، نستعمل قوة أقل كفاءة وأقل فتكا وبالتالي تكون الشهادة أسرع لملاقاة الحوريات برغم العجز الجنسي في الدنيا. ’ترى هل سيختفي هذا العجز في الآخرة؟؟ وحين يتمتع الرجل بالحوريات، أين نصيب المرأة إذا كنا نتشدق بالمساواة؟؟؟&
الكاتب وإن أعطى الجهاد والتطرف الديني حيزا في الرواية. إلا أنه أبقى على الأصل في الرواية واضحا وضوح الشمس. وهو أثر الحرمان الجنسي للمرأة على توازنها النفسي والعقلي تماما كما قد يحدث مع الرجل..
ومن خلال الصفحات كلها ترى القضايا المطروحة بقوة في المنطقة العربية.. والتي لا يمكن إيجاد حلول لها من خلال الدين. ترى هل كان الكاتب يدعو إلى الحريات كحل للتوازن النفسي في المجتمعات العربية أم أنه كان يؤكد بأن الحل الأمثل للخروج من النفاق المجتمعي والكذب والافتراء هو فصل الدين عن الدولة. لا أدري كل ما أعلمه بأن فضح المستور في المجتمعات العربية!!!!&

&