&يقام حالياً في موناكو، على شاطئ الريفيرا الفرنسية، واحد من أهم المعارض في أوروبا، خلال العام الحالي، للرسام فرانسيس بيكون. &

4ويكشف المعرض الضخم الذي يقام خلال موسم الصيف الحالي، في كوستا أسول، عن مدى التأثير الجلي الذي تركه كل من فيلاسكيز وبيكاسو، وليساهما عبر فنهما في إنجاب فرانسيس بيكون، الذي أقام ما بين لندن وباريس وموناكو، والذي يعدّ أحد أبرز ألرسامين العالميين خلال النصف الثاني من القرن العشرين، والفنان الأكثر إثارة للقلق في وقته، وحتى يومنا هذا.

وتحت عنوان "فرانسيس بيكون. موناكو والثقافة الفرنسية"، يحتضن مركز المؤتمرات والحفلات "غريمالدي فوروم في موناكو"، ما بين 2 يونيو/ حزيران وحتى 4 سبتمبر/ أيلول المقبل، وفي قلب كوستا أسول، معرضاً فنياً يعدّ بمثابة رحلة إلى أكثر الجوانب حميمية في شخصية بيكون، من خلال أهم أعماله الفنية.&
ويوجز مارتن هاريسون، المشرف المسؤول على المعرض، ومؤلف الكتالوج الصادر حديثاً، والمخصص لأعمال بيكون، دور موناكو وباريس، كمصدر أساسي لشحذ الهمة الإبداعية للفنان، مستنيراً برسامين عملاقين: "شرع بيكون ببلورة أفكاره حول الفن بشكلٍ متكامل، في موناكو، بين الأعوام 1946 و1949. لقد فقدنا الجزء الكبير من الأعمال التي تعود إلى تلك السنوات. غير أنه في موناكو، وبالذات في تلك الأعوام، كانت قد تشكلت أفكار ورؤى بيكون حول البنية والروح البشرية". ووفقاً لأصحاب الإختصاص، أن إكتشاف بيكون لبيكاسو في باريس عام 1927، كان شأناً حاسماً في العملية الإبداعية لدى الرسام، البالغ من العمر 17 عاماً، في ذلك الوقت. وكذلك، أن العلاقة بين بيكاسو وبيكون تشكل فقرة أساسية ضمن أعمال الفنان الأنكلو- إيرلندي.
وبالإضافة إلى تأثير بيكاسو الواضح في أعمال بيكون، فقد ترك الإسباني دييغو فيلاسكيز، هو الآخر، بصماته واضحة في منجزات هذا الرسام، عندما نفّذ أعماله الأولى حول البابا إينوسنت العاشر، عام 1946 في موناكو. إذ يعتبر من أبرز الموضوعات التي تناولها بيكون في أعماله الفنية، بحيث خصص له 50 لوحة من أعماله الفنية، على مدى عقودٍ عدة. أن هذا التأثير للفن الإسباني العظيم على أعمال بيكون، كان أعطى ثماره في موناكو، التي تقع على مبعدة كيلومتراتٍ قليلة من المكان الذي توفي فيه غارسيلاسو دي لا فيغا، بعد مرور قرونٍ، في ضواحي مدينة نيس.
ومما لا شك فيه، أن تأثير باريس، والثقافة الفرنسية وموناكو في بيكون له أوجه عديدة أخرى. لكن، عرض لوحة &"الصلب" 1950، و"إينوسنت" 1949، في "غريمالدي بوروم"، يؤكد، وبصورة جلية، مدى التأثير الكبير للفن الإسباني في أعمال هذا الرسام.
أن لوحات الصلب لبيكاسو وبيكون تعتبر من أكثر الحوارات درامية في فن القرن العشرين. حيث نرى كيف يتحاور بيكون مع البابا إينوسنت لفيلاسكيز من أجل إعادة قراءته على ضوء مراكز الصلب، والمذابح، ومآسي الحضارة الأوروبية في القرن العشرين.
ويتناول مارتن هاريسون، المشرف على المعرض الإستعادي، دور باريس وموناكو في تأهيل الفنان، وفي أعماله أيضاً، قائلاً: "كان فرانسيس بيكون فناناً عصاميا. وإلى حدٍ ما، تعلم الرسم من خلال الفن الفرنسي: التقاليد العظيمة والمتبعة في المدرسة الكلاسيكية في الفن ، عبر إنغرز، وتكنيك سيزان، والحس المأساوي لفان كوخ، وقدرة غوستاف كوربيه العالية للعراة، وإستخدام الألوان لبونارد... من دون أن ننسى حضور بصمات ديغاس، وومونيه، وساوتاين، وجورج سورا، وسوتين، أو صديقه ألبرتو جياكوميتي".&
وأما الجانب الذي لم يسلط الضوء عليه بصورة واضحة، فيما يتعلق بحياة بيكون الشخصية، قبل فترة طويلة من ميوله الجنسية ووجهة نظره المضطربة تجاه الإثارة الجنسية، ربما يكمن في علاقته بالقمار، وليس فقط الروليت. عادة لعب القمار التي كان ورثها عن والده.
&
ويلخص بيكون هذا الجانب المخفي من ميوله الشخصية في كتاب الأحاديث مع ديفيد سيلفستر، 1966، "أتذكر، أنه في إحدى المرات كنت مجبراً على البقاء لفترة أطول في مونتي كارلو، لأسبابٍ عدة. إبتداءاً من المدخل، كنت مفتوناً بالكازينو، حيث كنت أمضي أياماً بأكملها في اللعب هناك. إعتدت أن أصل الساعة العاشرة صباحاً، وكان بمقدوري أن أبقى حتى الساعة الرابعة من صباح اليوم التالي. وفي إحدى المناسبات، خسرت كل شئ، حتى القميص. وعدم مبالاتي هذه بنفسي، وهذا الإفتتان باللعب، أعانني على إستكشاف أعماق كياني".
وأقام بيكون في مناسباتٍ عدة في موناكو/ مونتي كارلو، متنقلاً ما بين لندن، وباريس ، ومدريد التي توفي فيها. وعندما كان على قيد الحياة، في عام 1971، إحتضن "غراند بالاس" الباريسي، في قاعته، معرضاً إستعادياً، في غاية الأهمية، وفريداً من نوعه: ولم يكن قد تلقّى سابقاً، مثل ذلك التكريم، من الفنانين الأحياء سوى بيكاسو، في عام 1960. وإلى حدٍ ما، أن معرض "فرانسيس بيكون. موناكو والثقافة الفرنسية"، يعدّ مكملاً أساسياً لذلك المعرض.&
وقبل أقل من نصف قرن، كان بيكون قد تلقى تكريماً في "غراند بالاس" على مجمل أعماله الفنية. وفي "غريمالدي فوروم" اليوم، يتم تكريمه على البذور الأولى التي أثرت في فنه، ونقصد بذلك بيكاسو، وفيلاسكيز، الفن الإسباني والفن الفرنسي العظيمين، في محاولة لإستعادة الجنة المفقودة، في الريفيرا الفرنسية، حيث تكمن أصداء غارسيلاسو، المنفي، ما بين نيس وموناكو- مونتي كارلو. & & &&
&